بدأنا بالبحر الأحمر رقم واحد ووصلنا إلي البحر المتوسط رقم 28
حماية الطبيعة حماية للبشر أيضا.
الصيد الآلي والجائر وراء تدهور البيئة البحرية
صدر في أواخر شهر مارس الماضي قرار الدكتور رئيس مجلس الوزراء رقم 533 لسنة 2010 باعتبار منطقة خليج السلوم بمحافظة مطروح محمية طبيعية تبلغ مساحتها حوالي 383كم2 ,لتصبح أول محمية بحرية علي ساحل البحر المتوسط,والمحمية رقم 28 في ترتيب المحميات الطبيعية المصرية ليصبح إجمالي مساحة المحميات في مصر 178 ألف كم2 أي حوالي 15% من مساحة مصر,ووفق الخطة الوطنية لحماية التنوع الطبيعي في مصر من المنتظر أن يصل عدد المحميات الطبيعية ##إلي42 محمية بحلول عام 2017 ويصبح إجمالي مساحتها 20% من أراضي مصر ولكن لماذا تم اختيار منطقة خليج السلوم كمحمية بحرية متوسطية؟
التنوع الطبيعيالبيولوجيهو إحدي سمات الحياة علي كوكب الأرض,ويشمل البيئات المختلفة صحراوية ,بحرية,نيلية وأيضا جميع الظواهر الطبيعية تكوينات جيولوجية,كثبان رملية,بحيرات طبيعية جميع الأنواع النباتية والحيوانية والكائنات الدقيقة,الأصول الوراثية التي ينتمي إليها جميع الكائنات الحية,ومن خلال هذا التنوع الطبيعيالبيولوجييتوفر للبشرية الغذاء,الوقود,مواد البناء,الأدوية,اعتدال المناخ,التخفيف من الكوارث,تجديد خصوبة التربة,مكافحة الأمراض,والحفاظ أو صون هذا التنوع الطبيعي وحمايته هو حماية للإنسانية وحفاظ علي الثروات الطبيعية للأجيال الحالية والمستقبلية.كانت مصر من أوائل الدول التي وقعت علي الاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي الطبيعيعام .1992
وتحتفل وزارة الدولة لشئون البيئة هذا العام 2010 باعتباره عام التنوع البيولوجي كما احتفلت مصر بمرور أكثر من ربع قرن علي صدور القانون المصري للمحميات الطبيعية المصرية وهو القانون رقم 202 لسنة 1983,وكانت محمية رأس محمد الوطنية بجنوب سيناء قد أعلنت كأول محمية طبيعية مصرية.
ومنذ هذا التاريخ كان يتم بين وقت وآخر إعلان محمية طبيعية مصرية جديدة في مناطق مصر المختلفة,وفي عام 2005 تم إعلان منطقة وادي الحيتان بوادي الريان بمحافظة الفيوم كأول محمية تراث طبيعي عالمي, وذلك في إطار اتفاقية التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو.
تنوع بيئي
وتقع مصر علي الركن الشمالي الشرقي لأفريقيا وهي ملتقي أربع مناطق جغرافية حيوية فتقع في مركز الحزام الصحراوي العظيم الذي يمتد من المغرب بالركن الشمالي الغربي لأفريقيا إلي الصحراء الباردة العالية لآسيا الوسطي,ومحاطة من الشمال والشرق ببحرين شبه منغلقين هما البحر المتوسط والبحر الأحمر.
ويزيد من موقع مصر المتميز وجود نهر النيل الذي يقسمها طوليا,وتوصف مصر مناخيا بأنها أراض جافة أو شديدة الجفاف ومع ذلك فهي مأوي لكثير من الموائل البيئاتالأرضية المتنوعة ويمكن تقسيم مساحة مصر علي النحو التالي:
الصحراء الغربية 681.000كم2,الصحراء الشرقية223.000كم2,سيناء61.000كم.2
وتم إعلان عدد من المحميات التي تغطي جزءا كبيرا من هذه المساحات الصحراوية الشاسعة منها علي سبيل المثال لا الحصر محمياتالعميد,الجلف الكبير,سيوة الصحراء البيضاء
00 كما تبلغ مساحة الأراضي المطلة علي البحر الأحمر وخليجي السويس والعقبة وقناة السويس 1475كم.وتم إعلان عدد من المحميات التي تغطي جزءا من هذه المساحة وتضم ثروات يجب حمايتها ومنها علي سبيل المثال محمياترأس محمد,نبق,أبو جالوم,علبة,سانت كاترين,طابا,الجزر الشمالية بالبحر الأحمر.
00 كما تبلغ مساحة المياه الداخلية للنيل وروافده والبرك وقنوات الري حوالي 8047كم2 من مساحة مصر بالإضافة إلي مساحة بحيرات ساحلية مساحتها حوالي 1570كم2 وبحيرات داخلية حوالي610 كم2,والمحميات التي أعلنت لتتواكب مع ثروات هذه المساحة منها علي سبيل المثال محمياتقارون,جزر نهر النيل,سالوجا وغزال,الدبابية,وادي الأسيوطي, البرلس,الزرانيق…..
00 ونأتي الآن إلي مساحة مصر المطلة علي البحر المتوسط فنجد أن هذه المساحة تبلغ حوالي 1200 كم ولم يكن هناك حتي الآن محميات كافية تغطي وتحمي الثروات الطبيعية للبحر المتوسط ومن هنا جاءت أهمية إعلان محمية خليج السلوم المحمية رقم 28 وأحدث محمية مصرية وأول محمية بحرية علي البحر المتوسط فدائما كان هناك اهتمام بالبحر الأحمر.
والمحميات البحرية وسيلة فعالة لحماية التنوع البيولوجي في البحار والمحيطات وصيانة المخزون السمكي بها,والمحمية البحرية عبارة عن مساحة في نطاق المد والجزرأي تغطيها المياه في أوقات من العام ويمكن أن تنحسر عنها في أوقات أخري,وأسفل هذه المياه نباتات وحيوانات وخصائص تاريخية وثقافية طبقا لتعريف الاتحاد الدولي لصيانة الطبيعة,والمحمية هي تلك المساحة البحرية أو البرية التي يتم تخصيصها بقانون أو بأي وسيلة فعالة أخري لحماية التنوع الطبيعيالبيولوجيبها.
ويعد البحر المتوسط أحد أهم مواطن التنوع البيولوجي التي يلزم حمايتها. وفي البحر المتوسط تم تسجيل ما يقرب من 10 آلاف نوع بحري,منها 8500 نوع من الكائنات الحيوانية وأكثر من 1300 نوع نباتي يمثل من 8% إلي9% من إجمالي عدد الأنواع البحرية عالميا,بالرغم من أن مساحة البحر المتوسط تمثل 1% من إجمالي مساحة البحار.
تضم الكائنات البحرية الحيوانية 600 نوع من الأسماك ,و3 أنواع من السلاحف,و33 نوعا من الطيور المائية,و22 نوعا من الحوتيات وآلاف الأنواع من اللافقاريات البحرية.
وتوجد للأسف عشرات من الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض بسبب النشاط البشري المتزايد,كما هو الحال بالنسبة لفقمة الراهب والتي كانت منتشرة في أنحاء البحر المتوسط وتعيش الآن في اليونان وتركيا فقط.
يتعرض البحر المتوسط إلي كثير من التهديدات تتمثل في تدهور التربة الساحلية وتعرية الساحل,والتغيرات المناخية,والاستغلال غير المتوازن للموارد البحرية وخاصة الثروة السمكية.
لماذا خليج السلوم؟
وأوضحت الدراسة إنفيرو نيكس مصر 2008التي تمت مؤخرا حول منطقة مطروح والسلوم أنها تحتوي علي تكوينات بيئية حساسة مرتفعة تتمثل في الحشائش البحرية والمصايد السمكية والإسفنج ,هذا بالإضافة إلي تواجده 5 أنواع بحرية و11 نوعا بريا مهددة بالانقراض ,وبالرغم من أن منطقة خليج السلوم تعتبر من أغني مناطق التنوع البيولوجي البحري في البحر المتوسط,إلا أن الدراسة أوضحت أن هناك 55 نوعا من الأنواع التجارية السمكية وكانت من قبل 89 نوعا وفق مسوحات سابقة ,الأمر الذي أوصت فيه الدراسة بضرورة إعلان هذه المنطقة محمية بحرية وإدارتها بأسلوب علمي مستديم حتي لاتهدر أكثر من ذلك الأنواع النادرة بهذه المنطقة .
فكان الإنتاج السمكي 89 ألف طن عام 1999 تناقص إلي 46-47 ألف طن خلال الأعوام 2002-2004 وذلك بسبب الصيد الجائر.,شباك الصيد المخالفة ,زيادة عدد مراكب الصيد الآلية.
ووفق هذه التوصية العالمية اهتمت وزارة البيئة المصرية وقامت بتكليف أحد باحثيها بعمل دراسة وافية عن منطقة خليج السلوم,وبالفعل قام الدكتور محمد إبراهيم بعمل الدراسة وفي إطار القانون 102 لعام 1983 بشأن المحميات الطبيعية ,ووفق قرار رئيس الوزراء رقم 264 لعام 1994 بشأن الشروط والضوابط الخاصة بالحد من الأنشطة البشرية داخل نطاق المحميات الطبيعية.
صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 533 لعام 2010 باعتبار منطقة خليج السلوم بمحافظة مطروح محمية طبيعية,وتقع هذه المنطقة علي الحدود الغربية لمصر مع ليبيا في الجزء الشمالي الغربي من محافظة مرسي مطروح,وتغطي مساحة 383 كيلو مترا مربعا,حيث يقع الجزء البحري منها في المياه الإقليمية المصرية,بالإضافة إلي الجروف شمال مدينة السلوم وجزء ساحلي يمتد لمساحة 500 متر بعمق النطاق الساحلي ,وتحديد هذه المنطقة سيحقق أهداف التنمية المستدامة,ويمكن إضافة مناطق مجاورة أدني الهضبة الساحلية وسيتم مراعاة البعد الاجتماعي والاقتصادي للسكان المحليين.
وتمثل المنطقة أولي المحميات ذات مكون بحري خالص في المياه الإقليمية المصرية بالبحر المتوسط,وجزء بري ساحلي يحيط بها لحماية الأنظمة البرية والساحلية الفريدة ,ويعمل هذا الجزء البري كنطاق حماية للمكون البحري من بعض الأنشطة الأرضية التي ينتج عنها التلوث.
وبالإضافة إلي الثروات الطبيعية والسمكية ذات القيمة الاقتصادية والبيئية الفريدة تحتوي علي مظاهر جغرافية مميزة مثل منطقة المد والجزر والكثبان الرملية والجرف والمنخفضات الملحية والهضاب الساحلية والمرتفعات,والحشائش البحرية.
وتندرج المحمية تحت مجموعة من الاتفاقيات الدولية والإقليمية منها البروتوكول الخاص بالمناطق ذات الحماية الخاصة والتنوع البيولوجي بالبحر المتوسط ويحتوي البروتوكول علي ملاحق خاصة بالأنواع المهددة بالانقراض حيث يوجد نوعان من الأنواع المهمة المسجلة في الجلد شوكيات مثل خيار البحر وثلاثة من الأسفنجيات وفق اتفاقية الإتجار الدولي في الأنواع المهددة بالانقراض من النباتات والحيوانات المعروفة باسم سايتش واتفاقية حماية التراث العالمي,ومن أبرز الأنواع الموجودة بالمحمية والمهددة بالإنقراض السلاحف البحرية ونجمة البحر,وخيار البحر,ويوجد ما يقرب من 200 نوع تجاري من الأسماك التي تطلبها السوق مثل أسماك الوقار والدنيس والبوري والأخطبوط,بالإضافة إلي الأنواع التي يتم اصطيادها عن طريق الخطأ.. والثروة السمكية في هذه المنطقة عموما مهددة للغاية.وتحويلها إلي محمية سيحافظ علي المخزون السمكي والسلاحف البحرية,وأيضا المواد العضوية الطبيعية التي يتم استخلاص أدوية طبيعية منها مثل المحاريات.
كذلك تم تسجيل 160 نوعا من الطيور ما بين مقيمة ومهاجرة بعضها ذو أهمية دولية مثل حباري الشمال الأفريقي ,و30 نوعا من الزواحف والبرمائيات.
بقي أن نذكر أن البحر المتوسط يتعرض للكثير من التهديدات تتمثل في تدهور التربة الساحلية وتعرية الساحل ,التغيرات المناخية,ولقد تم تسجيل حوالي من 10 إلي 12 ألف نوع بحري يمثل من 8 إلي 9% من إجمالي الأنواع البحرية عالميا بالرغم من أن مساحته تمثل 1% من إجمالي مساحة البحار.
تنمية مستدامة
وتم وضع أهداف أساسية لإدارة المحمية بشكل سليم ولذلك كان من أهم هذه الأهداف هو إشراك سكان المنطقة في إدارة المحمية وتوعيتهم بأهمية المحافظة علي نوعية البيئة فيها بعيدا عن التلوث,كذلك سيتم تشجيع وترشيد السياحة البيئية بالمحمية ووضعها علي خريطة السياحة البيئية العالمية ,خلق فرص عمل حقيقية للأهالي بعيدا عن الصيد الجائر والإضرار بالتراث الطبيعي والثقافي للمكان. كما تتميز المحمية بوجود أراض رطبة ساحلية تعد مواطن للطيور المقيمة والمهاجرة مثل طائر الحباري والوروار والزرزور.