جاء اختيار الرئيس الأمريكي باراك أوباما لمصر حتي تكون المنبر الذي يلقي منه خطابه للعالم الإسلامي يوم الخميس المقبل, تقديرا من الإدارة الأمريكية الجديدة لمكانة مصر الإقليمية, وأهميتها باعتبارها دولة معتدلة تقوم بدور فعال في مواجهة الفكر المتطرف والإرهاب في المنطقة, كما أنها قلب ثلاثة من أهم الدوائر السياسية في المنطقة وهي العالم العربي والأفريقي والإسلامي, وهو أمر تدركه الولايات المتحدة جيدا.
هذه الزيارة لها أهميتها الكبيرة ومصر تأمل من ورائها في تحرك جديد وجدي, خاصة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وقضية السلام في الشرق الأوسط بالإضافة إلي العديد من الملفات, في مقدمتها الصفحة الجديدة التي يحاول الرئيس أوباما أن يفتحها مع العالم الإسلامي.
في البداية يوضح د. عمرو الشوبكي الخبير الاستراتيجي أن هذه الزيارة أثارت جدلا واسعا داخل الولايات المتحدة, حيث رفض جانب كبير من النخبة الأمريكية اختيار مصر لإلقاء خطاب أوباما نتيجة سجلها السلبي في مجال الحريات العامة, وحقوق الإنسان, والبعض الآخر اعتبر أن دور مصر المتناغم مع الرؤية الأمريكية يجعلها مكانا مناسبا لإلقاء هذا الخطاب.
ويتساءل د. عمرو الشوبكي هل مجئ أوباما إلي القاهرة يعني تغليب المصالح الاستراتيجية الأمريكية علي أي رؤي مبدئية تتعلق بالديموقراطية وحقوق الإنسان, أم أن القضية ليست أبيض وأسود, وأنه لا توجد دولة يمكن أن تتنازل عن مصالحها الاستراتيجية لصالح نشر قيم الديموقراطية؟
ويضيف أنه علي الرغم من أن هناك رسالة أخلاقية لأوباما ونوايا طيبة تجاه العالم العربي والإسلامي وتجاه القضية الفلسطينية والشعب الإيراني, فإن هذه النوايا لن تصنع بمفردها سياسات الإدارة الجديدة التي ستكون في النهاية مزيجا بين نواياه الطيبة, وتوازنات القوي وحسابات المصالح التي تقف إسرائيل في مقدمتها.
ومن المؤكد أن زيارة أوباما للقاهرة تعد تأكيدا علي نواياه الطيبة وأحلامه الواسعة, ولكنها لن تغير في ترجمة النوايا إلي سياسات, لأن الطرف المصري والعربي والإسلامي لايزال عاجزا عن التأثير فيها, فلا يمكن لأوباما, ومهما كانت درجة دعمه للقضية الفلسطينية أن يقدم حلا يضغط به علي إسرائيل في ظل انقسام فلسطيني داخلي غير قابل للحل.
الدكتور جمال عبدالجواد الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام يقول إن اختيار باراك أوباما لمصر لإلقاء خطاب موجه للعالم الإسلامي يعبر عن فهم للإدارة الأمريكية عن طبيعته الوسطية الإسلامية التي تتمتع بها مصر, كما أن هذه الزيارة تعد تغييرا جذريا في الموقف الأمريكي تجاه مصر, بعد فترة من التوتر التي ساد العلاقات الثنائية في عهد الإدارة السابقة.
وأضاف د. جمال عبدالجواد أن في مصر علمانية كافية لوضعها في مجتمعات القرن الحادي والعشرين, وفيها إسلام يضمن مركزيتها في العالم الإسلامي, وأن الرئيس الأمريكي بزيارته لمصر فإنه يريد أن يشجع المجتمعات الإسلامية علي فتح صفحة جديدة مع الولايات المتحدة.
أما السفير نبيل فهمي فيري أن قضية السلام بالشرق الأوسط وعلاقة الإدارة الأمريكية بالمنطقة علي رأس الأولويات التي ستتم مناقشتها لأهمية الدور الذي تلعبه مصر, بالإضافة إلي مخاطبة العالم الإسلامي بشكل خاص.
وعن إمكانية بحث بعض القضايا التي تخص العلاقات الثنائية بين الدولتين يقول د. مختار الشريف الخبير الاقتصادي والباحث إنه بالرغم من أن الخطاب الموجه للعالم الإسلامي يعد المجال الأساسي للزيارة, إلا أن الوفد الذي سافر هذا الأسبوع, الذي ضم الوزير عمر سليمان ووزير الخارجية أحمد أبوالغيط ووزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد. ومهد للزيارة ببحث بعض الملفات التي يمكن أن تفتح أثناء الزيارة.
أضاف د. الشريف أن الهدف من هذه الزيارة واضح وهو توجيه خطاب لمليار و100 مليون مسلم حول العالم, ليكون بمثابة بداية صفحة جديدة أو توجه جديد مبني علي الفهم والحوار المشترك.
وأوضح أنه من الصعب الإجابة علي تساؤلات تشير إلي موقف أوباما بالنسبة للحرب علي الإرهاب, وهل هناك تخفيف أو إعادة لتنظيم فكرة الحرب علي الإرهاب, والتفريق بين الإرهاب, ومقاومة الاحتلال غير الشرعي للأراضي.
وعن إمكانية توجيه رسالة إلي إيران في الخطاب يقول إن إيران جزء من العالم الإسلامي, وبالتأكيد سيكون في محتوي الخطاب رسالة لها سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
من جانبه رحب السفير سامح شكري باختيار أوباما للقاهرة كمنبر لخطابه الموجه للعالم الإسلامي. وأكد أن القضية الفلسطينية هي أبرز تحد تواجهه المنطقة اليوم, وأن مصر تعتزم وبالتعاون مع الولايات المتحدة مواصلة جهودها المكثفة لإعادة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلي طاولة التفاوض وحل الصراع العربي – الإسرائيلي.
وأكد السفير أن اختيار أوباما لمصر يعكس تفهم مصر للحضارة المصرية الثرية وإسهاماتها الفكرية والثقافية القيمة علي مر العصور.