نشرت صحيفة إسرائيل اليوم مقالا للكاتب الإسرائيلي عاموس ريجف يحكي فيه عن ذكرياته في حرب الغفران التي شارك فيها كجندي إسرائيلي وشهد لكل أحداث الحرب الدامية,فقال: مساء رأس السنة أذيعت مجموعة أغاني كانت بمثابة رحلة عبر الزمن,وأهمها في نظري نشيد أغاني الوطن كان ذلك النشيد هو الذي صحبنا في يوم الغفران,كانت تلك إسرائيل في ذلك الوقت: فرق عسرية… أغاني وطنية… ثقة مطلقة بالنفس,ثم أتي ذلك الصفير في يوم الغفران في الساعة الثانية ظهرا… كانت حرب يوم الغفران بالنسبة إلي انضماما متعجلا إلي كتيبة الرواجم الثقيلة المنقولة 160 ملليمترا,التي صعدت في الجولان في محور يهوديا.
بعد ذلك بـ 36 سنة لا تزال توجد صور حية في الذاكرة, وكأنها منذ وقت قريب: الطريق إلي حوشانيا, والأفق مملوء بغيوم الدخان الأسود من دبابات ومدرعات مشتعلة ومحور النفط, مع دبابات إسرائيلية وسورية مهجورة, وجثث مطروحة علي جانبي الطريق,ومعسكر نفح,وجدرانه محطمة بجنازير الدبابات السورية والهجوم المضاد,ونحن علي تل البسطار قرب القنيطرة,ولواء مدرعات إلي أسفل,عن يسارنا في الطريق إلي محور أمريكا الذي يفضي إلي دمشق. نحن نساعد,وهم ينفضون علي الحدود. إلي خان أرنبة…
وفجأة وجدنا أنفسنا أمام الجميع مثل رأس حربة,وعن يميننا دبابات سورية وعن يسارنا دبابات إسرائيلية,والجميع يطلقون النار علي الجميع,والقذائف الخارقة للمدرعات تطير من جانب إلي جانب,ونحن ندرك أنه لا يوجد أحد أمامنا بيننا وبين العدو… في ذلك اليوم,في موقع إطلاق نار قرب القنيطرة,انقضت علينا الكتيبة السورية,وسقطت قذائف النيران المضادة للبطاريات علي الهدف بدقة علينا في وسط موقع البطارية. انبطحت مع ضابط آخر علي الأرض,وبين انفجار قذيفة والخدش المعدني للشظايا أخذ الضابط السوري يدي اليسري وفحص بحرص الساعة الجديدة البراقة التي في يدي (وكانت أوميجا سيد ماستر وهي ساعة رجال الفضاء), وقال بجدية: ستذكر أنا سأخذ الساعة,عرفت آنذاك أني سأخرج بسلام من تلك الحرب.
أحيانا عندما أنظر إلي ساعتي لأعرف الوقت أتذكر تلك اللحظة وأفترض أنه يوجد لكثير من أبناء جيلي الذين اجتازوا تلك الحرب تميمة ما,شئ ما, شئ يذكرهم بأنهم اجتازوا تجربة شعورية من أصعب ما عرفوا في حياتهم وخرجوا منها وإذا لم تكن تميمة فسيكون جرحا ظاهرا أو خفيا.
لهذا فإن حرب يوم الغفران مهمة جدا. لأننا جميعا بدأناها في بئر سوداء عميقة,وخرجنا منها علي نحو ما,إلي ضوء النهار,كأفراد وكدولة أيضا…
لأننا جميعا دخلنا تلك الحرب مع أغاني الفرق العسكرية وخرجنا منها مع صلاة استغاثة.
عن إسرائيل اليوم
إعداد: بيمن عوض