الرسم بالأصابع كان اختياره الصعب لعشقه للرسم, فالبرغم من أنه من ذوي الإعاقة البصرية إلا أنه استطاع أن يطوع حواسه ليضع صورة ذهنية عن الأشياء من حوله ويرسمها بأصابعه…صاحب هذه التجربة الفريدة هو الفنان التشكيلي أحمد ناجي(30سنة)…يعمل مرشدا أثريا للمكفوفين في المتحف المصري, حيث يرافق الأشخاص المكفوفين إلي قاعات المتحف للتعرف علي الآثار من خلال مجسمات للآثار المصنعة من الأحجار الصلبة مثل البرانيت والديوارت والبازلت وغيرها.
تقابلنا مع الفنان أحمد ناجي وتحدثنا معه للتعرف علي تجربته في اقتحام مجال يعد جديدا من نوعه بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية, فقال:تخرجت في كلية الآداب قسم تاريخ, وحاليا أعد لرسالة الماجستير من معهد الدراسات العربية والأفريقية, ومنذ طفولتي اهتمت أسرتي ووضعتني علي أول الطريق للدراسة في كافة المراحل التعليمية بالإضافة إلي اهتمامهم بفكرة مشاركتي المستمرة في لأنشطة المختلفة من خلال اتحادات الطلاب وغيرها. كما اهتمت أسرتي الصغيرة بدمجي داخل المجتمع علي كافة المستويات سواء في مشاركتي زملائي بالدراسة في الأنشطة المختلفة, أو في الحياة اليومية العادية مع أسرتي وأقاربي.
وأضاف:كانت لي مشاركات في مجال النحت بالصلصال في البداية وأنجزت مجموعة من المنحوتات لكن بشكل غير احترافي, فمجال النحت هو الأكثر إتاحة بالنسبة للأشخاص المكفوفين. كان لدي التطلع لاحتراف مجال الرسم وأعلم جيدا أنه مجال صعب علي ذوي الإعاقة البصرية. وكانت البداية عندما شاركت في صالون الفن الخاص بالمركز الثقافي في متحف سعد زغلول بمجموعة من منحوتاتي عام2009, وعرضت أعمالي علي الفنان طارق مأمون مدير المركز الثقافي بمتحف سعد زغلول فبادرني بالقول إنني لا أراك في النحت وسأطور خاسة اللمس لديك, وبالفعل قام بتوجيهي لتعلم كيفية الرسم وتشجيعي علي الاشتراك في العديد من المعارض وصالون الفن الخاص بمركز سعد زغلول.
استطرد أحمد ناجي قائلا:حاولت في البداية الرسم باستخدام الريشة أو الفرشاة لكني لم أستطع الإمساك بها حيث وجدت صعوبة في الرسم بهذه الأدوات, فبدأت الرسم بالأصابع حيث قامت بتدريبي بشكل مكثف رشا سليمان مديرة مؤسسة براح للفن التشكيلي حيث قدمت لي برنامجا تدريبيا مكثفا أتقنت في ختامه فن الرسم بالأصابع وشاركت في الدورة الثانية لصالون الفن الخاص بمركز سعد زغلول بلوحتين إحداهما عبارة عن زهرية تحتوي علي أغصان وورود وفازت هذه اللوحة بجائزة خاصة منحها الفنانان علاء الحارتي وهم نحات من ذوي الإعاقة وأسامة زغلول. بالإضافة إلي حصولي علي جائزة تقديرية من الصالون الخاص.
وأشار أحمد ناجي إلي أنه تعلم الرسم بالاستعانة بالموسيقي, حيث قامت رشا سليمان بتدريبه علي ذلك فكانت تسأله عن أنواع الموسيقي التي يحبها مثل موسيقي عمر خيرت, وتطلب منه الاستماع إلي المقطوعة عدة مرات والإفصاح عما يدور في خياله خلال الاستماع وتخيل الآلات الموسيقية وشكلها والعازفين وحركاتهم أثناء العزف ورسم هذه التخيلات علي اللوحة.
كما أوضح أحمد ناجي أن لديه ضعف إبصار شديد لا يكاد يري سوي الضوء خافتا وهذا الضوء يميز من خلاله بعض الألوان مثل الأسود والأحمر والأبيض, أن هذه الألوان لها انعكاسات ضوئية يستطيع أن يشعر بها, كما أن رشا سليمان قامت بتدريبي علي كيفية مزج الألوان واختبار كثافة اللون والتعبير المختلف حسب كثافة اللون.