أوشكت الإجازة الصيفية علي الانتهاء وهناك العديد من الأسر ظلت داخل منازلها تخشي الخروج والتنزه أو السفر في المصايف تخوفا من حالة الأنفلات الأمني وتفشي أعمال البلطجة مما جعل الكثير من الأسر تقرر عدم الذهاب للتصييف هذا العام خاصة أن العديد من المدن الساحلية كان بها مشكلات منها مدينة مرسي مطروح وتواجد الليبيين بشكل مكثف فاريين من المعارك الدامية بليبيا.
وبالرغم من ذلك إلا أنه في المقابل هناك أسر أخري تخطت حاجز الخوف والقلق وسافرت في إجازات طويلة للمصايف أو رحلات اليوم الواحد. فالإجازة الصيفية تعد مجالا جيدا عادة للسفر والتنزه, لكن بعد ثورة25 يناير وحالة التخبط وعدم الاستقرار التي نمر بها في مجتمعنا أثرت بشكل واضح علي الأسرة المصرية, ولكن بالرغم من ذلك فيجب أن يكون هناك مجال للترفيه للأسرة حتي لا تؤثر الضغوط اليومية علينا بشكل سلبي, فهل لايزال أمام الأسرة المصرية فرص للتنزه في الفترة الحالة؟ وما الذي تحتاجه أيضا حتي لا تؤثر الأجواء المضطربة بشكل سئ علي أفراد الأسرة وتتخطي الأسرة هذه الفترة.
بداية تحدثنا إلي الدكتورة ليليان عوض إخصائية الطب النفسي فقالت: إن الأسرة المصرية أصبحت منهكة بشدة في الفترة الماضية علي كافة المستويات ماديا ونفسيا واجتماعيا, بالإضافة إلي التخوفات من الوضع الأمني المتردي في الشارع المصري, كذلك هناك حالة من الترقب داخل الأسرة المصرية لما يحدث في المجتمع علي كافة المستويات فنجد أفراد الأسرة مهتمين بل مهمومون بما يتابعونه عبر الصحف والتليفزيون ووسائل الإعلام المختلفة ولديهم قلق علي المستقبل, وكل هذه الأشياء جعلت الأسرة تحتاج إلي أن يكون هناك متنفس لها ومجال للترفيه والتنزه أكثر من أي وقت آخر, خاصة ونحن في الإجازات الصيفية, وبالرغم من أنها أوشكت علي الانتهاء إلا أنه لا يزال هناك فرص للأسر التي لم تخرج للتنزه هذه الإجازة, أو حتي مجرد الخروج علي الإطار التقليدي لحياتهم اليومية.
استطردت د.ليليان قائلة:إن جمع أفراد الأسرة يحتاجون في الفترة الحالية إلي أن يترابطوا بشكل حقيقي, كأن يقضوا ساعتين أو ثلاثة كل أسبوع خارج إطار المنزل والشكل التقليدي لحياتهم اليومية. خاصة أن التنزه بهذه الكيفية لايكون مكلفا بالإضافة إلي أنه لا يتطلب التواجد لأوقات طويلة ومتأخرة من اليوم خارج المنزل, كان يقوم أفراد الأسرة بالذهاب إلي الكورنيش وركوب المركبات الصغيرة أو الذهاب للحدائق العامة. فالأماكن موجودة وعلينا أن نعلم أن التنزه ليس من الضروري أن يكون لأوقات طويلة ولوقت متأخر من الليل لكن ممكن ساعتين أو ثلاثة فقط, فالفكرة هي كيف نقضي هذا الوقت معا نجلس ونتحدث معا في مكان مختلف عن المنزل, فنحن محتاجين إلي أن نخرج عن شكل الإجازات ومفهومها التقليدي لدينا, فهي ليس مجرد أن أبناءنا يلهون ويلعبون لكن أيضا نقترب أكثر منهم ونسمعهم ونحاول مد الجسور بيننا وبين أفراد أسرتنا أو أبنائنا ونضيف لهم ابتسامة وسط التخوفات وحالة عدم الاستقرار.
أضافت د.ليليان: نحن محتاجين أن ننظر إلي أسرنا وأبنائنا ونحاول أن نترابط ونطمنئن أبناءنا حتي إذا كان نحن أنفسنا غير مطمئنين بشكل كاف. فعلينا أن نسمع أبناءنا أطفالا كانوا أو في مرحلة مراهقة أو شباب, وأن نعبر عن آرائنا فيما يحدث أو حتي مشاعرنا وتخوفاتنا.
اتفقت معها في الرأي الدكتورة إيمان جلال أستاذة علم الاجتماع, وأضافت:بالرغم من أن هناك حالة من التردي الأمني في الشارع ومشكلات عديدة منعت الكثيرين من الاستمتاع بالإجازات بالشكل المعتاد إلا أنه علي الجانب الآخر هناك نقطة إيجابية مهمة وهي أن ثورة 25 يناير والأحداث الأخيرة أيقظت لدي الأسرة دوافع العمل في مجال المشاركة المجتمعية واستغلال الكثير من أبنائنا لهذه الإجازة في وقت الفراغ في المشاركة في أعمال تتسم بأنها خدمة عامة تنمي إحساس أبنائنا وشعورهم بالانتماء إلي وطنهم. فهناك الكثير من أبنائنا علي سبيل المثال قاموا بتنظيف الشوارع التي يقطنون بها, أو تعلموا الكثير عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبدأوا في المشاركة والتعبير عن آرائهم وهذا الأمر لم يكن موجودا بهذا الشكل قبل 25يناير. فهذه الأشياء أيضا تستغل طاقات أبنائنا بشكل إيجابي يشعرهم بالانتماء وبقدرتهم علي العطاء والعمل في بلدهم, وفي ذات الوقت تعد أنشطة صيفية جيدة ومتنوسا لأبنائنا.