أحداث الثانوية العامة وملحقاتها, مازالت تسيطر علي حياة الأسرة المصرية. اشتباكا واختلافات في حاجة إلي من يستطيع فكها. فبعد أن كانت الشكاوي منصبة علي صعوبة بعض الامتحانات, وأخطاء في بعض الأسئلة ومحاولات الغش المتناثرة في بعض اللجان والعنف في محاولات الغش بالإكراه بعد انتهاء كل ذلك تحددت المشكلات فيما حدث لبعض المراقبين أثناء امتحانات الثانوية العامة, فقد وصل عدد الذين توفوا من المراقبين إلي ستة أفراد, وأضيفت لهم طالبة.
وأعتقد أن هذه أول مرة يتعرض لها المراقبون لهذا الحدث. وتفقد ستة أسر عائلها, ومراقبون من سوهاج والأقصر وبعض مدن الصعيد شق عليهم الأمر وعانوا معاناة شديدة وصارعوا من أجل الاستمرار والبقاء وفشلوا وانتهي الأمر إلي فقد الحياة, هؤلاء المراقبون الذين لبوا النداء وقاموا بمهمتهم وسط لهب الجو المتعد ماتوا أو نستطيع أن نقول استشهدوا أثناء قيامهم بمهمتهم. والسؤال كيف يتم تعويض هؤلاء الشهداء؟ وكيف سوف تعيش أسرهم بعد فقدهم رب الأسرة وحاميها وفقدها من العوز والجوع؟ ومن يعوض زوجاتهم اللواتي أصبحن أرامل؟ ومن يرعي أطفالا صغارا وكبارا فقدوا العائل والحامي وفقدوا الأمان؟ وقد سمعنا أن بعض هؤلاء الضحايا توفوا بسبب الإهمال. فبعضهم لم يستطع أن يدخل مستشفي للعلاج وإنقاذ حياته من الضياع بسبب اللوائح التي لا تسمح بذلك والنظام والقيود, فلتذهب اللوائح والقيود إلي الجحيم إذا تسببت وتقاعست عن إنقاذ مريض ملهوف وهو علي شفا الموت وفقدان الحياة, أين ذهبت الإنسانية والمعاملة الآدمية, كيف تحجرت القلوب. وتضاخمت العيون عن الرؤية وضاع تفكير العقل عن إنقاذ إنسان في وجه الخطر ومن سيعوض هذه الأسرة المنكوبة وأي تعويض مهما بلغت قيمته سوف يعوض عن عائل الأسرة وسوف يلبي احتياجات أفرادها, بالتأكيد هي تعويضات مهما بلغت هزيلة, فالإنسان هو أرخص شئ في المعاملة, ثمنه بضع مئات من الجنيهات أو بضعة آلاف سوف تذهب مع الريح أمام الغلاء الفاحش وطلبات واحتياجات أفواه تحتاج إلي الطعام وأجساد تحتاج إلي الكسوة والملبس وبيوت مفتوحة في حاجة كل يوم, هؤلاء الضحايا أو الشهداء ماتوا بسبب فقد الإحساس والمشاعر والمعاملة الإنسانية والآدمية, وأمامنا في القنوات الفضائية صور تؤكد هذه الاتهامات, رأينا استخدامات لا تصلح للمعيشة الإنسانية, وسمعنا من صرخوا من النساء المكلفات بمراقبة الممتحنين وهم يؤكدوا علي العذاب الذي يعانونه. فالاستراحات في الدور الثالث بينما دورة المياه في الدور الأول, وهذه الاستراحات سيئة التهوية وبعد محاولات وتوسلات أحضروا لهم مروحة لا تكاد تفني مع حرارة الجو الخانقة. ولا يوجد من يقوم بالخدمة, إلي جانب العدد الكبير وتكدسهم في أماكن ضيقة.
لقد تعامل السيد أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم بحزم وجدية والتزام مع المسئولين المهملين في المدارس أما هؤلاء المدرسين الذين انتدبوا للقيام بمراقبة الممتحنين فيحتاجون إلي المعاملة الإنسانية وأن يرعي المدرسين ويعوض شهداء الامتحانات التعويض المناسب الذي يجنب أسرهم ذل الحاجة والاحتياج التعويض الذي يقدر قيمة الإنسان وجهده وعطائه الذي استمر حتي الموت..
وهناك أشياء كثيرة يجب أن تتغير بهدف رفع المعاناة عن هؤلاء الذين يوكل إليهم مهمة مراقبة الممتحنين وتصحيح أوراق الإجابة لأن الكثيرين منهم يعملون في ظروف سيئة وبعيدة عن الراحة والإنسانية, ويعانون دون أن يفكر أحد في تغيير هذه الظروف التي تتكرر كل عام.