50% عجز متوقع في موازنة الدولة
لا تنزعجوا… خلف الغيوم تطالعنا السماء صافية… فكم مررنا بأزمات وكم صمدنا… وها نحن صاعدون…
** بينما مصر الرسمية تحاول إخفاء الأزمة المالية المتوقعة, تحدث تفجيرات من هنا وهناك, آخرها اعتصام الصيادلة وإغلاق صيدلياتهم احتجاجا علي شكل المحاسبة الضريبية… وأنا هنا لا أناقش الخلافات, وإن كنت أدعو إلي احترام القانون مهما كانت هنا الأعباء في ظل هذه الظروف التي لا تحط علينا غمامتها وحدنا بل شكل الغمام ضجة احتوت العالم كله من الجهات الأربع.
** ولكي ندرك حقيقة انعكاس الأزمة علينا يجب أن ترفق في الأرقام التي تمر من خلال قراءات الصحف, غير أن التقارير التي تتناول هذه الأمور بعمق, وتعطي لكل الأرقام أبعادها السياسية والاجتماعية… وأنا هنا أضع مجموعة من الأرقام وردت في أكثر من تقرير, وإن كانت في النهاية تكاد تكون متطابقة, وإن اختلفت التقديرات قليلا…
* كأس مرة نشربها:
** تتوقع التقارير التي وضعتها أكثر من جهة وقام بها متخصصون تفرغوا لإعدادها في محاولة للتنبؤ بما هو مقبل حتي تستطيع البلاد إعداد خططها في المواجهة, وحتي تجئ التأثيرات السلبية, أخف مما هو متوقع… هذه الأرقام بدون تزويق:
* متوقع أن يحدث الخفض في موارد السياحة بأكثر من 40%, فإذا كانت الموارد في العام الماضي حوالي 12مليار دولار, ستكون الخسارة قرابة خمسة مليارات دولار.
* متوقع أن تنخفض تحويلات المصريين من الخارج بأكثر من 25% علي الأقل, خاصة أن دولا تخلصت من عمالة المصريين, وفي البلاد المتقدمة انخفضت الأجور وزادت البطالة… فإذا كانت هذه التحويلات قد زادت عن ثمانية مليارات من الدولارات, فإن الخفض قد يزيد أيضا علي ملياري دولار.
* نتيجة انخفاض أسعار البترول فقد قدر خفض العائد لعام 2009 بحوالي 15مليار دولار.
* تقرير التجارة يتحدث عن الأسواق الخارجية التي خيم عليها الاكماش وبعضها دخل إلي مرحلة الركود, والمتوقع أن تنخفض صادراتها إلي الأسواق الخارجية علي الأقل -كما قدرت التقارير- حوالي 25% أي بعجز يصل إلي ثلاثة مليارات دولار.
* تقرير يتناول قناة السويس التي حاصرتها ليس فقط الأزمة بل جاءت القرصنة لتزيد الأزمة صعوبة… موارد قناة السويس متوقع لها أن تنخفض -كما أظهرت التقارير- بأكثر من 30% نتيجة ليس فقط القرصنة بل بطء حركة التجارة الدولية… أي حوالي 2.5مليار دولار عجزا…
* ولما كنا نستورد 70% من طعامنا , فإن الاستيراد سيظل, وبالتالي سيزداد عجز موازين التجارة والمدفوعات في ظل بطء الصادرات من ناحيتنا… والمتوقع أن يصبح العجز التجاري في حدود 15مليار دولار. وإن كان عجز المدفوعات نتيجة حسابات مختلفة سيكون في حدود ستة مليارات دولار.
* جمع… وطرح… وقسمة:
** حاصل جمع خفض الموارد المتوقع عام 2009 بفعل الأزمة العالمية وانعكاساتها علي اقتصادنا سيكون أكثر من 33مليار دولار أي حوالي 185مليار جنيه أي أكثر من 50% من حجم موازنة الدولة 2008-2009.
** إذا كانت موازنة الدولة (هذا العام مقدر لها عجز الموارد عن الإنفاق بحوالي 60مليار جنيه. فلنتصور ما الذي ستكون عليه الموارد؟! وكيف يتم إعداد الموازنة العامة للدولة, وكل هذا العجز المتوقع يمتد إلي عام وربما عامين مقبلين.
* المواجهة تتطلب تعبئة:
** حقيقة لسنا وحدنا… وحقيقة أن الأزمة صنعت في بلاد أخري ولكنها حطت علينا بنصيب ثقيل من الأعباء… ولما كان الأمر ليس بيدنا حدوته, ولكن بيدنا أن نخفف عن أنفسنا…ونملك ذلك…
* أولا: تسقط المطالب الفئوية, ليس وقتها ولا الظروف تسمح بها.
* ثانيا: الاهتمام بذوي الدخل المحدود إلي حد الكفاف لنضمن له حد الكفاف.
ثالثا: أحكام عين الرقابة علي مجاري الفساد حتي لا يدفع المواطن البسيط عبء الأسعار وعبء الفساد.
* آخر المواجهات عفوا:
** آخر المواجهات -سيدتي- عفوا فهي تبدأ من البيت… من الأسرة… إن ترشيد الإنفاق هو البداية الحقيقية لمواجهة تداعيات الأزمة.
** في الستينيات من القرن الماضي كان هناك رجلا يتولي وزارة التموين اسمه لا يزال يرن كنموذج للعمل الوطني… أنشأ في مواجهة حصار اقتصادي دولي المجمعات الاستهلاكية تتولي مسئوليتها إدارة سميت بالإرشاد التمويني… وعبرت مصر الأزمة… ها أنا أسمع وزير الاستثمار يتحدث عن تجديد المجمعات الاستهلاكية واستعادة دورها… ياريت…