د. كمال مغيث:أولي خطوات التصحيح تنقية المناهج من الأفكار الهدامة.
محمد منيب:الحل في مجتمع مدني منزوع الصبغة الدينية
جمال البنا:الأمل في تغيير المنظومة التعليمية والقضاء علي الفساد.
د. عبد الدايم نصير:أطالب بعدم ترك المناهج للعشوائية والاجتهاد الشخصي.
د. هدي زكريا:المجتمع يجب أن يتعافي ويسترجع انتماءه للوطن.
د. لبني عبد الرحيم:أدرجنا منهجا للقيم والمساواة وقبول الآخر ولكنه ألغي!
وفي ألم واستنكار سألت الطفلة يوستينا والدتها..هل نحن كفار؟!
00 لماذا يقول الأستاذ أحمد ذلك في درس القراءة؟ولماذا ندرس مثل هذه الدروس؟ولماذا لايدرس زملاؤنا المسلمون أي شيء عنا في أي درس بالمنهج؟
القصة كثيرا ما تتكرر في منازلنا والسبب تسرب التعليم الديني داخل مناهج المواد غير الدينية,فاللغة العربية مثلا تحولت بصورة مباشرة وغير مباشرة إلي دروس في الدين الإسلامي.فقد أشارت الأبحاث الإحصائية إلي أن الصفوف الدراسية بداية من الثاني الابتدائي حتي الثالث الإعدادي تتضمن 52 درسا تحوي نصوصا وإشارات إسلامية وذلك من إجمالي 126 درسا.كما أن بعض الدروس تحذر المسلم من أتباع الديانات الأخري,هذا فضلا عن أن التلميذ المصري المسلم لايدرس أي شيء عن شركائه في الوطن.فما وقع ذلك علي أبنائنا في المدارس ؟,من المسئول عن كون المناهج بهذا المحتوي؟
في البداية تعرفنا علي آراء بعض أولياء الأمور..قالت مدام حنان:ابني بالمرحلة الإعدادية يشكو مرارا من عدم قدرته علي حفظ النصوص الإسلامية بمادة اللغة العربية,وأخبر مدرس المادة فقال له:إللي إنت عايزه اعمله لكن لو ماجاوبتش مش هتنجح
أضافت حنان:المشكلة هنا أن حفظ بعض الدروس يدفع الطالب بعيدا عن الإبداع..ولدي تساؤلات :لماذا يأتي السؤال الإجباري في بعض الأحيان بكافة مراحل التعليم عن النص القرآني؟وإن اضطر واضعو المناهج التعليمية إلي الاستشهاد بآيات قرآنية في دروس القراءة مثلا فلماذا ألا يتم الاستشهاد بآيات من الإنجيل؟وما السبب في الإبقاء علي الدروس التي تشير إلي رفض الآخر من قريب أو بعيد؟ ولم لا تستغل مباديء الأديان الإيجابية لتدعيم العلاقة بين التلاميذ؟
الاستشهاد بالأديان
المهندس عادل محمدي ولي أمر معترضا علي تنقية المواد من أي نصوص دينية قال:لايمكن أن ألغي الدين من المناهج التعليمية فبهذا أكون ألغيه من المجتمع ككل ولايمكن أن نتجاهل ما تنص عليه الأديان في الموضوعات العامة كالصداقة,لكن ينبغي الاستشهاد بكافة الأديان.فينبغي إدخال الدين في كل مناحي الحياة..فمن لا دين له لا حياة له.
ضد العبارات الدينية:
اختلف مع الرأي السابق المهندس يحيي توفيق محمد قال:أرفض وجود أي عبارات دينية في اللغة العربية حتي نهاية مرحلة التعليم الأساسي فذلك يؤثر بالسلب علي عقول أطفالنا,لكن لامانع من إدخال العبارات التي تخدم وحدة الوطن بدءا من المرحلة الثانوية حيث يكون الطلبة قادرين علي إدراك مايعرض عليهم من مفاهيم.
نعاني حشو المناهج…
لمعرفة رأي بعض الكوادر العاملة في مجال التعليم تحدثنا إلي نجيب مرتجي الموجه الأول بإدارة العمرانية التعليمية قال:نحن نعاني من حشو المناهج الدراسية بالفكر الديني,فمادة اللغة العربية تدعو لمفاهيم إسلامية بحتة تناسي واضعوها إنها ستدرس للطلبة المسيحيين أيضا. وهذا يؤدي بقصد أو بدون إلي طمس هوية الشخصية المسيحية.وتجلت صور الطمس في الاستشهاد بآيات من القرآن الكريم في الدروس الخاصة بالقيم والمباديء دون التعرض لأي آيات من الكتاب المقدس علي الرغم أن إدراج الآيات المسيحية يعطي انطباعا لدي أبنائنا المسلمين بأننا وحدة ولافرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوي؟والسؤال هل لاتوجد بالمسيحية شخصيات ذات مواقف وطنية علي مر العصور كتلك الرافضة للتدخل الأجنبي في شئوننا الداخلية أو أعلام العلم والوحدة الوطنية مثل د. مجدي يعقوب أو اللواء فؤاد عزيز غالي وغيرهما من ذوي الأدوار المؤثرة في حاضر ومستقبل مصر,لذا أطالب واضعي المناهج مراعاة البعد عن التعصب في الأفكار وأن يحضوا الطلبة مسلمين ومسيحيين علي أن ينتموا لوطنهم من خلال مناهج تدعو لذلك.
تنكر.. وتغلغل!
للوقوف علي مناطق الخلل بالمناهج التعليمية قال الدكتور كمال مغيث الأستاذ بمركز البحوث التربوية :مناهج التعليم بوضعها الحالي تتنكر لكل معاني المواطنة ونلاحظ ذلك في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي.فمثلا في الصف الرابع الابتدائي نجد أن نصف الدروس بمادة اللغة العربية من تعاليم الدين الإسلامي وربعها من النصوص القرآنية ,هذا فضلا عن تغلغل النصوص الإسلامية في بعض المواد الأخري كالخط العربي حيث يحتوي علي 28 نصا من إجمالي 60 نصا من التراث العربي والإسلامي.
أضاف مغيث:طلبنا من الوزارة إلغاء كل ماله علاقة بالحفظ ووافقت بالفعل ولكن فوجئنا بها تطالب الطلبة بالحفظ وبشكل غير مباشر ولا أعلم ما فائدة الحفظ لأي مادة في وقت أتاح فيه الإنترنت الحصول علي أية معلومة في أي وقت؟كذلك طالبنا بالمركز إدراج التراث القبطي ضمن المناهج فأدرجت الوزارة موضوعا عن دير سانت كاترين علي استحياء ,ولم تستجب لإدخال بعض الشخصيات القبطية مثل مجدي يعقوب وذهني فراج ورشدي سعيد وغيرهم باعتبارهم نماذج فذة للمسيحيين والمسلمين
أكد د. مغيث :أولي خطوات التصحيح هي إسناد مسئولية وضع المناهج للمتخصصين لتنقيتها من الأفكار الهدامة مع التركيز علي أن الإسلام كعقيدة يسمح بالتعددية والمواطنة وإتاحة الفرصة للتعرف علي مباديء الدين الآخر.
الظاهرة الدينية:
بحثا وراء معاني العدل والمساواة ونبذ التطرف الديني عند جيل الأطفال قال محمد منيب رئيس مركز الديموقراطية وحقوق الإنسان: الظاهرة الدينية بمصر ألقت بظلالها علي أساليب التعامل مع التلاميذ,وساعد علي ذلك عدم تأهيل العملية التعليمية للمساهمة في إنشاء جيل يؤمن بمجتمع المواطنة.
جماعات ضغط:
أضاف منيب:نصت المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر علي أن تتضمن المناهج كافة الأشكال التي تدعم المساواة وعدم التمييز وبإرساء قواعد المواطنة بين الأطفال,لكن لايوجد إلزام بقواعد بعينها إلا في الإطار العام.لذا فعلي الشعب أن يشكل جماعات ضغط حقيقية وأن تتحرك النقابات لكي تطالب وزارة التعليم باتخاذ القرار المناسب في هذا الخصوص خاصة وأن تطبيق معيار المواطنة لايتعارض مع الشريعة الإسلامية.فالحل في مجتمع مدني منزوع الصبغة الدينية.
الحث علي قبول الآخر:
بعد الوقوف علي الآراء السابقة توجهنا لبعض المفكرين الإسلاميين للتعرف علي آرائهم..قال المفكر جمال البنا:من المفترض أن يوفر التعليم بوجه عام المعرفة القيمية المطلوبة ويهذب السمات الشخصية.واللغة العربية من المفترض أن تتضمن الأدب العربي والشعر والأساليب النحوية,وفي حالة وجود النصوص القرآنية ضمن مناهج اللغة العربية فأنها يجب أن تتمحور حول الحث علي قبول الآخر لأن الدين الإسلامي هو الوحيد الذي يؤمن بالأديان السماوية الأخري.وعدم ظهور ذلك في المسألة التعليمية يرجع لفساد المجتمع بأسره.
أكد البنا:توجد بعض الأحاديث النبوية ضمن المنهج,التي تحث علي ولاء المسلم للمسلم وإن أساء إليه والابتعاد عن الكافر-غير المسلم-وإن أحسن إليه لهو عكس الإسلام تماما ولاينبغي أن يصل هذا للنشء.والأمل هنا في تغيير المنظومة بأكملها والقضاء علي الفساد في جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية التعليمية والفنية وغيرها.
المدرس هو الفيصل..!
اختلف مع الرأي السابق الدكتور عبد الدايم نصير -نائب رئيس جامعة الأزهر سابقا قال:المشكلة ليست في محتوي المناهج الدراسية إطلاقا لكنها تكمن في المدرس,فإذا كان ذهنه مشوشا تجاه الآخر سوف ينعكس ذلك علي الطالب,وأطالب بعدم ترك المناهج للعشوائية أو للاجتهاد الشخصي من قبل المدرس,لأن طريقة تناوله للمنهج ومعاملته للتلميذ هي الفيصل.فالمدرس الذي يقوم بتوصيل الرسالة التعليمية ينبغي أن يرسخ المواطنة والمساواة .والمسئولية هنا تقع علي وزارة التربية والتعليم حيث يتحتم عليها التدريب المستمر للمدرسين.
الانتماء للوطن:
بخصوص الخلل الحاصل بالمناهج التعليمية قالت د.هدي زكريا أستاذة علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية:لابد للمواد ذات الإشارات الدينية أن تدرس في إطار المناهج العامة كنصوص ثقافية عامة ولا تمس خصوصية الأديان الأخري ولتحقيق ذلك نحتاج لاختيار الأسوياء من واضعي المناهج بحيث يكونون من ذوي الرؤي المستنيرة في اختيار الموضوعات الدراسية وأيضا نحتاج لمدرسين ممن لديهم حسن التفسير لهذه الموضوعات,فالمجتمع يجب أن يتعافي ويسترجع انتماءه الأساسي للوطن.
مادة للقيم والأخلاق:
والسؤال الآن: أين دور مركز تطوير المناهج في إصلاح مناطق الخلل بالعملية التعليمية؟ أزالت علامة الاستفهام الدكتورة لبني عبد الرحيم رئيسة قسم المتابعة والتجريب بالمركز قالت:للأسف تطورت المناهج بشكل عشوائي دون وجود آلية ونحن حاولنا إدراج مادة للقيم والأخلاق بمشاركة الأزهر والكنيسة لمعالجة الخلل الموجود ببعض المناهج التي تحث علي نبذ الآخر والتقليل من شأنه أو التمييز ضده.وتم تدريس المنهج في المرحلة الأولي من التعليم الأساسي ولكن فوجئنا في العام الدراسي2008/2007 بإلغاء تدريس المادة للصفوف الأول والثاني والثالث الابتدائي وهي السنوات التي يجب أن تركز علي قيم المساواة وقبول الآخر وتم الإبقاء علي منهج الصفوف الرابع والخامس والسادس الابتدائي وهي تتضمن قيما عديدة دون المساواة أو قبول الآخر بل إنها أشبه في طريقة عرضها بمادة الدين الإسلامي!
المحكمون..الناشرون بلا تأهيل
أرجعت د. لبني التعامل العشوائي مع المناهج لعدم تواصل الخبرات بين قيادات المركز القديمة والحديثة فلا تقوم القيادة سوي بطرح مسابقة للناشرين تتضمن قائمة بالموضوعات المطلوب تناولها بالمنهج فيتقدم الناشرون بعرض طريقة تناول هذه الموضوعات.وغالبية الناشرين ليس لديهم دراية كافية بمعايير وضع المناهج.وبالتالي تكون المحصلة منهجا خاليا من القضايا الوطنية والقيم الإيجابية.أيضا لجنة التحكيم أعطت جميع المواد الدراسية في المرحلة الابتدائية لناشر واحد فقط,وبعد أن اعترض الأكاديميون تدخل الوزير الأسبق وألغي الصفين الرابع والخامس من ذلك الناشر!
للخروج من المأزق:
أشارت د. لبني إلي أن الخروج من مأزق التطرف التعليمي لن يتم إلا عبر منهج للتربية المدنية يتضمن الحضارات الثلاث ويتبني القيم والأخلاق ويدفع لقبول الآخر,ويسير هذا بالتوازي مع معالجة الخلل في المواد الدراسية الأخري.ثم إعطاء السلطة للأكاديميين المتخصصين بمركز تطوير المناهج لممارسة دورهم في التطوير وإزالة الخلل,وهناك جزء من المسئولية يقع علي أولياء الأمور,ففي حالة شكوي أبنائهم من وجود تمييز ضدهم في أي درس فينبغي عليهم التوجه مباشرة لإدارة المدرسة وإن لم تعالج المشكلة فعليهم تصعيد الأمر.