لدرجة الكهنوت سمو وتقدير ودور في الكنيسة وفي المجتمع, وفي هذا المقال سأحاول توضيح نقطتين جوهرتين في رسالة الكاهن
*الكاهن شاهد للمسيح بحياته ومثاله
وهذا المطلب الأساسي يطلبه المسيح من تلاميذه عندما دعاهم أن يمكثوا معه ليرسلهم(مر3:14), دعاهم ليقيموا معه ويلازموه حتي يتعلموا منه كيف يكونون شهودا له, كما كان هو أولا شاهدا لأبيه السماوي باتحاده به في الصلاة والطاعة والرسالة من أجل خلاص جميع البشر. ويوضح قوله هذا في مثل الراعي الصالح(يو10:11-18) وفي حديثه عن الكرمة والأغصان(يو10) وخاصة في صلاته الكهنوتية(يو17) وعندما غسل أرجل تلاميذه وأسس سر الأفخارستيا- سر الوحدة بينه وبينهم ورباط المحبة الأخوي التي تربطهم وتدفعهم إلي الرسالة معا بكل تواضع وعطاء- وهذا ما تؤكده الكنيسة في تعليمها: تقول في وثيقة أعطيكم رعاة(بند27) إن الروح القدس الذي يملأ قلب الكاهن في يوم الرسامة الكهنوتية, يجعله صورة حية للمسيح رأس الكنيسة وراعيها ويهب له الرسالة الكهنوتية والملكية(خدمة الكلمة وخدمة الأسرار وخدمة المحبة والرعاية كما سنري) فالكهنوت ينبوع قداسة ودعوة إلي التقديس في آن واحد, يغمر الروح القدس قلب الكاهن بروحانية عالية, فينعش حياته اليومية بمواهب وفضائل كثيرة تتجسم وتتلخص كلها في المحبة الراعوية, لكي ترافقه في مسيرته نحو الكمال بممارسة المشورات الإنجيلية, هناك إذا صلة وثيقة بين حياة الكاهن الروحية وممارسة رسالته الرعوية والرسولية, إنها دعوة مستمرة إلي أن تكون قداسته أساس ومنبع خصوبة رسالته وتكون الرسالة إشعاعا لقداسته وعونا لتقديس نفسه وتقديس النفوس…هكذا كان القديس جان فيانيه يعلم أبناء رعيته من خلال شهادة حياته…كانوا يتعلمون منه كيف يصلون عندما كان يسجد أمام القربان المقدس طويلا. فيصلون معه بكل خشوع.
*الكاهن خادم المسيح
تعبيرا عن محبته الراعوية, عن محبته لشعب الله وعن النفوس الموكولة وإليه, يقوم الكاهن بخدمة الكلمة أي الكرازة والتعليم وخدمة الأسرار المقدسة لتقديس النفوس خاصة سري العماد والتثبيت وسري الأفخارستيا والمصالحة( الاعتراف) وخدمة المحبة أعني الرعاية الأبوية للنفوس عن طريق افتقاد العائلات ورعاية الاجتماعات والأنشطة والقيام بأعمال الرحمة الجسدية والروحية…يقوم الكاهن بكل هذا باسم المسيح والكنيسة وبالاتحاد معهما…يقوم بها ناظرا دائما إلي المسيح الراعي الصالح الذي يعرف خرافه وهي تعرفه, يفتقدها ويدافع عنها ويحميها ويبذل حياته من أجلها(يو10:11-18) وينصت إلي تعاليم الكنيسة وتوجيهاتها…فقد أوصي قداسة البابا بندكت جميع الكهنة في رسالته يوم الرسالة العالمي(أكتوبر2009) أن تتسم رسالتهم بروح التواضع علي مثال المسيح الذي أتي لكي يخدم وليس ليخدم(مز10) كما أوصاهم أن تتسع رسالتهم علي جميع الناس دون تفرقة وتميز وأن يتبعوا معلمهم يسوع وفي رسالته لافتتاح السنة الكهنوتية يوصي الكهنة بأن يسعوا بكل حكمة لتشجيع الحركات الكنسية والجماعات الجديدة…بشرط أن تعمل في جسد الواحد ومن أجل وحدة الجسد…كما أوصي قداسته بالعمل علي اكتشاف هبات العلمانيين المتعددة وتقديرها وتشجيعهم علي التعاون في رسالة الكهنة وبالاتحاد معهم…كما أوصي الكهنة أن يكونوا متحدين مع أسقفهم ومع بعضهم البعض بالأخوة الفعالة حتي يعيشوا هبة البتولية بفرح وعطاء فيبنوا معا في كنائسهم جماعات مسيحية تتجدد فيها روح العنصرة.