إلي جميع أبناء كنيستنا الأرمنية في إيبارشية الإسكندرية والمهجر إكليروسا وشعبا.أيها الإخوة والأبناء الأحباء.أنتم الذين اختارهم الله الآب بسابق علمه وقدسهم بالروح ليطيعوا يسوع وينضحوا بدمه.عليكم أوفر النعمة والسلامبطرس الأولي1:1-2يسرنا ونحن علي عتبة الصوم الأربعيني المبارك أن نتوجه إليكم هذه السنة ونقدم لكم رسالتنا الراعوية وموضوعها:الصوم مسيرة فرح وقيامة.
إني أصوم مرتين في الأسبوع,وأودي عشر كل ما أقتنييوحنا15:12
بهذه الكلمات كان الفريسي قائما في الهيكل يصلي فيقول في نفسه إنه ليس كسائر الناس..
الفريس يصوم ويتباهي بفعله هذا,يتباهي به أولا أمام الله وكأن الله لايعلم مافي أعماق القلوب.ثم يقارن عمله هذا مع ما يفعله الآخرون متعاليا عليهم ومميزا ذاته عنهم أمام الله,عمل الله يرضي عنه,فيطمئن إلي ذاته ويأمن حكم الله علي مالم يفصح به أمامه, وكأنه يفاوض الله طالبا إليه أن ينظر إلي ما يفعل علنا ,وأن يغفل عينيه عن ما يفكر ويضمر في داخله رغبة منه في إخفائه.
والفريسي هذا في زمن المسيح,أم في القرن الحادي والعشرين يجهل أو يتجاهل قول الرب يسوع في الصوم:إذا صمتم فلا تعبسوا كالمرائين,فإنهم يكحلون وجوهم ليظهر للناس أنهم صائمون الحق أقول لكم إنهم أخذوا أجرهم أما أنت فإذا صمت فادهن رأسك واغسل وجهك لكيلا يظهر للناس أنك صائم. بل لأبيك الذي في الخفية وأبوك الذي يري في الخفية يجازيكمتي6:18
إخوتي وأخواتي الأحباء
يستمد زمن الصوم أهميته من أعمال التوبة استعدادا إلي عيد القيامة في حياة الكنيسة والمؤمنين مدة أربعين يوما. إن عدد الأربعين تحدد في القرن الرابع تحت تأثير الرموز الكتابية دام الطوفان أربعين يوما,صام موسي وإيليا ويونان أربعين يوما قطع الشعب اليهود الصحراء في أربعين سنة,صام يسوع أربعين يوما.وكذلك سمت الكنيسة الصوم الكبير بالصوم الأربعيني ولكنه فعلياخمسينيلأنها أضافت إليه أسبوع الآلام, وتقدم الكنيسة طوال أسابيع الصوم بدرب صليب طويل يتألف بالصوم والصلاة والتوبة وأعمال الخير ويرافق هذا الزمن مماراسات روحية من أمانات وتقشفات ورياضات روحية.إن للصوم وجهين:وجه معاناة من خلال ممارسة أمانة الذات في الزهد والصلاة والتوبة وأعمال البر والخير ,ووجه إيجابي لأنه توق وانتظار للقيامة المجيد بفرح ورجاء كبيرين.
ما هو الصوم؟
يتعلق بالصوم فريضتان:إحداهما الاقتناع عن أكل اللحوم والبياض مدة الصوم كله.
والثانية الصيام الطبيعي عن الأكل من منتصف الليل إلي الظهر وهنا أريد أن أنوه وأعلمكم بأن الأولاد والمسنين والمرضي والحوامل وعمال الأشغال الشاقة والمسافرين معفون من هذه الفريضة.
تبدأ ممارستنا المسيحية للصوم من اثنين الرماد وتنتهي مساء سبت النور في هذا تتم وصية الكنيسة لنا,إذ تدعونا في الوقت ذاته إلي التوبة ,والعودة إلي الرب بالصلاة والتأمل, وتحثنا أمنا الكنيسة من خلال الدعوة إلي الصوم,علي مراجعة حياتنا وإعادة توجيهها نحو الرب والقريب, فنتجرد وندخل سر المسيح الفادي,نموت معه لنحيا معه في قيامتنا من عبودية الخطيئة إلي حرية أبناء الله.
هذا هو الصوم الذي ترغبه لنا الكنيسة الأم والمعلمة خارج هذا الإطار الروحي يبقي صيامنا باطلا والامتناع عن الطعام إذا لم يرافقه إطعام الآخرين والاهتمام بهم يبقي فارغ المعني يقول لنا إشعيا النبي:الصوم هو أن تكسر للجائع خبزك, وأن تدخل البائسين المطرودين بيتك وإذا رأيت العريان أن تكسوه وأن لاتتواري عن لحمك,حينئذ يبزغ كالفجر نورك ويندب جرحك سريعا ويسير برك أمامك ومجد الرب يجمع شملك إشعياء58:5-8فدعوة الكنيسة تكتمل في فعل التوبة وليس في الامتناع عن الطعام ,لأن الأمتناع هذا ليس عملا روحيا في ذاته بل هو إشارة تضامن مع الفقير والمحتاج ودليل علي التسامي الذي تريده الكنيسة لنا في زمن الصوم.
أسقف الإسكندرية علي الأرمن الكاثوليك