أثار قيام قوات الأمن المركزي والشرطة العسكرية بفض الاعتصام الموجود بميدان التحرير بالقوة مؤخرا الكثير من التساؤلات والتخوفات أيضا, فهناك من يعتقد أن ما حدث يعد بداية لمنع المتظاهرين من ممارسة حقهم في التعبير عن آرائهم و مطالبهم بشكل سلمي و هو ما يعد تراجعا شديدا , و البعض الآخر يعتقد أن فض الاعتصام في الفترة الحالية كان ضرورة و لكنه لا يعني بأي حال من الأحوال أنه منع للتظاهرالسلمي في ميدان التحرير أوغيره في الفترات المقبلة.فهل يعود مرة أخري ميدان التحرير كمنارة للتعبير عن الرأي ؟ و ما الضمانات لعودته ؟
بعد فض الاعتصام بالقوة في بداية شهر أغسطس الجاري قام العديد من الائتلافات و التحالفات بإدانة العنف في فض الميدان و منع الاعتصام.. فلقد أدان ائتلاف شباب الثورة علي صفحته الرسمية علي الفيس بوك فض الاعتصام بالقوة, وقيام قوات الأمن المركزي والشرطة العسكرية بفض اعتصام الميدان بالقوة وهدم الخيام وإصابة عدد من المعتصمين والقبض علي مجموعة منهم.. وأكد الائتلاف علي أن حق الاعتصام السلمي مكفول للجميع .
كما رفضت اللجنة التنسيقية لائتلافات شباب الثورة فض الاعتصام السلمي بالقوة, واستنكرت ما وصفته بالاستخدام المفرط للقوة تجاه المعتصمين مشيرة إلي أنه كان من المفترض إنذار المعتصمين أولا قبل البدء في فض الاعتصام بالقوة رافضة مبدأ التخويف والعنف.
حول هذا الموضوع تحدثنا إلي عبد الغفار شكر وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي فقال: ميدان التحرير أصبح رمزا لحق المصريين في التعبير عن رأيهم طالما تم ذلك بطريقة سلمية , وبالرغم من ذلك وفي ظل وجود الميدان كمنبر للتعبير عن الرأي فإننا نطالب القوي الشعبية المختلفة ألا تبالغ في استخدام الاعتصام دون مبرر حقيقي حتي لا نعطي فرصة لمن يشككون في الثوار وفي حقوقهم, فمن الضروري أن يكون أي اعتصام له مبررات محددة و حقيقية, و هناك أحداث تدعو إليه .و لكن في هذا الصدد أيضا نطالب أجهزة الأمن والدولة أن تتعامل بالحسني مع المعتصمين وأن تكون هناك مناقشة وتواصل معهم بشكل جيد للتوصل إلي حلول وقرار مشترك إما بفض الاعتصام أو الاستمرار فيه دون الإضرار بالمصالح العامة .
واستطرد عبد الغفار شكر قائلا : أما فيما يتعلق بمنع التظاهر بميدان التحرير بشكل مستمر و منع المتظاهرين من النزول للميدان فهو أمر صعب للغاية إن لم يكن مستحيلا . فمن الممكن أن نمنع 100 شخص من الاعتصام أو الإفطار الجماعي بالميدان,لكننا لا يمكننا ذلك مع الآلاف أو مئات الآلاف حينما يكون هناك احتياج فعلي للتظاهر أو حتي الاعتصام .
وأضاف عبد الغفار شكر : في الوقت الحالي قامت القوي الأساسية للثورة بتعليق الاعتصام لفترة لإعطاء فرصة لأجهزة الدولة أن تستجيب للمطالب الأساسية المطروحة , بحيث يتم إعطاء فرصة للحكومة و المجلس الأعلي للقوات المسلحة لإنجاز المهام المتعلقة بالمرحلة الانتقالية من انتخابات مجلسي شعب و الشوري ووضع دستور جديد….إلخ . و بالرغم من تعليق الاعتصام حاليا إلا أنه إذا نشأ أي ظرف خطير أو كبير يتطلب العودة للميدان سيعود المتظاهرون مرة أخري ولن يستطيع أحد أن يمنعهم .فميدان التحرير أصبح رمزا لحق المواطنين للتعبير عن رأيهم سلميا دون تعطيل لمصالح البلد .
واتفق معه في الرأي محمد حامد عضو مؤسس بحزب المصريين الأحرار وأضاف : علينا أن نتفق أولا أنه لا يوجد مجتمع مهما بلغت الديموقراطية به أن يكون في حالة تظاهر دائم , فالتظاهر و الاعتصام دائما مرتبطان بفساد أو ظلم ما ,أو يكون حالة من حالات التعبير عن الرأي , لكن أن يكون التظاهر طوال الوقت فهذا غير معقول.. فالاعتصامات قبل أن تكون المحاكمات علانية كانت لها مبررات حقيقية , و الناس كانت بالفعل لديها أسبابها القوية في الاعتصام وفي تخوفاتها من التلكؤ أو وجود تواطؤ, لكن بعد بدء علانية المحاكمات فقد حدثت خطوة عملية و لم يصبح بعدها أي مبرر للاعتصام أو التظاهر, و من يقولون نتظاهرأو نعتصم لمجرد الظنون ودون حدوث وقائع فعلية فلا يعد مبررا في أي دولة في العالم لكي يتظاهر الناس . لكن إذا حدثت انتكاسة حقيقية. فهنا سنعود إلي الميدان مرة أخري لنطالب بحقوقنا .
و حول ما الذي يضمن استمرار ميدان التحرير كمنارة للتعبير عن الرأي بشكل سلمي قال محمد حامد : إن الضمانة الوحيدة لوجود ميدان التحرير كمنارة للتعبير عن الرأي و استمراره علي هذا النحو هو الشعب , فعلي الشعب ألا يتنازل عن حقه , و أن يكون حارسا لحق بمعني أن يتظاهر في حالة حدوث تطورات خطيرة وانتكاسات, وفي هذه الحالة لن يعوق أحد المتظاهرين عن التعبير عن آرائهم بالتظاهر أو حتي الاعتصام مرة أخري في ميدان التحرير.
و في هذا الصدد تحدث إلينا فريد زهران مدير مركز المحروسة للنشر وعضو الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي قائلا : أي منع لممارسة الناس حقهم في التظاهر و الاعتصام يعد ضد الديموقراطية فمن حق الناس أن تحتج . ومن حقهم التظاهر السلمي و هو مكفول بحكم الدستور و كافة مباديء حقوق الإنسان , أما فيما يتعلق بتنظيم ممارسة هذا الحق فهو موضوع يجوز فيه النقاش, وعلي سبيل المثال إذا تظاهر مئات الآلاف أو مليون شخص سيكون من طبائع الأمور أن المصالح المجاورة و المتاجر سيتم غلقها و ستعطل المواصلات العامة والطرق بها , ولا يعتبر في هذه الحالة تجاوزا من قبل المتظاهرين أو عنفا ما, لكن لو ألف شخص تظاهروا وأغلقوا عنوة المصالح وأعاقوا المرور , فهذا يعد ممارسة الثوار لدرجة من العنف و يجوز للسلطات في هذه الحالة منعهم . فمن حق السلطات المختصة بالدولة في هذه الحالة منع المتظاهرين من الإضرار بالمصالح العامة و لكن أيضا يجب أن يتم هذا المنع و الردع بطريقة مناسبة بدون استخدام مفرط للقوة فليس من حق السلطات علي سبيل المثال إطلاق الرصاص لمنع المتظاهرين.
أما أشرف راضي المحلل السياسي , و مدير وكالة رويترز للأنباء, فقال :
بعد فض الاعتصامات الأخيرة بالقوة و إخلاء الميدان من المتظاهرين فإنه لو استمر الوضع الحالي في ميدان التحرير لمدة شهر مثلا سيكون في الفترة المقبلة صراع بين الناس أو المتظاهرين بشكل خاص وبين قوات الأمن فميدان التحرير له رمزية كبيرة جدا و عليه صراع الآن ما بين الثوار و قوات الأمن.