في الوقت الذي تتجه فيه معظم وسائل الإعلام من الصحف والقنوات الفضائية إلي مناقشة الأوضاع السياسية للبلاد.. وتتجه جميع الأنظار إلي الشباب الجامعي وقود الثورة.. فئة لم يلتفت إليها أحد غير القليل.. رغم أن أهميتهم لا تقل عن الشباب الجامعي.. إنهم جزء من الشرائح المنتجة في المجتمع.. إنهم شباب الحرفيين.
شباب الحرفيين شاركوا في الثورة بقوة ولديهم قدر كاف من الوعي السياسي حيث إن معظمهم من الحاصلين علي الشهادات المتوسطة, فما أحلامهم وطموحاتهم بعد الثورة؟ ما مشاكلهم؟ وما تأثير الثورة عليهم؟
قال مايكل بشارة استورجي حاصل علي دبلوم زراعة ويعمل مع إخواته في ورشة خاصة بهم: إنه يسعي إلي العمل في إحدي الوظائف الحكومية, حيث إن والده يعمل في إحدي الشركات الحكومية وقام بالعديد من المحاولات للعمل مع والده في نفس الشركة أو إحدي الشركات الخاصة ولكن كل المحاولات انتهت بالفشل. وأضاف أنه لم يستطع الإدخار من حرفته الحالية, وذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام اللازمة للعمل حيث يعد الإدخار ضرورة له كشاب لبناء مستقبله, وأشار إلي أن الثورة كان لها ضرر بالغ علي الحرفيين حيث إن معظم الحرفيين فقدوا وظائفهم وقل الطلب عليهم بشكل ملحوظ بسبب حالة عدم الاستقرار في البلاد. ويطالب مايكل بتحقيق العدالة عند تقدم الشباب للوظائف في الشركات وعدم اتباع أسلوب الوساطة والمحسوبية ويتمني للبلاد أن يعود الاستقرار إليها وتمر الفترة الانتقالية بأمان وسلام, أما علي المستوي الشخصي يتمني العمل في إحدي الشركات.
يكمل إسحق إبراهيم كهربائي أنه كان يعمل في بعض الشركات من قبل, ولكنه ترك العمل بسبب تحكم المديرين في الحرفيين الذين يعملون بالشركات وأن العائد من عمل الحرفيين لصالح الشركة وليس لصالح الحرفي وأن الرواتب متوسطة في الشركات لذلك يفضل العمل الحر, وأشار إلي ركود سوق العمل أثناء وبعد الثورة بشكل كبير مما أثر بالسلب علي الحرفيين وأضاف أنه يجب عدم إلقاء اللوم علي الحكومة في كافة مشاكل الحرفيين ولكن إلقاء اللوم علي بعض العناصر التي تشجع استمرار التظاهرات مما يؤي إلي حالة من عدم الاستقرار في البلاد, وطالب أن يكون له رأي وصوت مسموع يحترم ويؤخذ به من قبل الحكومة والدولة.
وأوضح عادل نان (نجار) يعمل في حرفة النجارة منذ أكثر من 20 عاما أنه عمل مع شركات كثيرة, ولكنه لم يلحق بشركة تضمن حقوق الحرفيين لأن جميع الحرفيين يعملون بدون عقد ويتمني بعد الثورة أن يجد من يهتم بهم وينظر لهم, لأنه -كما يوصف- من زمان ونحن في سلة المهملات. وبعد الثورة تم غلق المصانع وتسريح جميع العاملين فيها بعد الثورة.
ذكر جرجس فوزي (نجار مسلح): أنا حرفتي يوجد بها خطورة علي حياتي لأنني أصعد أعالي المنازل والعمارات ذات الأدوار العلية, ورغم ذلك لم يهتم بنا أحد من المقاولين أو أصحاب الشركات فرغم تلك الخطورة التي أواجهها لا يوجد تأمين علي حياتي ولا عقد يثبت أنني كنت أعمل لديهم, وفي أي وقت من الممكن لصاحب الشركة أن يرحلني من العمل لأنني أعمل بدون عقد وفي حالة الإصابة في العمل لا ينظر لها أحد ولا يوجد تعويض عن تلك الإصابة بل في بعض الأوقات تعالج تلك الإصابة علي حسابي الخاص, والثورة لم تغير شيئا علي الإطلاق بل زاد الضرر علينا.
أوضح الدكتور سامي السيد أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أن مشاكل شباب الحرفيين المتعلقة بقواعد معينة مثل التمويل والمشروعات والنفقات الإدارية وإعادة التأهيل والتدريب قائمة من قبل الثورة, ولكن بعد الثورة أصبحت مشكلة شباب الحرفيين أكبر بسبب قلة الطلب علي إنتاجهم.
وأشار إلي أن شباب الحرفيين لديهم فرصة للعمل في كافة الظروف حتي في ظروف عدم الاستقرار وذلك لأن التمويل محدود والمشروعات محدودة واستمرار الطلب عليهم وإن كان بشكل أقل من قبل, وشدد علي أهمية الاستقرار في البلاد كضرورة لكافة الأنشطة الاقتصادية.
وأوضح أن الصندوق الاجتماعي يلعب دورا أساسيا في تمويل شباب الحرفيين, بالإضافة إلي منظمات المجتمع المدني التي يمكنها تقديم مساعدات للحرفيين.
وأوضح الدكتور عبدالرؤوف الضبع أستاذ علم الاجتماع أن شباب الحرفيين عامل أساسي في بناء الوطن, ويجب علي الدولة أن ترعاهم وتنمي إبداعاتهم, خاصة الموجودة لدي الشباب البسيط غير المتعلم, وأهم الموضوعات التي يجب أن تركز عليها القيادة الحالية التنظيم في العمل, لأننا مازلنا نتعامل في قيادة العمل بثقافة القرن الثامن عشر, حيث يقوم صاحب رأس المال باستغلال العامل. يجب أن يكون هناك تشريع ملزم بكل مؤسسة صغري أو كبري بالتعاقد مع العامل حتي يضمن حقوق ويثبت أنه له وجود وليس هامشيا, ونحن لدينا مظلات جمالية واسعة ولكن علي الورق فقط ويوجد لدينا نقابات ولكن تعجز عن التنفيذ وعن ضمان حقوق العاملين.