البطريرك بين شكوك إبراهيم باشا
وعرض القيصر الروسي بالحماية..
*القائد إبراهيم باشا يشهد للنور
**وشاية شيطانية في أذن القائد إبراهيم باشا نجل الأمير محمد علي تقول بكذب النصاري في زعمهم ظهور النور يوم سبت النور في قبر المسيح…
**استدعي إبراهيم باشا البطريرك المصري بطرس الجاولي وسألة عن صحة ذلك, وهو ما أكده غبطة البطريرك..ولكن القائد العائد من انتصاراته العسكرية يداخله الشك وعدم اليقين, لأنه ليس مسيحيا وليس له حتي صديق مسيحي يتأكد منه عن الحقيقية…
**القائد إبراهيم أصر علي أن يصحبه البطريرك إلي كنيسة القيامة بالقدس ليتأكد بذاته من حقيقة ظهور النور…وهناك حاول البطريرك المصري أن يشرح لإبراهيم باشا أن بطريرك الروم الأرثوذكس هو الذي ينزل إلي القبر ويصلي حتي يتفجر النور….غير أن إبراهيم باشا أصر علي نزول البطريرك المصري إلي القبر…وقبل نزول البطريرك المصري إلي القبر,قام إبراهيم باشا بتفتيش البطريرك وملابسه حتي يتأكد أن ليس لديه أي شئ يمكن أن يفجر نورا…
*البطريرك…إيمان لا يتزعزع..
**نزل البطريرك بطرس الجاولي إلي القبر,ليشارك في الصلاة مع بطريرك الروم الأرثوذكس…ولكن الشك الذي لا يزال يزاول القائد العسكري جعله يخرج جميع الناس من الكنيسة وأغلق الباب من الداخل…يريد أن يتأكد أن النور الذي يتفجر في القبر هو نور حقيقي نور إلهي وليس من صنع بشر…
**صلي البطريركان بكل الإيمان وبكل حرارة الصلاة ويتفجر النور ليشق عامودا قائما عند بواية الكنيسة التي أغلقها إبراهيم باشا- كما تروي كتب التراث الكنسي – ويخرج النور إلي الناس خارج الكنيسة حتي يتبارك كل الشعب الذين أخرجهم إبراهيم باشا بالقوة…
**يركن إبراهيم باشا إلي أحد أعمدة الكنيسة مذهولا ويخرج البطريرك مزهوا بنور المسيح ويقين الإيمان…إبراهيم باشا الذي تقول عنه كتب التاريخ إنه لا يعرف الخوف ارتعب وهو يشهدالنور يشق أحد أعمدة الكنيسة-علي ما تروي كتب التراث الكنسي- ليخرج النور إلي الناس بركة وسلام ويقين لجميع الناس…
**لم تذكر كتب التاريخ شيئا بعد ذلك عن القائد العسكري إبراهيم باشا…لكن التاريخ يذكر أن هذه الواقعة تمت قبل حملته علي الوهابيين في الجزيرة العربية وانتصر عليهم ودمر قلاعهم, ولاتزال الأسرة الحاكمة حريصة علي ترك هذهالقلعةدون أعمار لتقف شاهدا علي ما يسمونه حتي الآن:الغزو المصري…!..
*البطريرك السياسي….الوطني…
**البطريرك بطرس الجاولي هذا واجهته واقعة أخري شديدة الأهمية لحساسيتها الكنسية واتصالها الوثيق بالانتماء الوطني…جاء إليه قنصل روسيا في مصر يحمل عرضا من القيصر الروسي لوضع الأقباط تحت الحماية الروسية باعتبار الكنيسة الأرثوذكسية المصرية هيمنارة الأرثوذكسية في العالم, وأن الكنيسة الروسية هي كنيسة أرثوذكسية بالأساس…
**لم يكن العرض الروسي بريئا-لوجه الأرثوذكسية فقط- فقط كانت المنطقة تعيش حالة صراع سياسي دولي بين النفوذ الفرنسي والنفوذ البريطاني وكلاهما يتطلع إليميراث دولة الخلافة العثمانية…تركيا التي كانوا يسمونهاالرجل المريض…وكان القيصر الروسي أيضا يتطلع إلي نصيب من هذا الميراث…وليكن من بوابة حماية الأقباط….
**أدرك البطريرك المصري بحسه الوطني أن عرض القيصر ليس بريئا بل تتداخل فيه حركة السياسة الإقليمية والدولية, وأن عليه أن يرفض أن تكون ورقة الأقباط جزءا من اللعبة الدولية, وأنه يرفض أصلا أن يقايض الانتماء الوطني بحماية أجنبية تنتقص من استقلال الوطن…والذي أدركه البطريرك الوطني حدث بالفعل عندالاتفاق الودي علي تقسيم النفوذ بين بريطانيا وفرنسا فيما حددته اتفاقية بين القوتين سميت اتفاقيةسايكس -بيكو علي اسم الوزيرين الموقعين في بداية القرن العشرين…
**رد البطريرك علي العرض الروسي متسائلا للقنصل:
-هل قيصر روسيا يموت…؟..
-أجاب القنصل الروسي حامل العرض:نعم كلنا نموت..
-قال البطريرك:إذن نحن في حماية من لا يموت(أي في حماية الله)..
**لم ينطق القنصل الروسي بحرف..لكن البطريرك تابع كلامه:نعم…نحن في حماية من لا يموت…
**نعم ….نحن في حماية من لا يموت…كنا …ومازلنا…وإلي الأبد:يد العلي تظللنا…