أكد سياسيون وحقوقيون ضرورة حماية حقوق كل المصريين دون تمييز, وأن الدستور الجديد المنتظر البدء في إعداده في نهاية العام لابد أن يشمل جميع الفئات ويعبر عن الجميع, ويحمي حقوق كل المصريين دون الخضوع لمفهوم الأغلبية أو الأقلية.
جاء ذلك في ورشة العمل التي نظمها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان تحت عنوان الضمانات الدستورية للحريات الدينية.
دين الدولة
قال نجاد البرعي الناشط الحقوقي ومدير المجموعة المتحدة للمحاماه إن مصر بلد منفتح ومتعدد الأعراق والديانات, ومن ثم يتعين وضع دستور جديد يعبر عن كل المصريين ولا يهمش فئة علي حساب فئة ولا يمنح امتيازات لفئة دون أخري, وإنما يعزز المساواة بين كل المصريين, ويصدر الدستور بشكل توافقي, بحيث يجد كل مصري نفسه في هذا الدستور.
أكد البرعي ضرورة صيانة حقوق المصريين الدينية وصيانة الأديان والعقائد, وأن تكفل الدولة حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية للمجتمع, وعدم التقيد بالأديان السماوية وغير السماوية, والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان تكفل حرية أي مواطن في اعتناق ما يشاء, ودستور 1923 كان متفردا في منح هذا الحق لكل المصريين بما لا يخالف آداب المجتمع, ومن ثم لا يعقل حرمان البهائيين أو أصحاب أي معتقدات أخري بدعوي أنهم يتبعون ديانات غير سماوية.
أوضح البرعي ضرورة إعادة النظر في وجود نص في الدستور لدين الدولة, فالدولة ليس لها دين, وفي كثير من الأحيان صدرت أحكام قضائية في المتحولين من أو إلي الإسلام بموجب هذه المادة, كذلك حرمان الأم أو الأب من أطفالهم بموجب هذه المادة إذا تحول أحدهم إلي الإسلام, وبالتالي يمكن النص علي أن غالبية سكان الدولة يدينون بالإسلام وأن الدولة تحمي أتباع الأديان والعقائد الأخري, وإذا كان البعض ينظر للدولة كشخص اعتباري وضرورة أن يكون لها دين في الدستور, فهذا لا يتفق مع الشركات التي تعامل كأنها شخصا اعتباريا ولا يسمع أحد عن شركة إسلامية أو مسيحية.
تمييز بالشريعة
من جانبه قال صبحي صالح المحامي وعضو جماعة الإخوان المسلمين إن حرية المعتقدات الدينية في الدستور ليست محل خلاف, وأن الإسلام يدعو لحماية غير المسلمين, وكل مسلم مطالب أن يعامل غير المسلمين بمودة وحب ويحفظ لهم حقوقهم, وأن الأمر ليس مجرد نصوص دستورية.
أكد صالح أنه ضد الدولة الدينية بمفهومها الغربي, والإسلام لا يعرف الدولة الدينية, ولا صحة للمخاوف التي تنتاب المجتمع من رغبة الإخوان في إقامة الدولة الدينية.
وحول تطبيق الشريعة الإسلامية إذا وصل الإخوان للحكم.. أجاب علي هذا السؤال بقوله: نعم سنطبق الشريعة الإسلامية وهذا أمن وأمان للجميع وسيكون الإسلام أمينا علي غير المسلمين, وليس هناك خطرا أو تمييزا ضد فئة بسبب تطبيق الشريعة.
استلهام المواثيق الدولية
وفي هذا الإطار قال الدكتور محمد منير مجاهد رئيس جماعة مصريون ضد التمييز الديني إن الحريات الدينية ليست منة من أحد, وأن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان كفلت ذلك دون قيود, ولابد أن يظهر الدستور الجديد للبلاد بشكل عصري يرسخ للدولة المدنية الحديثة.
أكد د. مجاهد ضرورة أن تكون الدولة محايدة ولا يكون لها دين حتي لا تصدر أحكاما قضائية تنصف البعض ضد الآخر باستخدام هذه المادة, وضرورة عدم الانحياز للدولة الدينية التي تقهر المخالفين لها باستخدام الدين, وأن مصر لو لم تسلك نحو الدولة المدنية ستعيد أخطاء الآخرين والذين عانوا كثيرا من سلبيات الدولة الدينية وسببت انتكاسة اقتصادية واجتماعية وسياسية لهم.
دعا د. منير مجاهد إلي حماية حقوق جميع أتباع الديانات والعقائد, واستلهام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في وضع المواد الدستورية, خاصة أن هذه المواثيق تراث إنساني استمر لسنوات, ومن غير المعقول عدم الاستفادة منه وإقصائه.
صفحة جديدة
أشار د. عمار علي حسن الباحث السياسي إلي ضرورة عدم الانجراف وراء التاريخ والبدء في النظر للمستقبل من أجل الوصول إلي مصر الجديدة, وأن ثورة يناير خرجت من أجل مدنية الدولة, وأن المرحلة الحالية تتطلب فتح صفحة جديدة بين كل قوي المجتمع.
أوضح د. عمار أن الجدل السائد في المجتمع حول دين الدولة بالتحليل العلمي ليس كلاما في الدين وتم خلط الدين بالسياسة أو السلطة, موضحا عدم الحاجة إلي الحديث عن الشريعة أو تحديد معالمها, لأن المادة الموجودة بدستور 1971 تتحدث عن مبادئ الشريعة الإسلامية وكان من الأفضل استخدام كلمة مقاصد, وفي كل الأحوال الشريعة الإسلامية مصدر من مصادر التشريع.