جري الحال علي عدم مساءلة الرؤساء والوزراء والمحافظين والمسئولين في مصر قانونيا وكثيرين منهم يعيشون فسادا لسنوات طويلة لدرجة أن مناصبهم أعطتهم انطباعا أنهم فوق القانون وخارج دائرة الحساب.. ولعل محاسبة الحكومة والمسئولين حلم طال به الأمد لتأتي ثورة 25 يناير بالتغيير والسؤال الآن: كيف نبدأ في منظومة جديدة بلا فساد؟ ومتي تصبح لدينا القوانين التي تحاكم المسئولين أثناء الخدمة.. في هذه المحاور تحاورنا مع الدكتور مصطفي كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.
بعد انعقاد البرلمان
* * هل يوجد لدينا قانون لمحاكمة المسئولين أثناء الخدمة أو بعد خروجهم؟
* فيما يتعلق بالوزراء لم يصدر قانون بمحاكمة الوزراء أو المحافظين ولكن في حالة التقاعد يصبحون مواطنين عاديين ويحاكمون أمام المحاكم العادية, أما رئيس الدولة فالدستور ينظم محاكمته أمام مجلس الشعب في حالة وجوده في الحكم ولكن ما يجري الآن مع الرئيس السابق محمد حسني مبارك محاكمة أمام المحاكم العادية لأنه رئيس سابق لهذا يتم معاملته كمواطن عاد, ومن المفترض أن يصدر قانون لمحاكمة المسئولين في الفترة القادمة بعد انعقاد مجلس الشعب لأنه هو السلطة التشريعية التي يحق لها أن تفعل ذلك وأعتقد أنه سيكون من أولوياته إصدار هذا القانون.
الفساد بالقوانين !
* * بعد ثورة 25 يناير تم تغيير الرئيس وبعض النظام ولا كل النظام. فكيف يمكن أن نغير كل النظام ونبدأ في منظومة جديدة؟
* بعد الثورة تم تغيير الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الشوري والوزراء وأيضا عدد كبير من المحافظين ولكن للأسف لم نتناول أسباب الفساد بعد, فهو موجود في القوانين وثغرات القوانين التي تسهل علي المسئولين الفساد وعلينا أن نبحث عن هذه الثغرات ونعدل القوانين حتي لا تغطي علي الممارسات الفاسدة, وأيضا تقوية دور أجهزة الرقابة مثل هيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات وجهاز الكسب غير المشروع وإتاحة التقارير السنوية لهذه الجهات ونشرها أمام الشعب. يضاف لذلك تشجيع أجهزة الإعلام والكشف عن الفساد والحصول علي المعلومات الضرورية للجهات الإعلامية والصحفية, وفي حالة وجود انتخابات مجلس شعب نزيهة ومعارضة قوية في هذه الحالة يقوم المجلس بصفته السلطة التشريعية بمهمة الرقابة بفاعلية علي كل المسئولين بالإضافة لتقوية سلطة المجالس الشعبية في مجال مساءلة المسئولين المحليين والرقابة عليهم.
* * وهل هذا يستغرق وقتا؟
* لن يستغرق وقتا إذا كانت هناك إرادة سياسية قوية لمكافحة الفساد من قبل المسئولين.
نفعل بالقوانين
* * هل الدستور المصري ينص علي مواد لمحاكمة الفساد؟
* هذه المواد موجودة بالفعل في الدستور ولكنها مواد عامة وغير مفعلة في عدم وجود القانون وهي التي يتم الفساد من خلالها لذلك يجب أن نفعل المواد حماية لمصالحنا.
ليس كلها
* * هل يمكن استعادة أموال المسئولين المهربة للخارج؟
* يمكن أن تعود بعض الأموال وليس كلها ولا يمكن إعادتها إلا بعد انتهاء المحاكمة القضائية التي تؤول في النهاية إلي الإدانة من عدمها للمسئول وهذا يستغرق أوقاتا طويلة.
فصل بين الاثنين
* * ما الفرق بين وكيل النيابة وقاضي التحقيق؟
* في الوقت الحالي لا يوجد فرق ولكن يجب أن يتم الفصل بينهما لأن وكيل النيابة سلطة اتهام وقاضي التحقيق سلطة تحقيق وكان كل منهم يعمل بمنأي عن الآخر قبل ثورة عام 1952 وتم إدماجهم بعد الثورة في نفس العام, ولكن في الدول المتقدمة يوجد فصل بين الاثنين مثل فرنسا والتي نقلنا خعنها منظومتنا القضائية لذلك نجد النائب العام هو سلطة اتهام وتحقيق في نفس الوقت ونأمل أن يتم الفصل لأنه سيحقق نتيجة أفضل تصب في مصلحة المواطن المصري وهذا ما طالب به منذ وقت طويل القضاة ومنظمات حقوق الإنسان.
أثر إيجابي
* * ما تقييمك لظاهرة تعدد الحركات والائتلافات الاحتجاجية التي تشهدها مصر في تلك الفترة؟ وهل هذا ينعكس بالسلب أم بالإيجاب علي المستقبل؟
* هذا أمر طبيعي بعد الثورة لأن هذه الفئات أصحاب شكاوي ومطالب مشروعة لم يستطعوا من قبل المطالبة بها والثورة شجعتهم علي المطالبة بحقوقهم, وأري أن هذا له أثر إيجابي فالحكومة بدأت تفتح حوار بينها وبين أبناء الوطن ولكن لا ترد عليهم بقوة السلاح كما كان في السابق.
علي الحكومة أن توضح
* * أين يتجه الاقتصاد المصري بعد 25 يناير؟
* لا أعتقد أن التوجهات الرئيسية للاقتصاد المصري ستتغير في المنظور القريب فالحكومة مازالت تشجع الاستثمار الأجنبي والخاص وتشجع علي تنمية وتطوير الخدمات وهي الاتجاهات الأساسية التي كانت موجودة من قبل, وبالرغم من أننا مازلنا بعيدين عن الخط الأحمر من الخطر في الاقتصاد إلا أننا نقترب منه, وإن لم نبتعد عنه بالنمو والنشاط الاقتصادي إلي مستوي أعلي فوق نعجز عن توفير المواد الأساسية لاحتياجاتنا من الطعام ومستلزمات الإنتاج, وعلي الحكومة أن توضح رؤيتها للفترة الانتقالية وتعد المواطنين بثمرة تحسن نمو الاقتصاد وما يعود عليهم من خدمات, وأن يتم ذلك من خلال البيان الأسبوعي الذي يلقيه د. عصام شرف رئيس الوزراء للمواطنين ويؤكد عليه أو من خلال بيان للقوات المسلحة.
* * كيف يكتمل نجاح الثورة؟
* من خلال الحوار بين المجلس الأعلي للقوات المسلحة والقوي المدنية والاتفاق علي إدارة المرحلة الانتقالية وأن يتقدم بالحوار وليس بالقرارات التي تصدر من جانب واحد ونري من الجانب الآخر احتجاجات واعتصامات.