تحت عنوان استراتيجيات لتمكين المنظمات الشبابية الليبرالية في مصر نظمت مؤسسة فريدريش ناومان الألمانية بالتعاون مع المعهد المصري الديموقراطي ورشة عمل لعدد من شباب وفتيات أعضاء الأحزاب الليبرالية والمنتمين لمنظمات المجتمع المدني الليبرالية واستمرت لمدة ثلاثة أيام تناولت العديد من الموضوعات والقضايا التي تعني بمفهوم الليبرالية وطبيعة المنظمات الشبابية الليبرالية إضافة إلي بعض المفاهيم التي يساء استخدامها مثل علاقة الليبرالية بالدين وغيرها.
قال الدكتور ميناردوس المدير الإقليمي لمؤسسة فريدريش ناومان بالشرق الأوسط إن هدف المؤسسة هو دعم الشباب في الأحزاب الليبرالية ونشر الفكر الليبرالي في مصر والوطن العربي خاصة مع المنظمات الشبابية الحزبية, إضافة إلي مناقشة استراتيجيات الحركات الشبابية في مصر وسبل تطويرها لافتا إلي أن هذه الحركات بها تحديات كثيرة والمناقشات حول هذه التحديات بشكل استراتيجي سيكون مفيدا ومثمرا.
وأشار ميناردوس إلي أن المؤسسة هدفها تقوية الحرية لأنها مكون مهم في شتي المجالات خاصة السياسية مؤكدا أن الحرية هدف رئيسي للحركة الليبرالية الدولية وتدعم المؤسسة أيضا التعليم المدني السياسي لأنه أساس للديموقراطية والليبرالية في نفس الوقت.
وأضاف ميناردوس أن المشاركة السياسية في مصر ضعيفة جدا وهذا يعتبر تحديا للحكومة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني, فعلي مستوي الدولة سيادة القانون قيمة أساسية وعلي مستوي المجتمع المساواة في الفرص ضرورية لأنه بدونها لا توجد ديموقراطية أو ليبرالية.
وشدد ميناردوس علي أن القيمة الليبرالية في الدين هي الدولة المدنية أو فصل الدين عن الدولة وهذا موضوع صعب جدا في مصر والعالم المسلم لأن هناك البعض يقول إن الليبراليين ضد الدين وهذا أمر غير صحيح لأن معظم الليبراليين هم دينيون فمثلا فريدريش ناومان كان سياسيا وفي نفس الوقت كان رجل دين ونحن نؤمن أن الحرية الدينية شيء مهم وجزء أساسي من حقوق الإنسان لافتا إلي أن حرية دون مسئولية ليست ليبرالية وإنما فوضي.
وذكر ميناردوس أن نقاط الضعف في الليبرالية المصرية هي قلة الأحزاب الليبرالية وغياب الوحدة بين الأحزاب الليبرالية وداخل الأحزاب نفسها وافتقاد استراتيجيات واضحة لتقوية الليبرالية في مصر إضافة إلي الأسباب الخارجية الذي يأتي علي رأسها غياب ثقافة الديموقراطية داخل المجتمع والصورة السلبية التي ترسم الليبرالية كعدو للدين خاصة الإسلام وهذا تحد رئيسي لنا كاليبراليين.
وقال إن الإعلام والمجتمع المدني هما عنصران مهمان في الليبرالية وحدث بهما تطور كبير خاصة في الإعلام وأصبح متعددا ولا يخضع للرقابة الحكومية وهناك مساحة كبيرة من الحرية في التعبير عن الرأي وعلي صعيد المجتمع المدني لا يمر يوم إلا ويكون هناك نشاط ملموس له, ومعني هذا أن المجتمع حي ومتطور لا تستطيع الدولة أن تحد منه.
ومن جانبه قال محمود علي عضو الهيئة العليا بحزب الوفد إن الشباب يمثل الشريحة الأكبر بين قطاعات السكان في مصر, وتعد مشاركتهم عاملا ضروريا لدعم قضية التحول الديموقراطي ونشر ثقافة حقوق الإنسان وقيم المجتمع المدني, ورغم ذلك يعد الشباب المصري أكثر فئات المجتمع عزوفا عن المشاركة في الحياة العامة والاهتمام بقضايا الوطن, كما أنهم أقل الفئات مشاركة في الانتخابات العامة النيابية والمحلية وانتخابات النقابات المهنية والعمالية والاتحادات الطلابية سواء بالترشيح أو بالتصويت, وصاحب ذلك انخراط الشباب في صفوف التيارات المتطرفة وممارسة العنف, وفقدانهم لمشاعر الولاء والانتماء وانتشار ظواهر الإدمان والانحراف والزواج العرفي والجرائم المختلفة بينهم.
وشدد محمود علي أنه دون شك أن انفتاح الشباب علي القيم الليبرالية والممارسة الديموقراطية ومبادئ حقوق الإنسان, سيساهم بشكل إيجابي في مواجهة وعلاج هذه الظواهر السلبية وفي دفع ومساندة عملية التحول الديموقراطي, خاصة أن الشباب أكثر القوي الاجتماعية قدرة علي قيادة المجتمع نحو التغيير والتجديد والارتباط بإيقاع العصر, والأخذ بزمام المبادرة والمبادأة وأكثر شرائح المجتمع حيوية وديناميكية, بالإضافة إلي كونهم القطاع الأكثر تأثيرا وتأثرا في السياسات العامة وفي احتمالات تطبيقها وفرص نجاحها, كما أنها الفئة الأكثر تعبيرا عن أفكارها تجاه المستقبل, إضافة لكونهم صانعي القرار وراسمي السياسات في الغد القريب.
وأوضح أنه في هذا الإطار, يأتي دور المنظمات الشبابية الليبرالية في نشر المفاهيم والأفكار والممارسة الديموقراطية, وتعزيز قيم ومبادئ حقوق الإنسان بين الشباب, وإعدادهم وتدريبها وتأهيلها للمشاركة في العمل العام خاصة فيما يتعلق بصنع القرار ودعم قضايا التحول الديموقراطي والتحديث, بالإضافة إلي ترسيخ قيم المساواة والتسامح وقبول الآخر والتأكيد علي نبذ التعصب والعنف والأحادية والانغلاق الثقافي وتعميق قيم الحوار والتعبير عن الرأي والتعاون والعمل الجماعي بينهم, وتشجيعهم علي الانخراط في بحث مشكلات المجتمع والوعي بها والتفكير في وضع حلول إبداعية وواقعية لها.
وذكر محمود علي أنه في واقع الأمر التنظيمات الشبابية الليبرالية بالأحزاب المختلفة تواجه تحديات حقيقية وصعاب جسيمة فيما يتعلق بقدرتها علي جذب الأعضاء الشباب, وذلك ليس معناه بطبيعة الحال أن هؤلاء الشباب غير مهتمين بالمستقبل السياسي لوطنهم, ولكنه الإحساس بعدم جدوي المشاركة أو وجود مصلحة, وبعدم قدرتنا علي إيصال رسالة صحيحة وبسيطة وواضحة لهم, وعدم امتلاكنا المثابرة والجهد اللازمين في مخاطبتهم, لافتا إلي أن ذلك ليس مدعاة لليأس, لأنه ببساطة إذا نظرنا حولنا نستطيع أن نتبين أن غيرنا نجح فيما فشلنا فيه, حيث كان ومازال الشباب الهيكل الرئيسي لجماعات الإسلام السياسي, وذلك ينبغي أن يكون حافزا لنا للبحث عن أسباب نجاحهم وأسباب إخفاقنا.
وأشار إلي أننا نريد التغيير والتغير ينبغي أن يكون مهمة الشباب, لذا فإن البداية الحقيقية يجب أن تكمن في قدرتنا علي إيصال رسالة عامة للشباب, وهي أن يدركوا وجود صلة وتأثير مباشر بين السياسة وحياتهم اليومية, وكيف أنهم جزء من حل أزمة الوطن وبالتالي أزماتهم الفردية, ونحن بحاجة لخلق محفزات التغيير لدي الشباب وإقناعهم بأن الإصلاحات السياسية أمر لا غني أنه لإقامة دولة التنمية الاقتصادية والاجتماعية, وأن اهتمامهم بقضايا الشأن العام يتيح لهم الفرصة كاملة للمشاركة في اتخاذ القرار وإقامة المجتمع الذي يريدونه, باعتبارهم الغالبية العظمي من الناخبين ومشاركتهم يمكن أن تحدث فرق من خلال صناديق الاقتراع, وذلك بطبيعة الحال يقتضي وجود تنظيمات شبابية ليبرالية تكون طليعة للعمل الديموقراطي والاجتماعي, وتلعب دورها المهم في عملية التحول الديموقراطي من خلال قدرتها علي تحريك الشباب لطلب التغيير لذلك مطلوب منا أن ننظم أنفسنا ونحدد أهدافنا ونطور رسالتنا ومهارات اتصالنا ونجند أنصارنا ونخوض معركتنا كمقاتلين من أجل الحرية حينما نمتلك هذه الرؤية يمكن لنا أن نحدد مهام عملنا ودورنا كتنظيمات شبابية.
وتناولت الورشة العديد من الفعاليات التي تطرقت إلي عرض ومناقشة اللوائح الداخلية للمنظمات الشبابية الليبرالية في مصر وهي جبهة الشباب الحر بحزب الجبهة الديموقراطية – واتحاد شباب حزب الوفد – واتحاد شباب حزب الغد – واتحاد شباب حزب الإصلاح والتنمية إضافة إلي مناقشات حول قيم ومبادئ الليبرالية الأساسية وأهم العناصر الضرورية لوجود منظمات شباب ديموقراطية ليبرالية.