شرحنا في الرقم 3 من قبل أن الرقم ثلاثة يرمز إلي كمال الوجود.والله تبارك اسمه كان موجودا وحده منذ الأزل,في كمال وجوده,بأقانيمه الثلاثةالذات,والعقل ,والروحأو الأب والابن والروح القدس.
0 ثم أوجد الله كيانا آخر يحيا معه,هو الخليقة,يرمز إليه الرقم4أربعة.
عاش مع الثالوث القدوس,أو في رعاية الثالوث القدوس,فصارت الخليقة هي الرقم 4 من حيث الوجود.وأصبح هذا الرقم يرمز إلي الخليقة أو إلي العالم,وما ينتمي إلي العالم والخليقة.
0 فالمكان واتجاهاته يشملها الرقم أربعة.
أعني الشمال والجنوب والشرق والغرب.هذه هي الاتجاهات الأصلية للعالم كله,ولكل مكان فيه.وقد تتفرع عنها أربعة اتجاهات أخري تكمن فيما بينها:هي الشمال الشرقي,والجنوب الشرقي,والشمال الغربي,والجنوب الغربي.
والكتاب يذكر مثل هذا الأمر أيضا في الحديث عن المجيء الثاني:
فيقوليبصرون ابن الإنسان آتيا علي سحاب السماء بقوة ومجد كثير..فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت,فيجمعون مختاريه من الأربع رياح,من أقصاء السموات إلي أقصائهامت24:30-31.
0 والزمن أيضا يشمله الرقم أربعة:
أليست فصول السنة هي أربعة:
الصيف والشتاء,والربيع والخريف.وهي تشمل الأقسام الأربعة للزمن علي مستوي ألسنة,تضم مناخ وأجواء الأرض علي مدار السنة.
أما علي مستوي اليوم ,فكان يقسم إلي أربعة أقسام يسمي كل منها هزيع:
الهزيع الأول من الصباح إلي الظهر.والثاني من الظهر إلي الغروب.والثالث من الغروب إلي نصف الليل..والرابع من نصف الليل إلي الصباح.
وعن هذا التقسيم قال الربواعلموا أنه لو علم رب البيت في أي هزيع يأتي السارق,لسهر ولم يدع بيته ينقبمت24:43طوبي لأولئك العبيد,الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين…وإن أتي في الهزيع الثاني أو في الهزيع الثالث ووجدهم هكذا ,فطوبي لأولئك العبيدلو12:37-38وقيل حينما كان التلاميذ في السفينة تتبعهم أمواج البحروفي الهزيع الرابع من الليل,مضي إليهم يسوع ماشيا علي البحرمت14:25.
والقمر في تقسيمه للزمن وللضوء علي مستوي الشهر,تشمله أيضا أربعة أقسام رئيسية:
هي البدر,والمحاق,والتربيع الأول والثاني.وتضم بينها أربعة أشكال أخري:هي هلال مرتين ,والأحدب مرتين وهذه الحالات الرباعية كلها تشمل القمر في أ شكاله ,وفي درجة ضوئه وحكمه علي ظلام الليل…إنها لون من ألوان تدخل الرقم أربعة في شئون الطبيعة…
0 والطباع أيضا يقسمونها إلي أربعة أنواع:
الطبع الناري,والطبع الهوائي ,المائي,والطبع الترابي…نسبة إلي النار والهواء والماء والتراب,التي تتكون منها كافة الطباع الأخري,سواء في الطبيعة الحية أو الجامدة والتي أسماها الكتاب القدامي بالعناصر الأربعة.وهي ليست عناصر بالمفهوم الكيماوي طبعا,ولكنها أربعة طبائع…
0 ونلاحظ أن الطبيعة الجامدة,تشملها أيضا أربعة أقسام أو أنواع:
اليابسة,الماء,الجو,والفلك ونقصد بها اليابسة والماء في أرضنا وعنها قال الكتاب في قصة الخليقةوقال الله:لتجتمع المياه تحت السماء إلي مكان واحد ولتظهر اليابسة…ودعا الله اليابسة أرضا,ومجتمع المياه دعاه بحارتك1:10,9أما الجو فهو ما فوق الأرض من هواء وسحب .ثم الفلك الذي فيه الشمس والقمر والنجوم والكواكب.
0 نلاحظ أ يضا أن الخليقة الحية يشملها أيضا الرقم أربعة:
فهي أيضا علي أربعة أنواع:الملائكة,والبشر,والحيوان والنبات:
الملائكة أرواح مز104:4.وهي كائنات حية عاقلة ناطقة ولها إرادة ولكنها لا تتزاوج ولا تتناسلمت22:30وبالتالي لاتتكاثر بالتناسل.
والبشر كانت حية عاقلة ناطقة ولها إرادة ولكن لها أجساد مادية إلي جوار النفس والروح1تس5:23وهي تتزاوج وتتناسل وتتكاثر.
والحيوانات والنباتات ,ليست لها أرواح خالدة وبلا عقل ناطق .ولمنها تختلف عن بعضها البعض في الحركة وفي طريقة التكاثر والتناسل وفي أمور أخري.
0 ونلاحظ في غالبية الكائنات الحية الأرضية تميزها بالأطراف الأربعة:
فالحيوانات في غالبيتها لها أربعة أرجل.ولذلك يسمونها ذوات الأربعوالإنسان له أربعة أطراف ,يدان ورجلان والطيور لكل منها رجلان وجناحان والنباتات في غالبيتها لها:الجذر,والجذع أو الساق,والفروع بالأوراق,وما تحمله من زهر أو ثمر أو بذر…وهكذا فإن الرقم أربعة يميز هذه الكائنات الحية الأرضية.
0 بل الكتاب يحدثنا أيضا عن الأربعة حيوانات غير المتجسدين:
هذه المحيطة بالعرش الإلهي ,والتي يقول عنها سفر الرؤياوفي وسط العرش وحول العرش أربعة حيوانات مملوءة عيونا من قدام ومن وراء والحيوان الأول يشبه أسد.والحيوان الثاني شبه ثور .والحيوان الثالث له وجه مثل وجه إنسان.والحيوان الرابع شبه نسر طائررؤ4:7,6.
ولعل هذه الحيوانات الأربعة تحوي رموزا عدة:فالأسد يرمز إلي الحيوانات المفترسة,والثور يرمز إلي الحيوانات الأليفة,والإنسان يرمز إلي الحيوانات العاقلة .والنسر يرمز إلي الحيوانات الطائرة فوق مستوي الأرض وكلها ترمز إلي قوات سمائية…
0 وهذه الحيوانات الأربعة تذكرنا أيضا بالأناجيل الأربعة التي أرسلت إلي العالم كله.
الأول هو إنجيل مرقس بأسده المعروف.والثاني هو إنجيل لوقا الذي بدأ بالكهنوت الهاروني الخاص بالذبائح ويرمز إليها وإليه الثور..والثالث يرمز إلي إنجيل متي الذي تحدث عن السيد المسيح الذي من نسل الإنسان وتتحقق فيه النبوءات.والرابع النسر ويرمز إلي إنجيل يوحنا الذي حلق عاليا في عالم اللاهوتيات,وهو آخر الأناجيل.
وهذه الأناجيل الأربعة,بالرقم أربعة ,قد أرسلت إلي العالم كله,أو الخليقة كلها ,كما ورد فيمر16:15
فإنجيل مرقس كتب للرومان وإنجيل لوقا لليونان ,وإنجيل مرقس لليهود,وإنجيل يوحنا كتب بهدها للعالم كله.ولم تزد الأناجيل عن أربعة .إنها واقع يتمثل فيه أيضا الرمز
0 أكانت هذه الأربعة أناجيل ترمز إليها الأنهار الأربعة التي تروي الجنةتك2:10-14
والمعروف أن الماء يرمز إلي الروح القدس وإلي الحياة,كما ذكرنا في حديثنا عن الماء ورموزه.وإلا فما معني ذكر أربعة أنهار تروي الجنة؟أم تراها ترمز إلي اتجاهها في أقطار الأرض كلها التي يرمز إليها الرقم أربعة,والرياح الأربعة التي ذكرها السيد المسيح في حديثه عن مجيئه الثانيمت24:31والتي ذكرها دانيال النبي في رؤياه حينما قالكنت أري في رؤياي ليلا,وإذا بأربع رياح السماء هجمت علي البحر الكبير..وصعد من البحر أربعة حيوانات عظيمة,هذا مخالف ذاكدا7:3,2.
0 ومما يسترعي الانتباه أن سفر الرؤيا يقسم أنواع أو أجناس البشر إلي أربعة:
فورد في ترنيمة الأربعة حيوانات والأربعة والعشرين قسا اشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمهرؤ5:9…أربعة تصنيفات هي قبيلة ,لسان شعب,أمة…
ونفس التقسيم نجده فيرؤ7:9حيث يقول بعد هذا نظرت,وإذا جمع كثير لم يستطع أحد أن يعده من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة,واقفون أمام العرش…
ويكرر نفس الكلام مرة أخري عن ملاك معه بشارة أبدية,ليبشر الساكنين علي الأرض,وكل أمة وقبيلة ولسان وشعب…رؤ14:6كما يكرر نفس التقسيم تقريبا فيرؤ17:15.
0 نلاحظ أن نفس الرقم قد استخدم في الحديث عن مجموعات معينة من البشر.
فقد ذكر الكتاب أربع نبيات في العهد القديم,ثلاثا يمثلن الخير,والرابعة تمثل الشر,في مهمة النبوة وهن مريم أخت موسي وهرونخر15:20ودبورة القاضية قض4:4,وخلده2مل22:4ونوعديه النبيه التي كانت تخيف نحميانح6:14.
كما ذكر أربعة رجال أيضا هم أصحاب أيوب:ثلاثة كانوا معزين متعبينوهم اليفاز التيماني وبلدد الشوحي وصوفر النعمانيأي3:11أي16:2والرابع هو اليهو وكان يتكلم بكلمة اللهأي32-37.
الأربعة هنا وهناك يمثلون الخليقة البشرية خيرا وشرا وهناك أربعة يمثلون الشر أيام نحميا وهم سنبلط وطوبيا وجشم ونوعديهنح6:14,1
وهناك أربعة آخرون يمثلون الخير وهم دانيال والثلاثة فتية القديسون.
وأربع نساءورد ذكرهن في نسب المسيح,وهن ثامار ,وراحاب ,وراعوث,وامراة أوريامت1يمثلن عالم المراة واشتراكه في النسب المقدس,بينما نساء عديدات اشتركن فيه من 41 جيلا فيمت1
0 يمكن تتبع الرقم أربعة في مواد خيمة الاجتماع ,وفي أغطيتها,وفي ستائرها.
ففي المواد:نجد الذهب,والفضة,والنحاس,والخشب تتنوع في قيمتها ,وتشترك في استخدامها وكلها معا تمثل المادة مساهمة في دور العبادة ومن الأقمشة نجد الاسما نجوني والأرجوان والقرمز والكتان…
0 العجيب أنه حتي الشيطان قد دخل الرقم أربعة أ يضا في أسمائه:
ووردت تلك الأسماء الأربعة كلها في آية واحدة في سفر الرؤيا إذ يقول إن ملاكا نزل من السماء فقبض علي التنين الحية القديمة الذي هو إبليس,والشيطان,وقيده ألف سنة وطرحه في الهاوية وأغلق عليهرؤ20:2الرقم أربعة هنا في أسماء الشيطان يرمز إلي الخليقة الخاطئة المدمرة ,في عمق سقوطها وأيضا عقوبة الله لهم.
وفي هذا الإصحاح يذكر العقوبة وقد شملت أربعة يمثلون كل الشر:
فيذكرالأمم الذين في أربع زوايا الأرض,الذين أحاطوا بمعسكر القديسين وبالمدينة المحبوبةفنزلت نار من عند الله وأكلتهم ..وإبليس الذي كان يضلهم طرح في بحيرة النار والكبريت حيث الوحش والنبي الكذاب وسيعذبون نهارا وليلا إلي أبد الآبدينرؤ20:7-10
وهنا يذكر أربعة شملتهم الدينونة الرهيبة وهم:الأمم الخاطئة,وإبليس ,والوحش,والنبي الكذاب والأربعة يمثلون كل الخليقة الخاطئة ,سواء من البشر أو الملائكة.
طويله والحديث عن الرقم أربعةورموزه ولست مستطيعا أن أوفيه حقه كاملا في هذا المقال…ولكنني قبل أن أختم حديثي ,أود أن أعرض لنقطة مهمة في هذا المجال وهي:
مضاعفات الرقم أربعة فمثلا الرقم ثمانية:
يؤخذ وحده ,كما شرحناه من قبل أو يؤخذ باعتباره الرقم أربعة مضاعفا ويؤدي إلي نفس النتيجة.فإن كان الرقم أربعة يرمز إلي الخليقة تكون مضاعفة ترمز إلي الخليقة من جديد,أو إلي بدء جديد كما ذكرنا عن القيامة ورموز الرقم ثمانية إليها ,مع أمور عديدة أخري…
والرقم 12 وهو 4*3:
ذكرناه بطريقة مختصرة حينماعرضنا للحديث عن رموز الرقم ستة ومضاعفاته .ولكنه يحتاج إلي حديث أطول لايتسع له هذا المقال.
ثم ماذا عن رقم آخر له شهرة واسعة ,وهو من مضاعفات الرقم أربعة وأعني به:
الرقم 40أربعين
وقد ورد في مناسبات عديدة جدا ,منها ما ذكر في الكتاب عن الأربعين يوما ,أو الأربعين سنة,أو الأربعين جلدة.
فمن أمثلة الأربعين يوما:
الطوفان مدي أربعين يوما تك7:17
وتحنيط يعقوب أربعين يوما تك50:3.
والصوم أربعين يوما سواء صوم موسي النبي الذي ورد في خر24:18,خر34:28,تث9:25,9أو صوم إيليا النبي 1مل19:8أو صوم السيد المسيحمت4:2.
وإنذار أهل نينوي بأنه بعد أربعين يوما تنقلب المدينةيون 3:4وبقاء السيد المسيح أربعين يوما مع تلاميذه بعد القيامةأع1:3
ومن أمثلة الأربعين سنة:
الأربعون سنة التي قضاها الشعب في البريةخر16:35,عد14:34والأربعون سنة التي استراحها الناس أيام القضاةقض 3:11,قض5:31,قض8:28ما الذي يحمله كل هذا من رموز؟
ثم ماذا عن الأربعين جلدة في معاقبة أنواع من المذنبين؟
كما ورد فيتث25:23كو11:24.
أتراني سأستمر معكم في أحاديث طويلة عن الرموز والأرقام؟…أم من الأفضل أن أتركها إلي حين ,بقصد التنوع معكم في الحديث,إلي أن أنشرها في كتاب بمشيئة الله…؟
نترك هذا إلي تدبير الرب وإرشاده.