في خطوة سبقتها حالة من الجدل أصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة في مصر ثلاثة مراسيم بقوانين حول التعديلات علي قانوني مجلسي الشعب والشوري وقانون مباشرة الحقوق السياسية, ويشمل قانون مجلس الشعب 14 مادة في قانون مجلس الشعب و11 مادة في قانون مجلس الشوري, ويذكر قانون الشعب أنه مجلسه يتألف من 504 أعضاء يختارون بطريق الانتخابات المباشر السري العام علي أن يكون نصفهم علي الأقل من العمال والفلاحين. ويكون انتخاب نصف أعضاء مجلس الشعب بنظام الانتخاب الفردي والنصف الآخر بنظام القوائم الحزبية المغلقة, ويجب أن يتساوي عدد الأعضاء الممثلين لكل محافظة عن طريق القوائم الحزبية المغلقة مع عدد الأعضاء الممثلين لها عن طريق الانتخاب الفردي.
قانون عسير الهضم
علق عمار علي حسن أستاذ العلوم السياسية علي قانون مجلسي الشعب والشوري أنه عسير علي الهضم والفهم مما تسبب في إرباك الناخب المتشوق لإعطاء صوته لأول مرة في انتخابات حقيقية حين علم أنه مطالب بأن يصوت أربع مرات في أربع صناديق مختلفة اثنين منهم شعب واثنين شوري نصفهم للفردي والنصف الآخر لقوائم الأحزاب كل ذلك في يوم واحد!! والقانون معقد جدا وبالتالي سيتسبب في إبطال عدد كبير من أصوات الناخبين والمجلس العسكري تجاهل إجماع القوي الوطنية علي القائمة النسبية المغلقة ضاربا به عرض الحائط ليأتي القانون بهذا الشكل علي غير رغبة القوي السياسية بما لا يقوي الحياة الحزبية ويبعد كافة أشكال الفساد عن العملية الانتخابية حيث سيتيح الفرصة لفلول الوطني المنحل وأصحاب المال السياسي للعودة بقوة للبرلمان.
بالقانون الأمر أصبح معقدا!!
وقال الدكتور عماد جاد الخبير السياسي بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام إن إجراء الانتخابات علي ثلاث مراحل يعني تقسيم الجمهورية إلي 3 مناطق جغرافية يخصص يوم لإجراء الانتخابات لكل منها لعدم وجود قضاة لتغطية كل المناطق علي مستوي الجمهورية بما يضمن وجود إشراف قضائي كامل علي الانتخابات, معتبرا أن جعل الحاجز الانتخابي نصف في المائة شيء إيجابي – وهو ما يعني أن الحزب الذي لن تحصل قوائمه علي نصف في المائة من أصوات الناخبين علي مستوي الجمهورية أي ما يساوي 3 مقاعد لن يمثل في البرلمان وستوزع مقاعده علي الأحزاب الأخري صاحبة التمثيل الأعلي, وانتقد ترك المجلس العسكري الفصل في مسألة تصويت المصريين في الخارج للجنة العليا للانتخابات وعدم حسمه للأمر مباشرة ورفضه الرقابة الدولية علي الانتخابات قائلا إن الحجة التي ساقها لرفض الرقابة الدولية مرفوضة.
وقال عبدالغفار شكر مؤسس حزب التحالف الاشتراكي إنه في ظل هذا الوضع أصبحت الأمور أكثر صعوبة لأن النظام الفري لن يتيح إلا للمليونيرات وبالتالي سيعيد إنتاج مجلس رجال الأعمال, وأشار إلي أن القانون الذي اتفقت عليه الأحزاب يتضمن تكوين مجلس الشعب من 450 عضوا يتم انتخابهم جميعا بطريق الانتخاب العام المباشر والسري بنظام القائمة النسبية المغلقة وغير المشروطة مع حرية تشكيل القوائم بين قوائم حزبية وقوائم للمستقلين, وتقسم الجمهورية إلي 75 دائرة, وجاء في الشروط الواجب توفرها للمرشح لعضوية المجلس أن يكون بالغا من العمر 25 سنة علي الأقل وحاصلا علي شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها. وأناط القانون بمحكمة النقض الفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب, واعتبار عضوية النائب باطلة بمجرد إبلاغ مجلس الشعب بقرار المحكمة.
كثرة القوائم تحدث بلبلة!
وقال أحمد خيري عضو المكتب السياسي لحزب المصريين الأحرار إن الحزب يوافق علي قانوني مجلسي الشعب والشوري, مبديا تحفظه علي عدد من البنود غير الخلافية, مشيرا إلي أن النظام الفردي مازال قريبا من طبيعة الشعب المصري التي يصعب معها إجراء تحول جذري في النظام الانتخابي, إضافة إلي أن الانتخابات بالقائمة النسبية تتطلب وجود حياة حزبية قوية وهو ما يصعب توفره في مصر الآن.
حذر الحزب من أن قصر نظام الانتخابات علي القائمة الحزبية المغلقة, لا يفتأت فقط علي حق المستقلين الرافضين الانتماء لأحد الأحزاب, ولكن سيدفع بشبهة عدم الدستورية, مما يهدد باحتمال صدور حكم قضائي بحل البرلمان المنوطة بكتابة الدستور ويدخل البلاد في حلقة مفرغة تعود بها للمربع صفر, وهو ما لا تحتملها المرحلة الحالية. وأبدي الحزب قبوله لنسبة الـ50% عمال وفلاحين, مع مطالبته بضرورة وضع ضوابط تحدد صفتي العالم والفلاح, وآليات تمنع الالتفاف عليهما. وتحفظ علي إجبار القانون ترشيح المرأة في قوائم الأحزاب, كونه تمييزا نسبيا لا يقبله بشكل عام, بالنظر إلي أن المرأة شريك في المجتمع, ولكنه يمكن فهمه لفترة محدودة, حتي تتمكن المرأة من ممارسة حقها السياسي وتكتسب الخبرة السياسية التي تجعلها مقبولة عند الناخب المصري.
دعا إلي أهمية تمكين مؤسسات المجتمع المدني من مراقبة وتسجيل هذه الحالات واتخاذ إجراء فوري ضدها يصل إلي حد استبعاد من يستخدم شعارات دينية, كما انتقد عدم نص القانون علي آليات محددة تتضمن عدم استخدام لمال في العملية الانتخابية, مشددا علي وجود ضرورة ملحة, للتعامل مع ظاهرة المال السياسي بكل قوة وردع منعا لتزوير إرادة الناخبين, خاصة في اللحظة الراهنة التي تشهد تدهورا اقتصاديا مع توقف عجلة الإنتاج.
من جانبه انتقد حسين عبدالرازق عضو المكتب السياسي لحزب التجمع وضع شرط للحصول علي نسبة 2% من الأصوات علي مستوي الجمهورية هو شرط مجحف للغاية وقد وضعتها بعض الدول لأنها كانت تعاني من العجز علي تكوين الحكومات ولكن مصر ليس بها هذا الواقع فهي تعاني أصلا من احتكار حزب واحد للسلطة وهذه القاعدة بها سرقة للمقاعد لصالح الأحزاب الكبيرة وهو ما يكرث منطق احتكار الأحزاب الكبيرة للسلطة.
شروط مجحفة!!
قال محمود درويش المحامي بالنقض والدستورية العليا إن القانون يصطدم برفض أحزاب التحالف الديموقراطي لهذه القوانين, بالإضافة إلي الاضطرابات في الشارع والاعتصامات, مما ينبه بكارثة أثناء الانتخابات, وقال إن الانتخابات المقبلة تختلف عن أية انتخابات سابقة, لأنها تعقد بعد ثورة حكي عن مثاليتها العالم, وأثني محمود درويش علي اشتراط احتفاظ بصفته الانتخابية سواء عمال وفلاحين ليستمر النائب عضوا تحت القبة.
قال سامح عاشور رئيس الحزب الناصري إن التحالف منح المجلس مهلة تنتهي اليوم ليعيد النظر في القانون المعروض لمجلسي الشعب والشوري, وسوف يعقد التآلف اليوم لقاء لتحديد موقفه سواء بالمشاركة أو المقاطعة.
ذكر محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة أنه لا تراجع عن إجراء الانتخابات بنظام القائمة النسبية غير المشروطة, وحذر من عدم الإنصات لرغبات الأحزاب بشأن القوانين المعروضة, لأن ذلك ردة للحياة السياسية.
قال علاء عبدالمنعم عضو الهيئة العليا لحزب الوفد إن تطبيق نظام القائمة غير المشروطة يضمن عدم الإخلال بحق المستغلين والأحزاب الجديدة في الترشيح ويساعد في عمل قوائم خاصة, بما يسهم ويحفظ التوازن بين جميع أطياف المجتمع.
وذكر أن قانون مجلس الشعب المعروض يتعارض مع نفسه, حيث حدد القانون نسبة 2% للفوز بعضوية المجلس. وهذا يستحيل تحقيقه في حالة فوز قائمة المستقلين في دائرة من الدوائر.