يعيش الأقباط الآن في حالة قلق أظنها أكثر حدة من القلق الذي كان موجودا خلال سنوات الفتن والتمييز التي عاشوها عقودا مضت…وأري أن حالة القلق هذه تملكت قلوب قطاع من الأقباط وكادت تفتك بها لولا إيمانهم القويفي العالم سيكون لكم ضيق لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم(يوحنا 33:16).
سر هذا القلق أن صورة المستقبل لم تعد واضحة, فثورة 25يناير أوجدت حالة من التوحد بين المصريين واستبشرنا جميعا خيرا, وتيقنا أننا في الطريق إلي دولة مدنية تسودها المواطنة…وإذ بالريح تأتي بما لا تشتهي السفن.
كانت البداية في ميدان التحرير ذاته…في يوم جمعة أسموهاجمعة النصر جاء ليؤم المصلين الشيخ يوسف القرضاوي, والتف حوله الإخوان المسلمون وشاركهم أيضا السلفيون والجهاديون والجماعات الإسلامية, وبات واضحا أن جماعة الإخوان المسلمين التي كانت محظور قد انقضت علي ثورة الشباب…وبعدها جاء الهجوم علي كنيسة صول بأطفيح فحرقوها وهدموها وأقاموا الشعائر الدينية علي أرضها في تحد سافر, وكان التحدي الأكبر عندما جاء الحل بيد مجموعة من العلماء أصدروا فتوي بإعادة بناء الكنيسة فوق أرضها, وتأكد أن القرارات تؤخذ من أفواه الدعاة…وجاء الاستفتاء علي التعديلات الدستورية فكانت الدعوة من منابر المساجد للمصلين لخيار دخول الجنة عبر اختيارهمنعم وتنامي التيار السلفي في قنا فقطعوا أذن مواطن مصري مسيحي بدعوة أنهم يقيمون الحد عليه, وفي المنوفية طردوا سيدة من مسكنها بدعوة أنها سيدة سيئة السمعة…إلي أن جاء يوم الثلاثاء الماضي وانتشرت شائعة علي الإنترنت والفضائيات بأن السلفيين سوف يعتدون المتبرجات علي في الشوارع وخرجت القبطيات يملأهن إيمان بقول الرب لا أهملك ولا أتركك ولم يقترب أحد منهن.
الآن بات الأمر واضحا…نحن في الطريق إلي دولة دينية, وهو أمر يدعو بحق إلي القلق…قلق خلق سؤالا واحدا علي كل الألسنة…إلي أين نحن ذاهبون؟!..وفيما تساءل الأقباط أعلن قداسة البابا عن اجتماع مصغر للمجمع المقدس حضره مطران و19 أسقفا, واعتقد الجميع أن الاجتماع سينفض عن إجابة للسؤال الحائر…ولكن أحدا لم يتكلم..ولأننا نثق جميعا في حكمة قداسة البابا شنودة الثالث الذي يري أن الصمت أحيانا أفضل من الكلام فلم نغضب..ولكن هذا لا يعني أننا لسنا في انتظار الرد…في انتظار كلمة البابا…وكلمة البابا هنا ليست لتطمئن الأقباط فقط ولكن لتنقذ مصر…فالبابا شنودة الثالث بحكمته رمز رفيع في وطنيته وولائه لهذا الوطن.
[email protected]