تبدأ الأسرة المصرية السبت القادم رحلة المعاناة والعذاب السنوية التي تستمر لعشرة أشهر متصلة هي مدة العام الدراسي,تحشد كل أسرة جهودها لتوفير نفقات الدروس الخصوصية الشهرية التي تصل في بعض الأحيان إلي أكثر من50% من إجمالي دخل الأسرة,حيث ترغم الأسر علي استقطاع مبالغ مالية من مخصصات الغذاء والملبس وغيرهما,ناهيك عن الاستدانة من الغير وحرمان كل أعضاء الأسرة من وسائل الترفيه,فلا يحق لأي عضو منها أن يطلب الذهاب للسينما أو المسرح أو غيرهما فأحد أفراد الأسرة يتعلم ويحتاج هذه النقودللدروس الخصوصية التي أصبحت حقيقة وواقعا نعيشه,وليس غريبا أن تجد طفلا في الحضانة يحرص والدايه علي حصوله علي الدروس الخصوصية.
يخرج وزير التربية والتعليم معلنا في بداية كل عام دراسي أن الوزارة تولي اهتماما شديدا للقضاء علي هذه الظاهرة المستفحلة,وأنها اتخذت في سبيل تحقيق هذا الهدف كل الجهود المتاحة وغير المتاحة ويعاقب المدرس الذي يثبت أنه أجبر التلاميذ علي الدروس الخصوصية,وتبدأ العقوبة بالخصم من الراتب الشهري وتصل إلي النقل إلي المناطق النائية.
ثم يتفاخر الوزير بعدد المدارس الجديدة التي افتتحت وكيف أن كثافة الفصول انخفضت,ويذكر في سياق الحديث عدد الدورات التدريبية التي أجريت لتأهيل المدرسين وإعداد المستفدين منها.
ينتهي حديث الوزير ويحدو كل أسرة الأمل أن يأتي الوقت الذي تصدق فيه وعود الوزير البراقة لأن الواقع شئ مختلف.
المدرسون يعلنون عن أنفسهم جهارا بأعلي أصواتهم,ويطبعون كتيباتوبورشوراتبل ينشرون إعلانات مدفوعة الأجر في الصحف وكل ذلك بمباركة مستترة من روسائهم في الوزارة ولا مانع لإضفاء مزيد من الدراما وعوامل الجذب الجماهيري أن تجد شعارات من قبيل فلان ملك الفيزياء وعلان إمبراطور الكيمياء,وبلان يضمن حصولك علي الدرجة النهائية في اللغة العربية…إلخ.
وحين تملك شجاعة السؤال عن عقوبات الوزارة المعنية يقولون إنها مازالت مستمرة وتسارو السائل الشكوك,فإذا كانت الوزارة تحارب المدرسين غير الشرفاء الذين لا يدركون أهمية رسالتهم فماذا عن المدرسين الذين يعطون دروسا لإخواتنا وجيراننا وأقاربنا؟!ماذا عن مراكز التقوية الخاصة؟
لا أدري هل نحن نعيش في وطن غير وطنهم أم هم يعيشون في وطن غير وطننا؟!!