رغم الدماء التي غلفت عام 2011 وجعلته عاما للأحزان الكبري علي الأقباط, وكانت أشدها قسوة ومرارة دماء الـ28 شهيدا في مجزرة ماسبيرو.. فإن هذه القسوة وتلك المرارة لم تمنعا توافد الأقباط الكبير علي لجان الانتخابات ليدلوا بأصواتهم ويشاركوا في صناعة مستقبل مصر رغم كل الصعاب والمعوقات.
الدكتور مهندس محمد منير مجاهد – مؤسس جماعة مصريون ضد التمييز الديني له رأي في مشاركة الأقباط ودورهم في الانتخابات المصيرية من خلال رؤيته القريبة للمشهد السياسي.
** لهذا التقت به وطني والأقباط وكان هذا الحوار.
* في البداية, هل كنت تتفق مع إجراء الانتخابات قبل الدستور؟
** كان رأيي أن الأفضل هو الدستور أولا وكنت أرفض ترقيع الدستور, وكمهندس تطغي علي مهنتي أقول: كان يجب وضع التصميمات الهندسية لعمارة مصر قبل البناء – أي الدستور أولا – كما أن المجلس العسكري انقلب علي الاستفتاء, وألغي دستور 1971 مما يؤكد أن الاستفتاء لم يكن له أي هدف سوي شق الصف الوطني, وقد ساعد في هذا الإخوان والسلفيون, وحاليا المجلس قام بتصوير أن الاستفتاء كان علي شرعية بقائه؟! وبالنسبة للانتخابات فقد أجبرنا علي ممارساتها فلا مفر.
* وهل حدث شق للصف الوطني في المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية؟
** لا أعتقد ذلك, لكن هناك بعض الحركات السلفية حاولت إضفاء طابع طائفي علي الانتخابات لكن كان تأثيرها محدودا, فالعركة الانتخابية البرلمانية بشل عام لم تتسم بطابع طائفي, وفي رأيي أن أهم ما حدث في هذه الانتخابات هو النزول الجماهيري بكمية غير مسبوقة للمصريين وهذا يدل علي أن الشعب يريد أن يقرر مصيره, وقد فشلت كل المحاولات التي صنعت لإفزاعه وأهمها مذبحة ماسبيرو, وقتل متظاهري التحرير, كلها لم تفلح في زرع الخوف عند المصريين.
* وكيف تري مشاركة الأقباط في الانتخابات؟
** أنا أري أن مشاركة الأقباط في هذه الانتخابات ممتازة, وأري أن تحركهم كمواطنين خرجوا من عباءة الكنيسة إلي رحابة الوطن لكي يدافعوا عن حقوقهم وأثبتوا أنهم رقم مهم في الحياة السياسية المصرية, وأيا كانت النتيجة فلا يمكن لأي فصيل سياسي تجاهل طلبات الأقباط, أو إهمال كتلتهم التصويتية.
* وهل تري أن للكنيسة دورا في تحريك الأقباط؟
** إذا كانت الكنيسة دعت الأقباط للمشاركة فهذا مطلوب, والمرفوض هو التوجيه في الانتخابات, لأننا نرفض أن تشارك المؤسسات الدينية في أي دور في الحياة السياسية, فالمطلوب هو المشاركة الكثيفة من المصريين, وهذا هو الذي سوف يحجم مكاسب الإخوان والأحزاب الدينية.
* ولكن هناك تقارير رقابية تؤكد استخدام الإخوان والسلفيين للمساجد في الدعاية الانتخابية؟
** استخدام الإخوان والسلفيين لدور العبادة أمر مدان أيضا ومرفوض, وأري أن المخالفات كانت بسيطة واستغلال البسطاء وخداعهم وسيلة غير شريفة للمنافسة, وعلي الناس أن تتحمل نتيجة اختياراتها.
* هل حقا أدرك الأقباط أن لصوتهم قيمة؟
** الأقباط جزء من الشعب المصري, وإحساس المصري بنفسه بعد الثورة وشعور الناس كلهم أنهم ذوو قيمة, وهذا دليل علي أن المؤامرة التي كانت مصنوعة ضد الأقباط قد فشلت تماما, ولذلك مارسوا دورهم كمواطنين من الدرجة الأولي.
* هل ممكن أن تحبط نتيجة المرحلة الأولي من الانتخابات, وتقدم الإخوان مشاركة الأقباط في المراحل المقبلة؟
** المفروض أن لا يكون هذا محبطا للأقباط أو للمرأة, فالهزيمة تبدأ من القلب, فإذا اعتقدت أن عدوك لا قبل لك به سوف يغلبك, لكن إذا حاولت مرة واثنتين سوف تغلبه لأن الحق معك, وإذا اختار الشعب المصري الإخوان والسلفيين فقد أخطأ ولكن من حقه أن يخطئ لكي يتعلم من أخطائه, وهذه هي الديموقراطية.
* وماذا لو منع الإخوان أي ممارسات ديموقراطية بعد وصولهم للحكم بحجة تكفير أدبياتهم للديموقراطية؟
** لا, هناك عدد من الأمور المجهولة فإننا لا نعلم أنهم سوف يحكمونا أم لا.. وكذلك لا نعرف أنها سوف تكون الانتخابات الأولي والأخيرة.. ثالثا إذا منعوا الانتخابات لن يسكت المصريون فالشعب خرج من القمقم, وأصبح لا يخاف الدهس بالمدرعات أو القتل بالرصاص, ولذلك لن يسكت علي ذلك أبدا.
* وكيف يتعامل المصريون مع حكم الإخوان؟
** المصريون سوف يفعلون معهم كما كانوا سوف يفعلون مع أي حاكم, فلن يقبلوا الاعتداء علي حريتهم الشخصية, وإذا كانت الديموقراطية تعني حكم الأغلبية السياسية فهي أيضا تعني مراعاة حق الأقلية السياسية, لأن الانتخابات المقبلة قد تقلب الأمر وتجعل الأغلبية, أقلية لأن الأغلبية في السياسة نسبية… وأطلب من الأقباط ألا يقلقوا لأن الشعب المصري في صميمه غير متعصب والقشرة الوافدة لن تدوم طويلا, فلم يحدث في مصر جيتوهات أو أماكن للعزلة.
* ولكن التصويت للإخوان بهذه الكثافة قد يعني عكس ذلك؟
** المصريون لا يقبلون التشدد بصفة عامة, ولي أقارب متزمتون لكنهم أصيبوا بالفزع من تصريحات الإخوان والسلفيين خاصة في الطبقة الوسطي.. وهناك فيديو يظهر سيدات الإسكندرية وهن يقمن بطرد الإخواني صبحي صالح لأنهن رفضن وجوده باللجنة.
* وماذا عن فتوي عدم التصويت لليبراليين والأقباط؟
** هذا الكلام لا يقال عنه فتوي لأنه ليس له أساس ديني, فهي طريقة رخيصة لابتزاز البسطاء من الناس والحصول علي أصواتهم وقد وجدت استهجانا كبيرا, وهؤلاء الدعاة يعلمون أنهم كاذبون.