ماذا عن مستقبل الزراعة في مصر في ظل أزمة مالية عالمية وتوقعات بارتفاع أسعار المحاصيل عالميا خلال السنوات القليلة المقبلة, وتغيرات مناخية أثرت سلبا علي الزراعة في كافة مناطق العالم؟.هذا السؤال الخطير طرحتهوطني علي عدد من الخبراء المعنيين بالتنمية الزراعية واقتصاديات الزراعة..فبماذا أجابوا؟!..
د.ممدوح أبو العزم مستشار وزير الاستثمار أوضح صراحة أنه في ظل أزمة الغذاء التي تهدد البشرية فإنه من الطبيعي أن يتم التركيز في مصر خلال المرحلة الراهنة وكذا المستقبلية علي الاستثمارات في المجالات الزراعية كافة, حيث تمثل الزراعة بالفعل مجالا واعدا للاستثمار خاصة في صعيد مصر, في ضوء ما تقدمه الدولة من مشروعات تساهم بدرجة كبيرة في تيسير الأمر علي المستثمرين في الزراعة.نحن نركز علي تنفيذ عدد من المشروعات الاستراتيجية لإزالة كافة العوائق أمام رؤوس الأموال الراغبة في الاستثمار بالزراعة, منها مشروعات في مجالات النقل والتصنيع الغذائي والتعبئة والتغليف, ولابد لنا أن نذكر في هذا الصدد ما أنجزته وزارة الاستثمار في مشروعات حيوية لخدمة الاستثمارات الزراعية وتنمية إقليم الصعيد ككل, مثلطريق الصعيد/البحر الأحمربمحاوره الثلاثة, إلي جانب المشروعات الزراعية التي ستقام علي جانبي الطريق.
د.أبو العزم أضاف أيضا أن هناك ما يزيد علي140ألف فدان مطروحة للاستثمار الزراعي في سيناء وتوشكي,وسيكون الاستثمار فيها عن طريق نظامحق الانتفاعوليسالتملكوذلك لمدة زمنية تتراوح ما بين49عاما إلي90عاما,كذلك جار التفاوض مع الإمارات بشأن عدد من المشروعات الزراعية الكبيرة, كذلك ستقام مشروعات زراعية أخري بالتعاون مع الهيئة العربية للاستثمار بالسودان.
من جهتها…أوضحت نيفين صبحي نائبة رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أن هناك خطة لإنشاء مجلس أعلي لرعاية شئون الاستثمار الزراعي يضم في عضويته كافة الجهات المعنية بالزراعة, وذلك بهدف تنظيم هذا القطاع الحيوي وتعظيم منافعه وعوائده.
وعن الاستثمارات المحلية في الزراعة…قالت نيفين صبحي إنها لا تزيد علي6مليارات جنيه, بينما تقدر الاستثمارات الأجنبية بنحو 10مليارات جنيه, مشيرة في هذا السياق إلي أن أسعار الفائدة علي القروض تؤثر سلبا علي الاستثمارات المحلية في الزراعة حيث بلغت14.5%.
وأكدت صبحي إلي أن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بصدد إرسال بعثات من كوادر علي أعلي مستوي من قبل الهيئة للعديد من دول الاتحاد الأوربي تضم كذلك ممثلين من جهات حكومية, غير حكومية بهدف التسويق والترويج للاستثمار الزراعي بمصر, وإقامة صناعات قائمة علي الزراعة.
د. مختار الشريف الخبير الاقتصادي المعروف أكد أن لدينا في مصر فجوة غذائية تتفاقم عاما بعد آخر, حيث الخلل واضح وخطير بين الموارد والسكان إذ أننا ننتج60% من احتياجاتنا من الغذاء ونستورد40% من القمح.يقول د.الشريف-أوضح مثال لتلك الفجوة حيث إننا نستهلك منه ما يقرب من14مليون طن بينما إنتاجيتنا الحقيقية من القمح لا تزيد علي8 ملايين طن,وهو ما يعني بكل وضوح أننا ننتج 55% من استهلاكنا ونستورد 45%, الأمر كذلك بالنسبة للسكر فنحن نستورد منه25% من استهلاكنا,والأسماك واللحوم نستورد منها ما يزيد علي250ألف طن سنويا للاستهلاك المحلي,والزيوت نستورد نحو90% منها لسد احتياجات الاستهلاك المحلي.
د.مختار الشريف قال صراحة إن مساحة الأراضي الزراعية عندنا نحو8 ملايين فدان منها2.5 مليون فدان أراضي جديدة,ومن المفترض والمأمول أن تصل رقعة الأرض الزراعية في بلدنا في عام2017 لنحو11.4 مليون فدان, إلا أن المشكلة لا تزال قائمة دون حلول عملية وهي الخلل الواضح بين السكان والأرض الزراعية,كما أن العديد من الاستثمارات الزراعية والتي تمثل في مجملها نحو3% من جملة الاستثمارات في مصر بالرغم من كونها ضئيلة إلا أنها أيضا ترتكز علي تصدير معظمه إن لم يكن كل الإنتاجية الزراعية التي تستثمر فيها, وهو ما يؤدي لحرمان السوق الداخلية من استهلاك هذه الإنتاجية أو حتي بعضها, وهو ما نلمسه بوضوح في صادرات مصر من الخضر والفاكهة!!.
د.جمال صيام المستشار بمركز الدراسات الاقتصادية الزراعية يؤكد ما ذكره د.مختار الشريف بالنسبة للفجوة الكبيرة بين الموارد والسكان ويضيف بقوله:إن النسبة ما بين الزيادة في السكان والزيادة في الأرض الزراعية هي 6إلي1, بالإضافة إلي أن الفجوة الغذائية في مصر تمثل بلغة الأرقام حاليا نحو5مليارات دولار, ومن المتوقع أن ترتفع في عام2030م إلي19مليار دولار!!.
د.صيام طالب بوضع الزراعة علي رأس أولويات الدولة ويتمني أن يترجم المؤتمر الأخير للحزب الوطني توصياته بالنسبة للأرض الزراعية, ودعم الفلاح المصري, لأن قضية الغذاء هي قضية حياة أو موت بالنسبة للمصريين, وهي مرتبطة ارتباطأ وثيقا بقضية أخطر باتت تحتل مقعدها في المقدمة وهي قضية المياه.إن البحث عن طرق حديثة للري باستخدام أحدث تقنيات العصر أصبح ضرورة ملحة جدا,ولابد من تكاتف كافة الجهات المعنية لزيادة الوعي بالنسبة للفلاح, وكذلك بالنسبة للمصريين بأهمية الأرض الزراعية وضرورة الحفاظ عليها.