لم أختر أبدا المعاناة المادية,ولا الفقر والفقراء يكونون محور موضوع بابافتح قلبك,ولم أتوقع التركيز علي هذا النوع من المشكلات,حاولت كثيرا التنويع ما بين الحين والآخر لكن معاناة الناس كانت أقوي وأشد,ولأن الفقر هو الأكثر سوءا بين مشكلات البشر.كانت دائما المآسي المتعلقة به تطفي علي ما يصلني من قصص يحتاج أصحابها منفذا لضيقاتهم.
وكم وقفت عاجزة حائرة لا أستطيع الإمساك بالقلم من فرط ما أسمعه من قصص حرمان,ومن فرط ما أراه من أعين دامعة,ووجوه شاحبة,وأياد ممدودة تحتاج للمساعدة,وها أنا أعلنها بوضوح إن لم يكن الأمل موجودا في القلوب الرحيمة والنفوس العامرة بالخير تمد الأدياي لهؤلاء المحتاجين سواء بتوفير المساعدة المادية أو فرص العمل كنت سأظل عاجزة حائرة أمام هؤلاء المحتاجين,وكانت آخر رسالة وصلتني من أحدهم غاية في الألم فأقصي طموح لهسرير ومرتبتينفهل يمكن أن يصدق أحد ذلك؟
قرأت خطه بصعوبة…رسالة أحرفها مهتزة,تفاصيل قد يعجب لها من لم يمر بضائقة مالية من قبل,لكن العجب والدهشة غالبا ما يمتزجان بالتعاطف,يقول صاحب الرسالة:
أنا رجل في السادسة والخمسين من عمري أعاني من أمراض الضغط,والقلب,والحساسية المزمنة بالأنف,والصدر,بالإضافة إلي مياه بيضاء بالعين,أما الطامة الكبري فهي الانزلاق الغضروفي الذي أعاق حركتي,كنت أعمل بإحدي شركات القطاع العام وتركت العمل بعد عرضي علي لجنة عجز,لدي أربع بنات…تزوجت أثنتان منهما وتبقي اثنتان واحدة تبلغ من العمر22عاما والصغري في الصف الثالث الإعدادي.
معاشي بعد الإضافات والعلاوات500جنيه فقط,ومطلوب مني إعالة أسرة من أربعة أفراد(أنا وزوجة والابنتين),كل ذلك لم يمثل أمامي يأسا,عشت بأقل القليل إلي أن حدثت لنا كارثة في محل إقامتنا,واضطررنا لترك المنزل وأصبنا جميعا باهتزاز نفسي.
وذات يوم سقطت ابنتي الصغري مغشيأ عليها,وفوجئنا بها وقد أصابها شلل تام في قدميها,وإعوجاح في فمها,حملتها علي كتفي إلي أقرب مستشفي,الكل أجمع أنها صدمة عصبية شديدة,وبدأنا رحلتين الأولي رحلة علاج ابنتي مع الطب النفسي,والثانية رحلة البحث عن مأوي,وكان ذلك منذ عام2006.
نجحنا في الرحلتين,وبعد أن استدنت منطوب الأرض وشفيت ابنتي-رغم ما يصبيها حاليا من فزع ليلي متكرر إلا أنها استطاعت الوقوف علي قدميها مرة أخري,تراكمت الديون علي كاهلي,لكنني تماسكت,وحصلت علي قرض من بنك ناصر الاجتماعي,أسدده حاليا ويتبقي منه 14 قسطا لكنني نجحت في تدبير سكن جديد في عام 2008.
لن أروي لك الهوان الذي رأيناه أنا وأسرتي خلال مدة ترددنا علي الأقارب,يومان لدي كل عائلة,وكم من مرة تعرضت ابنتي للتحرش الجنسي,وكم مرة نمنا في الشوارع,ومع ذلك كانت لدي إرادة حديدية لتدبير مسكن بديل.
ورغم ضيق ذات اليد وتراكم الديون التي لا أعلم كيف سأسدئها,إلا أنني لا أطلب شيئا سوي حجرة نوم قديمة مستعملةومرتبتين قطنلأنني بعد نجاحي في الحصول علي شقة لم يكن لدي قدرة علي فرشها سوي بأبسط الأثاث الذي تنام عليه ابنتاي,وانهارت صحتي وحذرني الطبيب من احتمال إصابتي بالشلل إذا ظللت أنام علي مرتبة من الإسفنج,كما أنا فاعل حاليا,وليس لدي قدرة علي شراء سرير ومراتب,كما أنني تعبت من الديون فهل أجد لديكم راحة حتي لا يصيبني الشلل؟
لصاحب هذه الرسالة أقول:
غالبا ما يكون الرد علي مشكلة يحمل في طياته حلها لكن إذا كان الحل في أيدي الآخرين,هم قراؤنا الكرام,فأنا وأنت ننتظره سويا,لكن علي أية حال أحييك علي صمودك,والله قادر أن يعينك علي سداد ما تبقي لديك من ديون.
ردود خاصة:
*إلي الفتاة صاحبة قصةالطموح الخائفبرجاء التواصل معي فهناك أكثر من فرصة عمل لك ولأسرتك,بالإضافة إلي500 جنيه تبرع بها فاعل خير,وعرض مغر للعمل والعيش لك ولأسرتك في مزرعة علي الطريق الصحراوي برواتب للجميع باعتبار أن والدك فلاح.
*إلي الشاب الذي يود استكمال تعليمه الجامعي بعد حصوله علي الثانوية العامة بمجموع 76% برجاء الاتصال بي إذ فشلت في الوصول لك لمساعدتك.
*شكر خاص لفاعل الخير الذي رفض ذكر اسمه وتطوع لدفع مبلغ شهري قدره330 جنيها لصاحبة قصةبقايا رجلالمنشورة العدد السابق وشكر لفاعلة الخير التي أرسلت200جنيه لذات السيدة وكل من عرض المساهمة.