عمارة الإيموبيليا من أكبر وأضخم المباني المعمارية التي شيدت في القاهرة في آواخر الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات علي مساحة 5444 متراتقريبا لذا أطلق عليها الهرم الرابع نظرا لضخامتها والواقع لم تكن في مصر ناطحات سحاب قط كما أنها مثل حي ملموس لتضافر جهود المصريين مع ضيوفهم الوافدين علي هذه البلاد فقد اشتركت في إقامتها أموال الفريقين وجهودهما.
تعالي نتعرف علي حكاية ناطحتي سحاب قلب القاهرة…
البداية في الموقع حيث كان مصنعا للدباغة حتي أواخر القرن18 حيث انتشرت الدباغة في تلك المنطقة لذلك عرفت بحي المدابغ الذي اشتهر بالورش الفسيحة التي يشتغل فيها مئات من العمال في تجهيز الجلد ودبغه ونقشه وصباغته,وبدأت الصناعة في الاختفاء تدريجيا ولم يتبق من الحي إلا شارع واحد يحمل اسم شارع المدابغ الذي تقع عمارة الإيموبيليا عند تقاطعه مع شارع قصر النيل في18أبريل 1872 تنازل الخديوي توفيق لأجنبي يدعي دي سان موريس بواسطة عثمان باشا غالب محافظ القاهرة إذ ذاك عن الأرض التي بنيت عليها العمارة,فقام بإنشاء السراي الفخمة ذات الطراز العربي علي نفقته الخاصة,وفي ديسمبر 1886 باعها بجميع محتوياتها من كنوز أثرية وفنية إلي الحكومة الفرنسية فأصبحت مقرا للسفارة الفرنسية مدة خمسين عاما.
وفي يناير 1937 باع وزير فرنسا بيردي فيناسإلي الشركة العمومية إيموبيليا أرض تلك السفارة الفرنسية لتحل محلها ناطحتا سحاب مدينة القاهرة في تلك الفترة وعلي الفور قامت الشركة برئاسة إسماعيل صدقي باشا في أبريل 1937 بطرح مشروع بناء عمارات علي تلك الأرضي في مسابقة معمارية,وسرعان ما جمعت الأموال اللازمة بفضل جهود مؤسسها ومديرها المنتدب إيلي موصيري,وحاولت الشركة تذليل كافة العقبات من أجل تحقيق هذا المشروع الضخم فقد كانت هناك مباحثات ميونيخ وتأثيرها علي أسواق مواد البناء ولوازمه ثم إعلان الحرب وما تبعها من رفع الأسعار مرة أخري ونفاذ الجزء الكبير من هذه المواد من الأسواق ثم دخول إيطاليا غمار الحرب وإيقاف صغار المقاولين الإيطالين ووضعهم تحت الحراسة…وأخيرا أصيبت الشركة بنكسة كبيرة ممثلة في فقد مؤسسها إيلي موصيري الذي كان روح المشروع.
وقد تلقت الشركة13مشروعا فحصتها بدقة خلال شهر كامل,ومنحت الجائزة الأولي وقدرها ستمائة جنيه لمشروع المهندسين المعماريينماكس إدرعي,وجاستون وروس,والجائزة الثانية للأستاذ أنطوان نحاس بالاشتراك مع جاك بورديه لاشربونير وتمت الموافقة علي مشروع المهندسين إدرعي وروس ومنحتهما حق الإدارة والإشراف علي الأعمال فقدم المهندسان خلال ستة أشهر تصميمات بناء عمارتين علي تلك الأرض.
تقدمت حوالي(14) شركة مقاولات لتنفيذ المشروع ووقع الاختيار علي شركتي لانج ورولان للمقاولات ذاتي الشهرة في مواد البناء والتنفيذ وعهد إليهما بتنفيذ العمل الإجمالي.وفي 30أبريل 1938 بدأ العمل في البناء,ونظرا لمساحة الأرض الكبيرة التي لا تسمح ببناء كتلة واحدة فقد تم تجزئة الأرض إلي عمارتين يفصلها شارع متوسط اتساعه 10أمتار يمتد من الشرق إلي الغرب ليصل لامتداد شارع الفضل,وفي وسط الشارع أقيم فناءان علي شكل حدوة الحصان توجد بها مداخل ومنافذ العمارتين.
وفي أوائل عام1940 انتهي العمل من إنشاء العمارتين بتكلفة قدرها مليون و200 ألف جنيه.
ومع بداية السكن بالعمارة كانت الشركة تشجع الناس من خلال إعلان بأن السكن بالعمارة لثلاثة شهور بدون إيجار مع بداية العقد وكان الإيجار ما بين6 جنيهات و9جنيهات و12جنيها حسب مساحة الشقة.
واحتفظت العمارة بشكلها الجميل النظيف لفترة طويلة,فكانت عربات المطافئ تقوم بتنظيفها وغسلها مرتين شهريا.
وفي عام 1961 تم تأميم العمارة فامتلكتها شركة الشمس للإسكان والتعمير وتم تصوير العديد من الأفلام داخل العمارة منها قصة ممنوعة لمحمود المليجي وماجدة,حياة أو موتللفنان عماد حمدي ومديحة يسري.
وكان يسكنها العديد من الشخصيات المعروفة مثل اسمهان وأنور وجدي وليلي مراد والمخرج بركات وكمال الشيخ وغيرهم.
هذه باختصار قصة ناطحتي سحاب القاهرة في أوائل الأربعينيات ولعلنا نري الآن سماء القاهرة وقد امتلأت بناطحات سحاب لا تحصي عددها.