في 91 فبراير 0102 قدمت مصر أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف تقريرها ضمن آلية الاستعراض الدوري الشامل ـ الدورة السابعة. والتقرير مودع كوثيقة بالمجلس. وقد قام د. مفيد شهاب, وزير الشئون القانونية وشئون مجلسي الشعب والشوري, الذي سافر إلي جنيف علي رأس وفد حكومي كبير, بعرضه أمام المجلس.
يستحق التقرير الكثير من التعليق, ولكننا سنقتصر هنا علي ما ورد تحت عنوان فرعي حرية الدين والاعتقاد, (ص 21ـ31) حيث نجد الفقرة التالية:
تنص المادة (64) من الدستور علي أن: تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية. ولا توجد في القوانين المصرية نصوص تحد من حرية الاعتقاد أو تحل دون تغيير الفرد لديانته. (…) ويرتبط بحرية الاعتقاد الديني حرية إقامة الشعائر الدينية, وفي هذا الخصوص تجدر الإشارة إلي صدور قرارات جمهورية بالترخيص ببناء 831 كنيسة منذ عام 5002 وحتي منتصف يوليو 9002, كما صدر قرار جمهوري عام 5002 بتفويض المحافظين كل في دائرة اختصاصه في الترخيص للطوائف الدينية المسيحية بهدم كنيسة وبإقامة كنيسة محلها في ذات الموضع, أو بإقامة بناء أو إجراء تعديلات أو توسيعات في كنيسة قائمة. وجدير بالذكر كذلك أن إقامة المساجد يتم وفقا لخطة تضعها وزارة الأوقاف طبقا للقوانين والقرارات المنظمة لعملها, وهناك خطة تنفذها الوزارة لضم كافة المساجد الأهلية إليها, مما يعني أن إقامة المساجد في مصر ليس متحررا من قيود التراخيص. وفي جميع الأحوال فقد تقدم المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان بمشروع قانون موحد لبناء وترميم دور العبادة, وجاري النظر فيه لتقدير مدي ملاءمة تبني مثل هذا القانون في المستقبل.
***
* يقول التقرير إن عدد القرارات الصادرة من يناير 2005 حتي يوليو 2009 (831) قرارا. وللتأكد من هذه المعلومة, قمنا بمراجعة دقيقة لكافة أعداد الجريدة الرسمية للسنوات 5002 حتي 7002 إضافة إلي ما ورد بتقارير الحالة الدينية, الصادرة عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية, فيما يتعلق بـعامي 8002 و 9002 وهي عموما تقارير موثوق بها. نتيجة هذه المراجعة تبين صدور (122) قرارا فقط (زادت إلي 621 حتي نهاية 2009). ولم تكن كلها بالترخيص ببناء كنائس كما يزعم التقرير, بل كانت موزعة كالآتي: (73) قرارا فقط لبناء كنائس جديدة, أي أقل من ثلث الإجمالي. وتوزيعها الزمني هو (31) في 5002 و (81) في 6002 و(6) في 7002 و(صفر) في 8002 و(صفر) في 9002. أما توزيع القرارات طبقا الطوائف الدينية المسيحية فهو (22) للأرثوذكس ـ الذين يمثلون حوالي 09% من المسيحيين المصريين ـ و (01) للإنجيليين بطوائفهم المختلفة و (5) للكاثوليك.
أما باقي القرارات الجمهورية فتوزيعها كالتالي:
* (55) قرارا تتعلق بـ التصريح بكنائس قائمة بالفعل (طبقا لنصوص القرارات الجمهورية), أي بهدف تقنين أوضاع كنائس أنشئت في الماضي. وتوزيعها بين الطوائف هو (91) للأرثوذكس و(92) للإنجيليين بطوائفهم و (7) للكاثوليك.
* (43) قرارا تتعلق بترميم وإصلاح كنيسة, مثل ترميم سور ودورات مياه (البلامون ـ بني سويف) أو ترميم شبكة المياه (الجبل الشرقي ـ سوهاج) أو إنشاء مطبخ وملحقات (قرية الحمام ـ بني سويف) أو إصلاح سقف (صدفا ـ أسيوط) أو إنشاء قلالي رهبان بدير مارمينا (جبل أبنوب ـ أسيوط), أو بناء دار خدمات أو مستشفي خيري أو هدم وإعادة بناء كنيسة في نفس الموقع ونفس المساحة. لكن إحقاقا للحق فمعظم هذه القرارات (13) كان في 5002 أي قبل أن يصدر في ديسمبر من تلك السنة القرار الجمهوري الخاص بتفويض المحافظين سلطة هذه النوعية من التصاريح.
* لا توجد علاقة بين خطة وزارة الأوقاف في ضم المساجد الأهلية وبين الحصول علي تراخيص عند بناء مسجد سواء كان حكوميا أو أهليا. ومقارنة أوضاع الكنائس بالمساجد غير منطقية. فليس فقط لا يحتاج المسجد لترخيص, بل إن مجرد تحويل بدروم عمارة إلي مصلي, بميكروفون أو بدونه, ينشأ عنه إعفاء تلقائي من العوائد ومصاريف الكهرباء. ولا يوجد في مصر مبني حكومي أو مدرسة أو هيئة بدون وجود مصلي به.
وبالمناسبة, كانت أجهزة الأمن قد ألقت القبض في 72 أكتوبر 9002 علي المواطن موريس سلامة (مدرس), من قرية دير سمالوط, بتهمة الصلاة داخل منزله بحضور رجل دين مسيحي بدون تصريح وحررت له المحضر 1568 حيث أنه أقام صلاة ذكري سنوية لوفاة عمه حضرها أعضاء العائلة, وذلك علما بأنه لا توجد كنيسة بالقرية. وقد أخذت عليه السلطات تعهدا بعدم اقتراف مثل هذه الأمور مستقبلا وعينت حراسة علي المنزل.
تقدم المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان بمشروع قانون موحد لبناء وترميم دور العبادة ويؤكد التقرير أنه, جاري النظر فيه لتقدير مدي ملاءمة تبني مثل هذا القانون في المستقبل.
إذن هناك مشروع قانون؟! بل إنه, طبقا لما صرح به د. أحمد كمال أبو المجد ـ النائب السابق لرئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان (جريدة وطني 82 فبراير), تم التقدم به لمجلس الشعب. لكن من ناحيته, ينكر رئيس مجلس الشعب تماما وجود أي أثر لمشروع كهذا!!
وفي حوار طريف جري في مجلس الشوري بجلسة 7 فبراير, تساءل د. رفعت السعيد, رئيس حزب التجمع, لماذا لم يصدر قانون لبناء الكنائس في ظل وجود أزمة حقيقية للوحدة الوطنية, فرد الوزير شهاب قائلا إن هناك من يحاول التأكيد علي وجود عوائق لبناء الكنائس, ويجب ألا ننساق وراء هذه الشائعات, مشيرا إلي وجود قانون منظم لبنائها منذ عهد محمد علي. وعلق السعيد قائلا: إذا كان يرضي الحكومة أن يكون القانون المنظم لبناء الكنائس موجود منذ أيام محمد علي.. فمنها لله, وأضاف: أنا لم أطلب شيئا أكثر من العدل والديموقراطية والحرية
***
المشكلة إذن أعمق بكثير من أعداد الكنائس, وهل ما هو قائم منها أو ما يصرح ببنائه كاف للاحتياجات, فالمشكلة الحقيقية تتعلق بالمبدأ.
[email protected]