د.مصطفي الفقي: ضرورة وقف سطوة رأس المال في الانتخابات
د. وحيد عبد المجيد: هناك حاجة لإعادة الناخبين لصناديق الانتخاب
د. عمرو هاشم ربيع: هيمنة الوطني علي لجان مجلس الشعب يقتل التعددية
د. حافظ أبو سعدة: تركيبة مجلس الشعب القادمة غير معبرة عن فئات المجتمع
أمينة شفيق: ضرورة دراسة التجارب الأوربية في ترشيح المرأة
دعا سياسيون وحقوقيون إلي ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في مناخ من النزاهة والحياد يضمن تمثيلا عادلا لكل فئات المجتمع حتي يكون مجلس الشعب معبرا عن الجميع وليس الحزب الوطني فقط, كما دعوا إلي ضرورة الحفاظ علي سلامة العملية الانتخابية, خاصة وأن تسابق آلاف المرشحين علي التقدم بطلب للمجمعات الانتخابية في الأحزاب ينذر بحدوث عمليات بلطجة وعنف تشوه العملية الانتخابية.
وطالبوا في ورشة عمل تحت عنوان ملامح البرلمان القادم والتي نظمتها مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني بالتعاون مع مبادرة الشراكة الشرق أوسطية بضرورة استغلال كوتة المرأة في تحفيز المرأة علي المشاركة السياسية, ومواجهة الموروثات الاجتماعية التي تحد من تمثيل المرأة النيابي, وضرورة استثمار الفرصة لإعداد كوادر نسائية تحفز المجتمع علي التصويت للمرأة في كافة المجالس النيابية والنقابية.
قال الدكتور مصطفي الفقي عضو مجلسي الشوري والقومي لحقوق الإنسان: انتخابات مجلس الشعب المقبلة سيكون لها دور كبير في كشف معالم المجتمع المصري خلال السنوات المقبلة, خاصة وأن هذه الانتخابات تسبق الانتخابات الرئاسية, ولذلك أعتقد أن انتخابات البرلمان ستكون من أصعب الانتخابات البرلمانية التي شهدها المجتمع في السنوات الأخيرة, وستجري في مناخ شديد السخونة لما يشهده المجتمع المصري من احتقان داخلي وتمرد علي الأوضاع السياسية والاقتصادية , ولما يشهده المجتمع الدولي من توترات وتعقيدات, كما أن تهافت المرشحين علي التقدم بطلبات الترشيح للمجمع الانتخابي للحزب الوطني أو بقية الأحزاب وحجم الأموال التي تم تخصيصها للصرف علي العملية الانتخابية من قبل المرشحين كلها تؤكد أن العملية الانتخابية ستشهد سخونة كبيرة, وربما تشهد هذه الانتخابات أحداث عنف وبلطجة.
أشار د.الفقي: لابد من وقف تغول رأس المال في العملية الانتخابية, خاصة وأن حرص المرشحين علي صرف الملايين من أجل عضوية البرلمان أمر يثير الشك والريبة, كما أن عددا كبيرا من رجال الأعمال يحرصون علي الترشح في الانتخابات البرلمانية بحثا عن الحصانة وهو أمر في غاية الخطورة, إضافة إلي الأموال يتم صرفها في المجمعات الانتخابية للتأثير علي أعضاء هذه المجمعات لترجيح كفتهم, وهو ما يتطلب مواجهة حازمة لمنع تلاعب رأس المال بالعملية الانتخابية.
أوضح د. الفقي: لعل من المهم وجود إرادة حقيقية من الدولة والمرشحين والناخبين لإجراء انتخابات عادلة ونزيهة, خاصة وأن الإشراف القضائي وحده ليس الضامن الوحيد لإجراء عملية انتخابية نزيهة, فالقضاة ليسوا هم فقط أصحاب الضمائر الحية في هذا المجتمع, ولو صح ذلك فهذا يكشف عن مشكلة كبيرة ومأزق خطير يعصف بثقة المجتمع في مؤسساته وأفراده, كذلك هناك حاجة لرفع وعي الناخبين لكيفية اختيار من يمثلهم تحت قبة البرلمان, فربما في بعض الأحيان تحصد شخصيات مقاعد برلمانية رغم أنها تقوم بأمور غير مشروعة ومع ذلك تمكنت من الحصول علي هذه المقاعد بأصوات الناخبين الذين ربما تأثروا براس المال أو تأثروا بخدمات صغيرة وهكذا, فهناك من يستغل التخلف والجهل في تحقيق أغراضه, ومهما تم وضع معايير للرقابة علي الانتخابات وتنفيذ عملية انتخابية نزيهة ومحايدة سيحصل هؤلاء علي هذه المقاعد طالما أن الناخب مقتنع بهم.
ونوه د.الفقي: نحذر من إجراء انتخابات غير نزيهة تظهر الحزب الوطني والحكومة بمظهر سيئ أمام الشعب وأمام المجتمع الدولي, ومن ثم لابد من توفير ضمانات تسمح بانتخابات مقبولة , خاصة وأن هناك أمورا ينبغي حسمها والتعامل معها بجدية , فعلي سبيل المثال هناك 24 ضابط شرطة سابقين أو حاليين تقدموا بأوراق ترشيحهم في الانتخابات البرلمانية تحت صفة##فلاح##, ومن ثم مثل هذه الأمور ينبغي مواجهتها لأن الصمت عليها يسبب مشكلة كبيرة , ويعمل ذلك علي تشويه العملية الانتخابية برمتها.
الوطني في مأزق
من جانبه قال الدكتور وحيد عبد المجيد مدير مركز الأهرام للترجمة: الحزب الوطني في مأزق كبير خاصة فيما يتداول حول الصفقة بين الوطني وأحزاب المعارضة من أجل إقصاء نواب الإخوان المسلمين من ناحية, وفتح مساحة للأحزاب تسمح بحصولهم علي المقاعد التي تضمن لهم الدفع بمرشحين للانتخابات الرئاسية أمام مرشح الحزب الوطني من أجل إبراز التعددية في الانتخابات لتحسين الصورة, خاصة وأن الحزب الوطني لن يستطيع إخلاء الدوائر أمام مرشحي أحزاب المعارضة ولن يستطيع إقناع نوابه بذلك, وحتي لو نجح في ذلك لن يصمد أمام المرشحين المستقلين الذين خرجوا من عباءة الوطني وخاضوا الانتخابات كمستقلين وبالتالي الحزب الوطني في مشكلة حقيقية عليه التعامل معها أو البحث عن طرق أخري تضمن نجاح عدد من مرشحي المعارضة حتي لا يظل الوطني محتكرا.
أوضح د.عبد المجيد: قطاع كبير من المجتمع فقد الثقة في القيادات الموجودة سواء كانت حكومية أو في القوي المعارضة, وهذا ما تسبب في عزوف الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الماضية, ومن ثم هناك حاجة لإعادة الناخبين إلي صناديق الانتخاب وبث الثقة بداخلهم, ومساعدتهم علي رفع نسبة المشاركة في الانتخابات من أجل التعبير الحقيقي عن الأصوات وتمثيل الشعب بنواب يستطيعون القيام بمهامهم.
ترشيح الوزراء… ظاهرة!
من ناحية أخري قال الدكتور عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام: أبرز الظواهر المرتبطة بالانتخابات البرلمانية المقبلة هو ترشح عدد كبير من الوزراء الحاليين في الانتخابات من أجل الحصول علي مقاعد برلمانية خاصة في ظل النظام السياسي القائم وأحزاب معارضة بدون أنياب حقيقية وغياب النزاهة والحياد عن الانتخابات وهو ما يعمل علي تقليل فرص المساءلة والمحاسبة للسلطة التنفيذية,فهل من المعقول أن يقوم وزير بدوره الرقابي ويقدم طلبات إحاطة أو استجواب لوزير آخر زميل له داخل مجلس الوزراء؟ بالطبع لا, وهذا يضعف العمل البرلماني ويحد من المساءلة والرقابة, وربما هناك حاجة لدراسة نماذج أجنبية يتم السماح فيها للوزراء بالترشيح للمقاعد البرلمانية بشرط الاستقالة من منصبهم الوزاري قبل الترشيح للبرلمان بفترة معينة للحفاظ علي مبدأ تكافؤ الفرص, وعدم الجمع بين المنصب الوزاري والبرلماني, وعدم استغلال الوزارة في الدعاية الشخصية للوزير للحصول علي مقعد بالبرلمان.
أضاف ربيع: هناك حاجة لإنهاء احتكار الحزب الوطني لمنصب رئيس مجلس الشعب والوكيلين ورؤساء اللجان النوعية بالمجلس ووكلاء السر, خاصة وأن استمرار هيمنة الوطني علي هذه المناصب يقتل التعددية, وأهمية أن تحصل المعارضة علي حقها في رئاسة بعض اللجان النوعية لبث الحماس بهذه اللجان وتنشطيها وإعادة الروح إليها, بدلا من هيمنة الوطني وإغلاق الملفات التي بحاجة إلي مزيد من الرقابة والضبط.
نوه د.ربيع: تشكيلة مجلس الشعب المقبلة سوف تختلف عن التشكيلة الحالية, والأرقام تكشف ذلك, ففي عام 2000 كان عدد النواب الجدد 277 عضوا, وفي عام 2005 وصل عدد الجدد 283 عضوا, كذلك في عام 2000 كان نصيب المرأة 11 عضوة, وفي عام 2005 كان عدد السيدات 9 عضوات, ومن المنتظر ألا يقل تمثيل المرأة في برلمان 2010 عن 64 عضوة في ظل نظام الكوتة, كذلك من المنتظر أن يشهد البرلمان تمثيلا أفضل للأقباط خاصة وأن الأقباط في 2000 كان عددهم 7 أعضاء, وفي 2005 كان عددهم 6 أعضاء, وانتخابات مجلس الشوري الأخيرة كشفت عن إمكانية ترشيح الوطني وأحزاب المعارضة لعدد من الأقباط يسمح بزيادة تمثيلهم في البرلمان, وأيضا هناك توقع بأن يشهد البرلمان عددا كبيرا من الشباب, حيث كان عدد أعضاء مجلس الشعب أقل من 40 سنة في عام 2000 35 عضوا, وفي عام 2005 وصلوا إلي 43 عضوا, كما ارتفعت نسبة الحاصلين علي مؤهلات جامعية, ففي عام 2000 كان عددهم 253 عضوا, وفي عام 2005 كان عددهم 336 وهو ما يكشف عن تغيير ملحوظ في التركيبة الخاصة بأعضاء البرلمان في نسخته الجديدة لعام .2010
الإشراف القضائي
اختلف حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان قال: مجلس الشعب القادم ستكون تركيبته غريبة وغير معبرة عن فئات الشعب , خاصة وأن الانتخابات ستجري في مناخ غير ديموقراطي ولا تتوفر الضمانات الكافية لإجراء انتخابات نزيهة ومحايدة, كما أن اللجنة العليا المشرفة علي الانتخابات تابعة للسلطة التنفيذية ولا تتوفر بها شروط الحياد, ومن ثم النتيجة ستكون غير دقيقة.
أشار أبوسعده بالقول: إلغاء الإشراف القضائي الكامل علي الانتخابات ليس وحده السبب في عدم إجراء انتخابات حرة نزيهة, خاصة وأن الإشراف القضائي في الانتخابات البرلمانية الماضية لم يمنع تقديم بعض المرشحين للطعون أمام المحاكم, رغم قيام القضاة بالإشراف, وبالتالي القضاة مطالبون بفحص مشكلات المرشحين المتضررين بسبب قضاة آخرين, ومن ثم من المهم إقصاء القضاة عن هذه الأمور والاكتفاء بتوفير ضمانات تسمح بإجراء انتخابات حقيقية وفق المعايير المتعارف عليها.
أوضح أبو سعدة أن أعضاء البرلمان فقراء تشريعيا, والدليل أن 99% من القوانين التي وافق عليها البرلمان في دورته الأخيرة هي مشروعات قوانين قدمتها الحكومة للبرلمان وأقرها, كما تراجع الدور الرقابي لأعضاء البرلمان ولم يعد هناك من يقدم استجوابات تسبب حرجا للحكومة, واكتفي نواب الحزب الوطني بالحصول علي مكاسب شخصية من العضوية , كذلك يظل نواب المعارضة في موقف الأقلية المحروم من التأثير علي التوجهات الحكومية, ومن ثم زادت قضايا الفساد وكارثة العلاج علي نفقة الدولة .
وأكد أبوسعده علي أن الحزب الوطني سينجح في تشكيل البرلمان كما يريد وبالتركيبة التي يريدها ولن تستطيع أحزاب المعارضة أن تفعل شيئا لأنها لم تعد قادرة علي التغيير ولم تعد تملك هذه الأحزاب أي أدوات ضغط تمكنها من الضغط علي الحكومة لإجبارها علي الاستجابة لمطالبها, خاصة وأن البيئة المنظمة للأحزاب مقيدة , ومن ثم الحل يكمن في تعديل البيئة القانونية الحالية لمنح الأحزاب حرية الحركة والتواصل مع الشارع, وتقوية منظمات المجتمع المدني وتفعيل الرقابة المدنية علي الانتخابات والكشف عن الانتهاكات التي تحيط بالعملية الانتخابية لفضحها لمنع حدوثها لإعادة الانضباط إلي العملية الانتخابية.
ترد ثقافي
وفي هذا الإطار قالت أمينة شفيق الكاتبة الصحفية والقيادية بحزب التجمع أن هناك حالة من التردي الثقافي تمنع نجاح المراة والأقباط في الانتخابات البرلمانية, وأن الحل في هذه المشكلة بدأ بتخصيص كوتة للمرأة , ومن ثم أصبح الرهان الآن علي الأحزاب السياسية أن تعد كوادر نسائية خلال هذه الفترة بدلا من الاكتفاء بنجاح المرشحات في الانتخابات المقبلة والتي تليها والعودة مرة أخري عند النقطة الحالية, وتوقف المرأة عن التمثيل البرلماني للشعب, وبالتالي الرهان الآن في يد الأحزاب السياسية التي عليها استغلال الفرصة الراهنة والنجاح في إعداد الكوادر النسائية التي تحتك بالمواطنين وقضاياهم وبث الثقة في الناخبين بقدرة المرأة علي الدفاع عن حقوقهم.
أشارت أمينة شفيق إلي أهمية دراسة التجارب الأوربية في ترشيح المرأة ووصولها إلي المناصب التنفيذية المختلفة, وأبرز الأمثلة تولي المستشارة الألمانية أنجيل ميركل لمنصبها الرفيع بعد أن خاضت العمل السياسي من أولي الدرجات حتي صعدت إلي أعلي الدرجات ومن ثم تمرست في هذا المجال وأصبح لديها خبرات كبيرة مكنتها من الوصول إلي هذا المنصب الذي لم تهبط عليه بالباراشوت أو عبر الكوتة وإنما بالعمل والخبرة والمناخ الجيد الذي يحترم حق المرأة في تولي المناصب التنفيذية المهمة.
دعت أمينة شفيق إلي ضرورة اتجاه الأحزاب السياسية إلي القري والنجوع ودفع المراة بهذه المناطق إلي العمل السياسي وإشراكها في المجال العام, ومكافحة الأفكار الهدامة من جذورها, وعدم الاستسلام للثقافة السائدة, وأهمية التواصل مع الأحزاب التي لن تستطيع القيام بالتغيير في المجتمع بدون إرادة شعبية ومساندة حقيقية , فعدد كبير من القيادات الحزبية في أحزاب المعارضة دفع الثمن أكثر من مرة من أجل تفعيل المشاركة الشعبية والمطالبة بالديموقراطية والتعددية وتعديل السياسات القائمة, والأحزاب لن تستمر في دورها بدون مشاركة المواطنين, ومن ثم لا يمكن استمرار الهجوم علي أحزاب المعارضة واتهامها بالفشل دون تقديم يد العون لها وتركها تصارع وسط تخمة القوانين المقيدة للحريات وعزوف المواطنين عن الانضمام للأحزاب.