كم يشعر كل منا بالفخر حينما يسمع العالم أجمع يشيد بشباب مصر النقي الذي خرج في مسيرة سلمية بيضاء يوم الخامس والعشرين من يناير الماضي مطالبين حقوق شرعية ليحيوا حياة طيبة وهو أقل حق لكائن حي.
وكم أشعر بالغيظ عندما أسمع أحد شركائي في الوطن وهو يستنكر هذه الثورة بنتائجها المذهلة خاصة إذا كان هذا الاستنكار مصحوبا بإهانة متعمدة لشخص بعينه.. غيظ يجعلني أقول وماذا فعلت سيادتك حتي تهين غيرك هكذا ومن الذي أعطاك الحق لكي تصف هذا الشباب بكل هذه القسوة والنكران.. ناهيك عن اتهام سيادته لهؤلاء الأنقياء بأنهم عملاء ومدفوعو الأجر ومدربون من قبل مؤسسات معينة بالخارج لاندلاع هذه الثورة.. اتهام جعلني أشك في نفسي وافتش البطاقات والأوراق الخاصة لمن شاركوا من حولي في هذه الثورة!!!
هذا غير اتهام آخر من البعض بأنهم شاهدوا بعض البارزين الذين قادوا ودعوا للثورة وهم يسهرون بعد ذلك مع أصدقائهم ويرقصون.. وكأنهم ليسوا من جنس بني البشر ومن حقهم الفرح!!!
كل هذه الاتهامات تجعلني أتساءل لماذا هذه الاتهامات الزائفة, ولماذا يحاول البعض تشويه صورة شباب استطاع بإرادته وعزيمته وإصراره تحقيق حلم الشعب المصري والذي عاش يحلم علي مدار ثلاثين عاما بحياة أفضل.. عاش ثلاثين عاما لا يفعل شيئا سوي الحلم ولولا هذا الشباب – بعد مشيئة الله تعالي بالطبع – لكانوا يحلمون.. لماذا يحاولون سرقة فرحتهم وتهميش رأيهم بهذا الشكل؟؟
وأعتقد أنه ليس هؤلاء فقط من يريدون ويحاولون إفساد نتائج الثورة.. هناك الكثيرون بلا وعي يفسدون هذه النتائج باعتصاماتهم وتظاهراتهم ووقفاتهم الاحتجاجية أمام الوزارات وقطاعات العمل المختلفة مطالبين بتحسين الدخل وزيادة الرواتب مستغلين الأوقات العصيبة التي يمر بها الوطن معتقدين أن هذا الوقت فرصة ذهبية لتحقيق مطالبهم وإذا لم يستغلوها لم ولن تتحقق مطالبهم معتقدين أن أسلوب لي الذراع## هو الذي أصبح فعالا ومؤثرا.. غير واضعين في الحسبان أن كل هذا يؤثر علي اقتصاد البلد وإنتاجية الدولة.. كيف سنعمر بلدنا ونزيد رواتبنا والموظفين والعمال محتجين أمام الوزارات؟ كيف سيذهبون لعملهم أصلا مع إضراب عمال هيئة النقل العام؟ كيف سنعمر وكيف سنطور وكيف نتقدم وقد أصبح كل واحد منا معترضا علي دخله القليل الذي لا يتناسب مع الوضع الحالي.. وكأن الموظفين كانوا معصوبي الأعين عن رواتبهم وأن الغلاء كان سرا!!!
كل شيء كان معلوما والكل كان صامتا لأكثر من ربع قرن, مما سبب الحماس الذي اتسم به الجميع الآن والذي دفع كل موظف للاحتجاج علي راتبه بالتظاهر والاعتصام والامتناع عن العمل؟
وهل هذا هو الوقت المناسب للمطالبة بالزيادات في ظل هذه الخسائر الرهيبة والفادحة للبلاد؟
وهل هذا هو الأسلوب اللائق والمتحضر للضغط علي حكومتنا بالمطالب؟
يجب علي كل فرد يحب هذا الوطن أن يسمع صوت عقله الذي يدعو للبناء ومشاركة هؤلاء الشباب الذي ضحي البعض منهم بروحه من أجل أن تعيش مصر.. مشاركتهم بالبناء وإنجاح ثورتهم بالعمل الدؤوب الناجح وتعمير أرضنا والذهاب للعمل بجميع قطاعاته من أجل إنعاش حركة البلد مرة أخري وبعد أن ننجح ونعمر ونزدهر نطلب ما نريد.
نريد مصر بخير دائما.. بلد الأمن والأمان كما وصفتها الكتب المقدسة وقصائد الشعراء وكتابات الأدباء, نريد أن نكمل رسالة شهدائنا الذين أريقت دماؤهم, نريد أن نشعرهم وهم في جنة الخلد أن دماءهم لم تهدر وأحلامهم ستتحقق والفساد سيسحق ورسالتهم ستنجح علي أكمل وجه, وأن مصر ستظل دائما رائدة وولادة وبخير.. لأن الجميع فان والوطن باق.