خلل الطبيعة يعود إلي قيام الإنسان بخطوات سواء بعمد أو بدون عمد تدمر أنواع نادرة من الطيور والحيوانات والنباتات,ومع استمرار عبث الإنسان في الطبيعة دون ضبط سيؤدي إلي كارثة بيئية حقيقية,فانتشار ثاني أكسيد الكربون في الكرة الأرضية سببه قطع الأشجار وحرق الغابات ومن ثم تقليل نسبة الأكسجين,بالإضافة إلي قيام الإنسان بوضع حيوانات في غير مكانها تؤثر بشكل سلبي علي البيئة.
حول هذه القضية تقدموطنيهذا التحقيق.
خلل التنوع البيولوجي
قال الدكتور منصور جلال إبراهيم الأستاذ بكلية العلوم بجامعة المنوفية:بالرغم من التقدم العلمي والتنوع البيولوجي الموجود في العالم,إلا أن عبث الإنسان بالبيئة ,يتم القضاء علي الكائنات الحية في الماء وفي اليابس,وتم القضاء علي 10 ملايين نوع منها 250 ألف من الفقاريات,و41 ألف من الحشرات,كذلك 1.4 مليون من النباتات ,وغيرها من الفطريات والطحالب.
أوضح د. منصور أن تدخل الإنسان يتسبب في تجريف الأراضي الزراعية وحرق الغابات وزيادة ثاني أكسيد الكربون وما ترتب عليه في بعض الأحيان من هطول الأمطار الحامضية وتأثير ذلك علي الثروة الحيوانية وضعف البروتين الحيواني.
أشار د. منصور إلي أن هناك أربعة أسباب أدت إلي خلل في التنوع البيولوجي منها تدمير أو تعديل بيئة الكائنات البحرية,وإزالة الغابات الاستوائية مما يؤدي إلي فقدان أعداد متزايدة من هذه الكائنات ذات القيمة الكبيرة,والاستغلال المفرط للموارد أدي إلي تناقص أنواع كثيرة من الأسماك وانقراض الحيوانات البرية.
دعا منصور إلي حماية الحدائق الخضراء والاهتمام بها وتعزيز الاهتمام بالمحميات الطبيعية,وحماية أنواع خاصة من الكائنات الحية من الاستغلال المفرط للطبيعة,والحفاظ علي الكائنات البحرية والحية النادرة.
اختلال الطبيعة
من جانبه قال د. أحمد حامد عبد الله رئيس قسم الحيوان بعلوم أسيوط: إن عبث الإنسان بالطبيعة من خلال قطع الأشجار والصيد الجائر للحيوانات يؤدي إلي انقراض غالبية هذه الحيوانات والخلل في التنوع البيولوجي,كذلك إضافة كائنات غريبة علي البيئة تؤدي أيضا إلي حدوث تغيرات كبيرة في هذا الأمر وحدوث اختلال في الطبيعة وهو ما يؤدي إلي نتائج عكسية.
نوه د. حامد إلي ضرورة التوعية بمخاطر الخطوات العشوائية للإنسان والحفاظ علي البيئة من التلوث وحمايتها من خلال قوانين صارمة تمنع عبث الإنسان وفي الطبيعة وتعرض حياة الإنسان للخطر.
أين دور العلماء؟!
وفي هذا الإطار قال الدكتور سهيل سامي سليمان الأستاذ بكلية العلوم بجامعة عين شمس: إن الطبيعة تضع العديد من العناصر المرتبطة مع بعضها وأي خلل بسيط في هذه العناصر يؤي إلي مشكلات كبيرة,ودور العلماء هنا مهم في التحذير من الخلل البيئي,وعلي الحكومات إقرار القوانين لمنع قيام الإنسان سواء بعمد أو بدون عمد في أحداث خلل داخل الطبيعة.
ومن أمثلة الخلل البيئي إلقاء المواطنين للإستاكوزا النيلي في مياه النيل للتخلص منه وهي الخطوة التي قام بها أصحاب مزارع الأسماك,وترتب علي ذلك قيام الإستاكوزا بالتغذي علي بيض السمك,ومن ثم تم تقليل الثروة السمكية وفقدان ثروة مهمة بسبب خطوة بسيطة تمت بدون وعي.
كذلك ما قام به الخديوي إسماعيل من وضع ورد النيل لتزيين البرك وما ترتب عليه من انتشار واسع تسبب في تعطيل حركة الملاحة في النيل وفقدان جزء كبير من المياه وانتشار دودة البلهارسيا,وهو ما يبرز خطورة التدخل في الطبيعة.
وقف البناء والصيد غير الشرعي!
من ناحية أخري قال الدكتور محمود عبد القوي أستاذ البيئة النباتية بعلوم المنصورة: إن كل نظام بيئي له مكوناته الخاصة منها التربة والحيوانات والحشرات,ودخول أي عنصر جديد في هذه البيئة يترتب عليه خلل يؤثر بشكل عكسي علي البيئة.
دعا د. عبد القوي إلي ضرورة مواجهة رغبة الإنسان في التوسع العمراني وإنهاء البناء علي الأراضي الزراعية ووقف صيد الحيوانات وقطع الأشجار وتغليظ العقوبات في هذا الاتجاه من أجل الحفاظ علي التنوع البيئي في السنوات المقبلة .
شدد د. عبد القوي علي النظام البيئي الصحراوي الغني بالنباتات ومع ذلك سوء تعامل الإنسان معها أدي لحدوث نوع من الخلل.فهناك نباتات طبية معرضة للاندثار مثل نبات الحندل والمانجروف وهي نباتات لها استخدامات عديدة خاصة في زيادة نشاط الإنسان.
أوضح أن هناك نباتات كثيرة تستخدم في صناعة ورق البنكنوت والطباعة والكرتون مثل نبات السمار المر,كذلك هناك نباتات عطرية وزيوت وأخشاب وكلما قل الاهتمام بهذه الأنواع كلما خسر المجتمع كثيرا.
العبث بالبيئة البحرية!
أشار الدكتور عبد الله محمد إبراهيم رئيس الجمعية المصرية لتنمية الثروة السمكية إلي أن تدخل الإنسان في الطبيعة أمر ملحوظ والسلبيات أكثر من الإيجابيات,فعلي سبيل المثال نجم البحر الشوكي كان يعيش في المحيط الهندي وجاء إلي مياه البحر الأحمر مما أدي إلي تدمير أنواع كثيرة من الشعاب المرجانية,كذلك انتشار قناديل البحر في البحر المتوسط يرجع إلي غياب الترسة المائية التي كانت تتغذي علي يرقات القنديل فتعمل علي قتله واصطياده ومن ثم كل هذه الخطوات تسببت في هذا الخلل,والعبث بالبيئة البحرية وفقدان عدد كبير من الأسماك النادرة ,والتأثير علي الثروة السمكية بشكل عام.
حذر د. عبد الله من انتشار البواخر النيلية وصرف المياه الملوثة من المصانع إلي النيل. حيث يتسبب ذلك في فقدان عدد كبير من الكائنات البحرية,فنهر النيل يحتوي علي 100 نوع من الكائنات البحرية وصل الآن إلي 25 نوعا فقط,كذلك استخدام المبيدات للقضاء علي الحشرات والحيوانات أدي إلي فقدان أنواع كثيرة,فمثلا سم الفئران يؤثر علي البومة التي تتغذي علي الفئران,وهذا يفسر الخلل الموجود حاليا.