دائرة حدائق القبة كانت نموذجا صارخا للمناخ السلبي الذي ساد معظم الدوائر كما أعلنت ائتلافات المراقبة التابعة لمنظمات المجتمع المدني. إذ أعلن ائتلاف الديموقراطية في تقريره الأول عن الانتخابات أن المناخ السلبي أفرز في معظم محافظات مصر عن وجود تسويد للبطاقات ووجود صناديق اقتراع مغطاة من الداخل, مع منع للإعلام والمراقبين من المتابعة في معظم الدوائر, ذلك بخلاف ظاهرة شراء الأصوات, ووقوع اشتباكات بين أنصار المرشحين ووقوع حالات وفاة في بعض الدوائر منها وفاة نجل محمد أبوعمرو نجل المرشح المستقل بالمطرية عقب تلقيه عدة طعنات أمام محطة مترو الأنفاق.
شهادة حية
انتقلت وطني لتغطية ما يجري في دائرة الحدائق, في الثامنة صباح يوم 28 نوفمبر أمام مدرسة محمود سامي – لجان سيدات – يقف ممثلي الأمن علي باب المدرسة للاطلاع علي البطاقات الشخصية وبطاقات الانتخاب لكل من يود الدخول للتصويت, تقدمت للدخول مبرزة كارنيه نقابة الصحفيين, استوقفني أحد الضباط قائلا: ممنوع دخول الإعلام ناقشته دون جدوي ثم طلب مني الانتظار وأجري مكالمة هاتفية من تليفونه المحمول وأبلغني قائلا: المسموح لهم بالدخول صحفيين الصحف القومية بس وطلب مني الرحيل. في دهشة وحيرة تراجعت ووقفت للمتابعة أمام المدرسة لمدة ساعتين فإذا بالنساء البسيطات قادمات في سيارات ميكروباص كل سيارة تتبع أحد المرشحين, علي بعد أمتار من المدرسة علت أصوات مجموعة من النساء يتراشقن الألفاظ في مشاجرة علي ثمن الصوت الذي كان من المتفق أن يباع بمائة جنيه بينما تم دفع خمسين فقط, كان التراشق ما بين النساء المتوجهات للإدلاء بأصواتهن وبعض النساء من أنصار مرشح الحزب الوطني حشمت فهمي.
الدار البيضاء
انتقلت إلي مدرسة الدار البيضاء بحدائق القبة – لجان سيدات – وبعد منقاشات طويلة مع أفراد الأمن أمام المدرسة تم السماح لي بالمرور علي اللجان لمدة لا تزيد عن خمس دقائق بصحبة أحد الضباط. كان الإحجام عن المشاركة واضحا جدا فبالمرور علي كافة لجان المدرسة لم أجد سوي عدد ضئيل جدا من السيدات يرتدن اللجان للاقتراع, كل اللجان بها صناديق مغطاة من الداخل اللهم إلا أربعة صناديق زجاجية فقط علي مستوي لجان المدرسة كلها. اقتربت من أحد رؤساء اللجان – الذي رفض ذكر اسمه وطلب عدم ذكر رقم اللجنة خشية البطش به – وسألته لماذا قبلت استلام الصندوق مغلقا ومغطي هكذا؟ أجاب: هم جابوه كده الصحب وقالوا لي مالكش دعوة وماتجيش جنبه, أنا ماليش دعوة إحنا بنشوف شغلنا ونمشي.
شراء للأصوات
عند مدرسة النقراشي الإعدادية – لجان رجال – كان الوضع أكثر سخونة فأنصار المرشحين يتبارون في الدعاية أمامها وعلي جانبي الطريق مجموعات من البلطجية يقفون في حالة تأهب توجهت إلي باب المدرسة للدخول منعني لواء شرطة يقف علي باب المدرسة قائلا: ممنوع الدخول لازم تصريح وعليه صورتك والكارنيه مالوش لازمة واللي دخلك الدار البيضا غلطان أدركت من نبرة صوته أنه لا دخول فتوجهت إلي الناخبين علي الرصيف وأطلقت نظرة للأدوار العليا بالمدرسة وإذا بهرج شديد.
أحد الخارجين بعد التصويت سعيد أبوطالب قال: أنصار حشمت فهمي مرشح الوطني بالداخل كلهم من البلطجية بيجبروا الناس علي انتخاب حشمت وهناك حالة من الترويع باللجان واشتباكات والأصوات بتتشري سألته عن ثمن الصوت وتصادف مرور رجل عجوز بجواري يرتدي جلبابا وبدا الفقر واضحا عليه فقال بصوت خافت: خمسينات وميات ناديته في محاولة لمعرفة معلومة منه صرخ قائلا: ماليش دعوة ماعرفش حاجة.
الريحاني.. تسويد للإحجام
انتقلت إلي مدرسة نجيب الريحاني – سيدات – كان الإقبال ضعيفا جدا ومنعوني من الدخول كما منعوا المراقبين من منظمات المجتمع المدني انتهرني الضابط الواقف أمام المدرسة بعنف وأعطي أوامر بإبعادي عن المنطقة المحيطة بالمدرسة.
عند مدرسة الدويدار بالحدائق – لجان رجال – كان الوضع أكثر غرابة إذ سمح لي العقيد المتواجد علي باب المدرسة بالدخول بصحبة أحد الضباط وعندما صعدت إلي الدور الثاني الموجود به اللجان قابلني ضابط أمن الدولة بملابس ملكية وثار في وجهي ثورة شديدة مانعا إياي من الصعود معترضا علي قرار العقيد الذي سمح لي بالدخول وكلما حاولت التحدث أو فهم السبب كان يصرخ في وجهي قائلا: دي تعليمات تعليمات.
بعد دقائق فوجئنا بمظاهرة تضم أعدادا كبيرة من الإخوان المسلمين من أنصار عمرو زكي مرشحهم احتجاجا علي حالات التزوير التي حدثت, ثم تلتها مظاهرة قام بها المحامي طارق العوضي المرشح المستقل هتف فيها ومعه مجموعة من شباب الدائرة ضد تزوير إرادة المواطنين.