جفاف المشاعر
الجفاف سمة من سمات الصحراء الخالية الجافة التي لاتوجد بها أية نقطة ماء حيث المانع للقوي وعدم وجود آثار للحياة ,هذا الجفاف لانراه ولانستطيع أن نراه بل نحس به فقط ولانستطيع رؤيته أو الإمساك به ولايكون علاجه بوجود العطر أو الأنهار ولكن علاجه لم يكتشف بعد .
فالجفاف الذي نعيش فيه هو جفاف المشاعر والأحاسيس فاليوم لايوجد إحساس بالآخر الذي نعيش معه,حتي مع أقرب الناس لدينا رغم حبنا لهم وحبهم لنا إلا أن هناك جفافا في مشاعرنا وفي تعاملاتنا,في المادة وانتشارها بصورة وبائية أصبحت تؤثر علي كل شيء وأثرت علي أنفسنا,فعلاقة الناس ببعضها تغيرت وعلاقة الأخ بأخيه والأم بأبنائها والزوج بزوجته اختلفت كثيرا.
وأصبح الجميع يبحثون عن أنفسهم ومهما يكن الثمن حتي إذا كان الثمن هو العلاقة مع أقرب الناس ..ورغم وجود جفاف المشاعر الذي لانعرف من أين جاء ومتي سيذهب..إلا أننا بحاجة ماسة للبحث عن حلول لهذه الظاهرة لأنها تؤثر علي حياتنا وتؤثر علي الإنسانية نفسها.
————————————————————-
قراءة في فكر التعصب
يخطئ الكثيرون في الظن بأن التعصب قاصر علي فئة دون غيرها أو علي أصحاب دين أكثر من غيره بل الشاهد للعيان أن التعصب طالما وجد البيئة المناسبة سوف ينمو ويزدهر أيا كان دين أو مبادئ معتنقيه وليس هذا معناه أن الأديان شرط للتعصب أو أنها وبمعني آخر هي السبب الوحيد له,هذا غير صحيح علي الإطلاق,فقد يتعصب أصحاب كل مذهب أو ملة ضد المذهب الآخر رغم أنهم جميعا ينتمون لنفس الديانة ويعبدون نفس الإله ولكنه التعصب الذي لا يعرف للعقل أو لاعتبارات الاختلاف الإنساني أي تقدير.والتعصب لا يأتي إلا بالخراب والدمار أما التعايش وقبول الآخر يتيح الفرصة لقيم مثل المواطنة والتعاون ويرفع من شأن تكافؤ الفرص ليتقدم من هو أحق لا لمن له الغلبة.
يجب أن نعترف أن كنا بصدد كشف عوار هذا المجتمع بغية إصلاحه يجب أن نعترف أننا نسبح جميعا في بحار من التعصب يتغذي علي معين لا ينضب من خطاب إعلامي وفضائي لا هم له إلا غرس قيم الغرور بالمعتقدات (الموروثة في الأساس)وكذلك من خطاب اجتماعي يعلي من شأنه في جميع مناحي الحياة,فالتعصب أولا للمذهب أو الملة ثم الدين في عمومه هذا غير التعصب الأول للأسرة ثم القبيلة ثم المحافظة.
إن التعصب الذي نعايشه جميعا يعد جزءا من المنظومة العامة التي نحيا جميعا في ظلها والذي لم ينجو منه أحد فإن التعصب إن لم يجد(الآخر) ليطوله بالأذي والضرر فلسوف يضر أول من يعترض طريقه حتي لو كان من أولي القربي فالتعصب لا يستأذن أن يخترق الحياة الخاصة والخصوصية الذاتية دون أدب في الألفاظ والأفكار والأفعال.
الحديث عن التعصب لا يجب أن ينتهي إلا بعد أن نحاصر هذا الخلق الردئ في أضيق الحدود وحتي يشعر المتعصبون بأنهم الأقلية الحقيقية في مجتمع يعلو فيه شأن الاختلاف.
محمد عبد الفتاح السروري
[email protected]