في أعقاب ثورة 25 يناير الماضي حدث انهيار للاقتصاد الوطني فكان التساؤل الوحيد هو كيف ننهض بمصر؟ وما المقترحات والبرامج التي تساهم في بناء هذا البلد؟. كان لنا لقاء مع د. ممدوح حمزة الخبير العالمي في مجال الهندسة الاستشارية فتحدثنا باستفاضة حول المشروعات التي قدمها لخدمة وبناء مصر منها المشروع الملياري أوإعادة التوزيع الجغرافي للسكان, فإلي الحوار.
* ماذا تقصد بالمشروع الملياري؟
* * هو مشروع إعادة التوزيع الجغرافي للسكان يرتكز علي عدة محاور لتوفير سكن مناسب منخفض التكاليف لكونها تنمية ريفية وليست حضرية, وتوفير فرص عمل وطاقة نظيفة ووسائل انتقال مناسبة, وتعد مشكلة السكن منخفض التكاليف أهم العناصر اللازمة لإنجاح عملية إعادة التوزيع الجغرافي للسكان في الأحوزة المهجورة ويقام بجوار الوحدات الإنتاجية المختلفة سياحة, آثار, تعدين, صناعة, زراعة, صناعات زراعية, وصناعات حرفية. وأري أن انتقال سكان الريف إلي الحضر هو نتيجة عدم توفير فرص عمل وحياة مناسبة التي أدت إلي جعل المحافظات الريفية طاردة لسكانها فمعظم ضحايا انهيار المقطم في الأساس سكان الريف.
* كيف تري السياسات الإسكانية السابقة؟
* * السياسة التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة لم تؤد الغرض منها بل أدت إلي تفاقم المشكلة وتعظيم الأمراض الاجتماعية, فمشكلة السكان في مصر ينبغي أن يتم حلها من خلال فريق عمل يتشكل من خبراء الديموجرافيا والجيولوجيا والجغرافيا الطبيعية وجغرافيا السكان والاقتصاد والاجتماع والتنمية فلابد التركيز علي حل مشكلة السكان بشكل جذري علي المديين القصير والطويل من خلال استراتيجية يراعي فيها النمو السكاني المتوقع.
* وما محاور مشروع إعادة التوزيع الجغرافي؟
* * المحور الأول هو التركيز علي الإسكان منخفض التكاليف بحيث تركز الحكومة علي مشروعات الإسكان منخفض التكاليف, وأن تترك للقطاع الخاص الإسكان المتوسط الفاخر, وألا تتدخل الحكومة بتمويل أو بناء سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بدعم سعر الأرض, والمحور الثاني التنمية العمرانية الريفية وتركز الحكومة خلال الخمس سنوات المقبلة علي التنمية العمرانية الريفية خارج الوادي وأن تبعد هذه التنمية بمسافة كبيرة بإنشاء تجمعات أو قري تعتمد علي الإنتاج الزراعي وعلي الصناعات المغذية للعملية الزراعية والصناعات التي تتعامل مع المنتج الزراعي والصناعات التحويلية فضلا عن الاهتمام بالصناعات كثيفة العمالة, والتي لا تحتاج إلي مياه كثيرة ومن هذه المناطق توشكي, شرق العوينات, الساحل الشمالي الممطر لإنتاج زراعة موسمية واحدة في موسم المطر, الوادي الجديد, الفرافرة, أبو منقار, الداخلة وأقترح أن يصدر قرار بمنع نقل أو انتقال مواد البناء داخل الوادي شمالا أو جنوبا إلا لمشروعات البنية الأساسية لمدة لا تقل عن خمس سنوات, والمحور الثالث خدمة قوانين كإصدار حزمة من التشريعات هدفها العمل علي الترغيب في السكن في المناطق الجديدة, والمحور الرابع تدارك تعدي القطاع الإداري علي الوحدات والمناطق السكنية بل إن عمارات سكنية بالكامل تحولت إلي مكاتب وشركات, والخامس تشجيع المستثمر المصري علي بناء بغرض التأجير والسادس مشكلة الإسكان ليست هندسية وأنها تختزل المشكلة في الجانب الهندسي فقط فدور الهندسة ينحصر في البناء ولكن حل مشكلة الإسكان في أيدي خبراء الديموجرافيا والاقتصاد والاجتماع ويمكن الاستعانة بهم فنحارب الدول المتقدمة.
والمحور السابع أسلوب البناء, وهو مشروط بالإسكان منخفض التكاليف في المباني لتكون أكثر ملاءمة خاصة في البناء خارج وادي النيل من خلال البعد عن استخدام الاستراتيجية المرتبطة باقتصاد السوق مثل الخرسانة وحديد التسليح ويكون الاعتماد بالأساس علي الطوب وأخشاب الأشجار التي يجب أن تزرع بمياه الصرف الصحي المعالج, والمحور الثامن استخدام التمويل غير التقليدي لإعادة توزيع السكان, فالموارد المائية دائما بمثابة الوقود المحرك لأي خطط أو حلول للمشكلات القومية وأهمها مشكلة إعادة توزيع السكان وأن التمويل من خلال فرض ضريبة علي المسطحات الخضراء غير المنتجة للغذاء مثل ملاعب الجولف والحدائق والمتنزهات والشواطئ الخاصة علي البحار والبحيرات والوحدات العقارية الشاغرة, كما يتم فرض ضرائب علي الأجانب الحائزين علي وحدات سكنية في المناطق الحضرية والفنادق وقرض رسم استيراد ضئيل علي جميع السلع المستوردة والجامعات الخاصة التي تزيد مصاريف الالتحاق بها عن 20 ألف جنيه بالإضافة إلي التمويل الذي توفره وزارة الإسكان لمحدودي الدخل.
* وهل تستطيع أن تجبر ملاعب الجولف وغيرها علي دفع ضرائب؟
* * فرض الضريبة علي المسطحات الخضراء غير المنتجة للغذاء ومنها ملاعب الجولف لم يأت من فراغ ولكن نظرا لتكلفتها ومدخلاتها المالية واستهلاكها من المياه والأرض لغرض الاستمتاع وليس الحاجة ففي مصر يوجد 20 ملعبا للجولف وجار العمل علي إنشاء ثمانية ملاعب أخري, وتبلغ تكلفة إنشاء الملعب الواحد ملايين الدولارات طبقا لعدد الحفر في الملعب الواحد والتي تتراوح من 9 إلي 18 حفرة تبعا لمساحة الملعب, والتي تصل إلي 135 فدانا ويستهلك فدان الجولف الواحد من المياه 17000 متر مكعب سنويا بمقدار مليوني متر وربع مكعب مياه للملعب, بما يكفي الاحتياجات المنزلية لحوالي 11 مليون نسمة أو زراعة 600 فدان قمح أو شعير لإنتاج الخبز, بالإضافة إلي أن عوائد ملاعب الجولف لم تتعد 6.7 ملايين دولار في السنة وعدد لاعبي الجولف المسجلين في الاتحادات لا يتجاوز عددهم 17 ألف لاعب.
* وكيف يتم فرض ضرائب علي الشواطي ومن الذي يقوم بدفعها؟
* * الشواطئ في مصر يصل طول الشواطئ الخاصة الساحل الشمالي والبحر الأحمر والبحيرات 1500 كم فهل من المنطقي أن يتمتع بهذه المساحات المهولة المطلة علي المياه شريحة ضئيلة جدا للغاية من المواطنين تحت وهم السياحة بينما السواد الأعظم من السكان هم الفقراء لا يجد السكن المناسب فيجب فرض رسم عن كل متر طولي من هذه الشواطئ والضريبة العقارية التي ينبغي فرضها علي الوحدات العقارية الشاغرة خالية أو مغلقة فليس من المقبول أن يوجد في القاهرة والإسكندرية أكثر من 20 مليون مواطن يسكنون المقابر والعشوائيات بينما يوجد في القاهرة الكبري أكثر من 2 مليون وحدة عقارية شاغرة بما يوازي حوالي 20% من الثروة العقارية فليس من المقبول أن يموت الآلاف سنويا في مصر ضحايا عدم وجود السكن المناسب, بينما يوجد في مصر أكثر من 7 مليون وحدة عقارية, فذلك يؤدي إلي لجوء مالكيها إلي بيعها أو تأجيرها بما يساعد في حدوث وفرة في سوق العقارات.
* لماذا فكرت في هذا المقترح؟ وهل يناسب ظروف مصر؟
* * لوجود أكثر من 90% من السكان يتركزون علي ساحة الوادي والدلتا وتساوي 4% من مساحة مصر وتمثل الصحراء الغربية 68% والهدف من المقترح نقل مركز الكثافة السكانية إلي الغرب وذلك لتشجيع سكان الوادي والانتقال طواعية إلي حياة أفضل في الصحراء الغربية, مع التركيز علي العشوائيات والقوي المزدحمة في الدلتا والوادي واستهداف الشباب ما بين 22 إلي 32 سنة ويكون التحرك غربا بناء علي برامج تشويق للفكرة بالإقناع والتحفيز ومتابعة وتقييم لكل مرحلة بعد التنفيذ للتأكد من عدم وجود أخطاء في التنفيذ.
* ما المميزات التي تأتي نتيجة تنفيذ هذا المقترح؟
* * عدم اعتماده علي سحب مياه من النيل ولا يتطلب إنشاء بنية أساسية لعدم توفرها في هذه المناطق فضلا عن وجود المياه الجوفية والأراضي الصالحة للزراعة ووجود تجمعات سكنية وخدمية يمكن الاستعانة بهما, بعد منطقة المقترح عن الظهير الصراوي للمحافظات إمكانية التوسع المستقبلي في هذا المقترح دون تأثير سلبي علي الوادي إقامة الأنشطة زراعية سياحية وصناعية في مصادرها.
* وما العائد المتوقع من تفعيل هذا المقترح؟
* * هناك عائد مباشر من خلال تقليل التكدس السكاني في الوادي ومحاربة الفقر وخلق بيئة صحية تقلل الأمراض المتوطنة فضلا عن تقليل عمالة الأطفال والعائد غير المباشر مثل استغلال مكان هذه العشوائيات بمنهج اقتصادي وتقليل الجريمة والتطرف وخلق مناخ أفضل للاستثمار.
* ما الدوافع التي أدت لقيام هذا المشروع؟
* * انكماش الأراضي الزراعية من التمدد العمراني وتدهور التربة وتباطؤ مردود التنمية مع وجود التكدس السكاني والعشوائية وتحديات غرق الدلتا وهو ما يؤدي إلي هجرة 6-10 مليون نسمة عام 2050 ولذلك يبني هذا المقترح إقامة أنشطة تعمل علي جذب عدد من السكان إلي الصحراء الغربية وتحقيق أكبر عائد من كل متر مياه.
* وما التحديات التي تواجه المشروع؟
* * أول تحدي هو المياه وقدرت كمية المياه الجوفية الممكن استغلالها من سمك 150 مترا من الحجر الرملي النوبي بحوالي 2340 مليار متر مكعب يمكن بها ري 500 ألف فدان من الأراضي الصالحة للزراعة بنحو 3.7 ملايين فدان ويعتمد علي حفر الآبار الجوفية وتحدي النقل يمكن الاستفادة من شبكة النقل الحالية والنقل البري وأتوبيس الوجه القبلي للنقل والسياحة ويمكن التغلب عليها من خلال إقامة خط من منطقة مناجم فوسفات أبو طرطور إلي ميناء سفاجا مارا بالخارجة وخط الحديد من قرية صنعاء بالخارجة إلي مدينة باريس بطول 42 كم والنقل الجوي يعمل عديد من المطارات بالمحافظات الخارجة والداخلة وشرق العوينات السلوم والأقصر وأسيوط وجار حاليا إنشاء مطار الفرافرة وأقترح إضافة المنطاد كوسيلة نقل وتشجيع المستثمرين مجزمة الحوافز والتركيز علي الطاقة المتجددة.
* ما شكل التنمية في الصحراء؟
* * يوجد في الصحراء موارد كثيرة منها موارد سياحية ويتوفر فيها المقومات متعددة للسياحة منها المواقع الأثرية التي ترجع إلي مختلف العصور التاريخية حيث يوجد 120 موقعا أثريا فرعونية رومانية -قبطية -إسلامية فضلا عن المواقع الجيولوجية والموارد التعدينية والحجرية مثل الفوسفات الذي يوجد بمدينة أبو طرطور علي الطريق المتجه من الخارجة إلي الداخلة والإضافي 710 ملايين طن جار استغلاله فضلا عن وجود المياه الجوفية والأراضي الصالحة كما يوجد مشروعات كثيرة مقترحة مثل مشروع ميناء سيدي براني وهو ميناء للبضائع العامة والبترول والحاويات وينشأ خلف منطقة صناعية مركز توزيع لوجيستيه ومصنع لتعبئة الأسماك في الساحل الشمالي ويقام في جنوب أبو سمبل غرب بحيرة ناصر ويقترح وحدة تعبئة وتصنيع الأسماك ومنتجاتها ويوفر فرص عمل 300 فرصة عمل مباشرة.
* لماذا لم يتم تنفيذ مشروع توشكي حتي الآن؟
* * هو مشروع لزراعة 480 ألف فدان ولكنه ضل الطريق نظرا لسوء الإدارة فهو مشروع جيد ويجب الاستمرار فيه فكل زراعة لها درجة حرارتها ويتم الزراعة فيها محاصيل مثل البصل والكانتلوب والباذنجان وكل الخضروات والفاكهة والذين عاشوا هناك لا يريدوا العودة مرة أخري ومشكلة الحرارة العالية يمكن التغلب عليها بعد الخروج أثناء الفترة من 12 إلي 3 مساء في الثلاثة شهور يوليو, أغسطس, سبتمبر.
* وماذا عن الأحوزة المهجورة وكيف السبيل لتعميرها؟
** أهم هذه الأحوزة هي في الصحراء الغربية التي تشكل 68% من مساحة مصر, وبدأت بها المشروع لكن سيناء عليها مشكلة مكان هناك مخطط خائن لعدم تعميرها مثلما كان هناك مخطط خائن الاتفاق مع حوض النيل بتعليمات مبهمة غير مفهومة لتشغيل الاتفاقية.