*ساهمت في ضخ أفكار وبحوث دولية بالتأمين الصحي منذ عام1991
*مسودة التأمين الصحي في مصر تركز علي تحصيل الاشتراكات دون الاهتمام بالجودة الطبية
عبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن تقديره وشكره للطبيب المصري د.سمير نجيب بانوب من خلال برقية موجزة لكنها عميقة المعني قال له فيها:سمير…بسببك أنت أصبح لدي كل أمريكي غطاء للتأمين الصحي…لك كل الشكر….فقد قام الطبيب المصري المقيم في أمريكا والمتخصص في رسم السياسات الصحية بالمساهمة في وضع أسس نظام التأمين الصحي الشامل في الولايات المتحدة هو مستشار للإدارة الصحية الدولية, وخبير بمنظمة الصحة العالمية, شارك في رسم مشروع للتأمين الصحي يغطي كل فئات المجتمع الأمريكي لأول مرة إضافة إلي استعانة عشرات الدول الأجنبية يخبرته في وضع قوانين للإصلاح الصحي بها,كما نشر العديد من الأبحاث العلمية منذ عام1987 في المجلات العلمية,وأغلبها حول التأمين الصحي الشامل, وهو اسم علي مسمي فالاسمبانوب باللغة المصرية القديمة معنا ذهب Gold, فهو نموذج مشرف لكل مصري.
….تقابلنا مع الدكتور سمير بانوب في أثناء زيارته للقاهرة, وكان لـ وطني هذا الحوار:
*ما أهم ما تضمنه مشروع إصلاح الرعاية الصحية بأمريكا وما دوركم في هذا المشروع؟
**لوجودي في أمريكا ولأنني متخصص في مجال رسم السياسات الصحية اخترت أن أعمل في مجال البحوث, وعملت بالتعاون مع مجموعة من المتخصصين لإعداد مشروع القانون, وساهمت في ضخ أفكار وبحوث دولية وأرسلت لجميع نواب الكونجرس رسالة بأهمية هذا المشروع الذي اعتبر نفسي واحدا من الراعين له منذ عام1991.
وأهم ما يقوم عليه المشروع أن يكون التأمين إجباريا, بعد أن حالت رسوم التأمين الاختياري دون دخول 42 مليون أمريكي تحت مظلة صحية, حيث يستهدف المشروع الجديد الفئات الأولي بالرعاية, مثل التغطية الشاملة لصحة الأطفال بحلول عام2014, بالإضافة إلي ضم الشركات غير الهادفة للربح, لتقوم بدور فعلي في دعم أنظمة التأمين الصحي علي المستوي المادي القانون من الناحية الفنية والإنسانية جيد وسيتم فهم أبعاده علي المدي البعيد للمواطن الأمريكي العادي خاصة أن 50% فقط هم الذين يؤيدونه حاليا.
*نريد تبسيط الفكرة للقارئ فماذا يعني التأمين الصحي؟
**نشأت نظم التأمين الصحي في ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي وكانت تشمل العامل وأسرته كانت إجبارية, ويقصد بها الوقاية من المخاطر, فغير المشترك في التأمين وقت المرض يواجه أحد خطرين, إما استنزاف مدخراته أو عدم حصوله علي الرعاية الطبية اللازمة في الوقت المناسب, لعدم قدرته علي الدفع, لذلك فإن أسس التأمين الصحي تنص علي أن يتكافل الجميع وأن يدفع المشتركون المبالغ المقررة عليهم, ولا يتحمل أحد هم المرض أو العلاج, وهذا هو المعني الحقيقي للتأمين الصحي.
*كانت جماعات المصالح تقف وراء عرقلة هذا القانون ولعبت دورا كبيرا في تأخير صدوره فما السبب في نموها إلي هذا الحد؟
**أصحاب المصالح خانقون للتأمين الصحي في أمريكا وأنا عملت فترات طويلة علي المقارنات الدولية بين النظم المختلفة ووجدت أن ألمانيا منذ عهد بسمارك لم تعط الفرصة لجماعات المصالح لأن تنمو إلي حد مخيف مثل أمريكا, حتي أن الجمعية الطبية الأمريكية كانت ضد التأمين الصحي حتي تعثر الأطباء أنفسهم وانضموا إلي تأييد اقرار النظام الحالي للرئيس أوباما, بالإضافة إلي الاتهامات بالاشتراكية وهي مسألة ليست هينة في أمريكا منذ عهد الرئيس فرانكلين روزفلت إلي اليوم.
*كم دولة عملتم بها في هذا المجال؟
**عملت في 75 دولة أوربية وعربية في مجال الإصلاح الصحي الشامل, والآن أقوم بالعمل في سورية وذلك ضمن مشروع بتمويل من الاتحاد الأوربي والهدف منه تدريب كوادر الدولة علي التخطيط الصحي هناك وتقييم للخطة الصحية التي ستنتهي في 2010 ثم الخطة الخمسية من 2011 إلي 2014.
*ما وضع مصر علي الخريطة الدولية فيما يتعلق بالخدمات الصحية؟
**الوضع بمصر في تحسن شديد وخاصة في مجال وفيات الأطفال ومكافحة البلهارسيا وشلل الأطفال وهناك أيضا تحسن لا يمكن إنكاره إلا أن هذا التحسن موجود في أغلب دول العالم.
لكن لاتزال توجد مشاكل صحية للسكان مثل الإصابة بأمراض القلب فهي من أعلي دول العالم, وكذلك أمراض الكبد -السمنة- الحساسية- سوء التغذية بالإضافة إلي العادات غير الصحية مثل التدخين وعدم ممارسة الرياضة والتركيز علي الدهون والأملاح في النظام الغذائي للمصريين, بالإضافة إلي ارتفاع نسب الإصابة بالسكر والضغط وللأسف نسبة قليلة هي التي تأخذ العلاج وتتحكم في المرض.
*ماذا عن نظام التأمين الصحي بمصر وأهم مشاكله؟
**نظام التأمين الصحي بمصر به مشكلات بخلاف نقص التمويل فالمواطن المصري لا يتحقق له الأمن الصحي بالرغم من أن 52% مغطون بالتأمين الصحي, لكن هذه النسبة تستخدم فعليا أقل من ربع احتياجاتها الفعلية, والإنفاق علي العلاج أو الميزانية المخصصة للهيئة يشكل 10% من الإنفاق الكلي علي العلاج أو الصحة في مصر والمفترض أن تكون موازنة الهيئة 50% من إجمالي الانفاق الصحي ولذا فإن نقص الموارد وتدني جودة الخدمات يؤدي إلي نفور الناس من العلاج علي حساب الهيئة الذي لا يرونه ملائما أو أقل في المستوي, في المقابل قرابة الـ 50% الآخرين(غير المؤمن عليهم حاليا) في وضع أسوأ من النسبة السابقة, وهذا يعني أن ميزانية الهيئة تغطي خمس تكلفة المشاركين في التأمين الصحي والشعب يدفع62% من فواتير العلاج من جيبه الخاص…!!!
كما أن النظام الصحي في مصر به عيوب أيضا لأنه لا يعتمد علي التخطيط العلمي والخطط طويلة المدي, لكن يعمل بأسلوب القرارات العشوائية غير المدروسة ففي مصر يوجد لدينا تأمين صحي منذ 46 سنة, ولكننا لم نصل فيه لمرحلة مقبولة حتي الآن…!!!
*مصر مقبلة علي مشروع التأمين الصحي الجديد, ويؤكد جميع المسئولين أن القانون المنظم لذلك سيصدر خلال الدورة البرلمانية الحالية ما تقييمك لمشروع القانون؟
**يجب علي المشرعين في البرلمان أن يتفهموا القانون ويدركوا مبادئ التأمين الصحي وكيف يتم تطبيقه وأكثر ما لفت انتباهي في مسودة هذا القانون هو التركيز علي كيفية تحصيل اشتراكات التأمين ومصادر التمويل, دون الاهتمام أو التوضيح بشكل كاف لكيفية تقديم الرعاية الصحية وتفاصيل التعاقد مع الأطباء ومقدمي الخدمات الصحية, فكلها أمور لاتزال غير واضحة.
*من وجهة نظركم ما الذي يحتاجه نظام التأمين الصحي بمصر؟
**لايزال نظام التأمين الصحي المصري يحتاج إلي المزيد فنحن بحاجة إلي وجود مجلس أعلي للصحة يكون دوره الأساسي وضع وتنفيذ السياسة الصحية بعيدا عن الوزارات, ويمكن أن تشارك فيه الوزارات المعنية ومقدمو الخدمات كأعضاء ليس لهم حق التصويت وهذا ما يحدث في العالم كله تقريبا, كذلك فإن الإشراف المباشر علي الخدمات العلاجية والعيادات والمستشفيات يجب أن ينتقل تماما من وزارة الصحة إلي المجالس المحلية بالمحافظات, بالإضافة إلي أهمية تشجيع الأنظمة الصحية القائمة للشركات الكبيرة والنقابات المهنية وغيرها لتغطية أكبر عدد من المواطنين مع دعمها ماليا وإحكام رقابة الجودة بدلا من زيادة أعباء الحكومة في تقديم الخدمات الطبية, علي أن يكون دور الحكومة مقتصرا علي رسم السياسة وخدمات الصحة العامة والصحة الوقائية.
*كيف يمكن تحسين الخدمات الصحية في مصر؟
**هناك إجراءات جادة لتنفيذ برنامج الرئيس في 2005 ولكن يبقي الوضع بأنه خطوط سياسية عامة وتوجهات ذات فاعلية كاملة فيما لو وضعت له استراتيجيات وخطط عمل مناسبة لتنفيذه تكون عملية وواقعية, وفي هذا السياق يجب الاهتمام بالتنمية البشرية وتخريج الطبيب الممارس العام المتخصص أو ما يعرف في أمريكا بطبيب العائلة وأن يعتمد الناس علي الرعاية الطبية في مستشفيات أو عيادات الأطباء وليس بالضرورة في مستشفيات التأمين الصحي. ففي أوربا الشرقية وهذا ما شاركت فيه بنفسي, ساهمنا في خلق منافسة بين الأطباء فنقول لطبيب أنت مسئول عن 3آلاف مريض وعليك تقديم أفضل رعاية لهم بأجر سنوي للفرد وليس بعدد الزيارات الطبية ثم إخضاعه للتفتيش الدوري لضمان الجودة وفي هذه الحالة يكون للمنتفع حق الاختيار بين أطباء الحي وذلك يخلق المنافسة ويحقق الجودة مع عدم التركيز الكامل علي المباني وإهمال التجهيزات والتمريض.
*هل تم الاتصال بك من قبل المسئولين بمصر للاستفادة من خبرتكم في هذا المجال؟
**دعيت إلي اجتماع مع محمد فريد خميس عضو مجلس الشوري وأعضاء آخرين من المجلس ولكن لم تتم دعوتي بشكل رسمي من قبل المسئولين.
*كيف تري قضية العلاج علي نفقة الدولة؟
**من الخطأ الشديد إني استقطع أموالا من الميزانية-2 مليار ونصف مليار جنيه في عام 2009-مخصصة لعلاج المواطنين في المستشفيات الحكومية, فالمبدأ خطأ من الأساس ويعد إزدواجية غريبة, فمن المفترض أن العلاج يكون في كل المستشفيات الحكومية علي نفقة الدولة فكيف يمنح المواطن الذي يعاني من أمراض مزمنة ميزة علاج آخر علي نفقة الدولة في نفس المستشفيات فإذا كانت غير قادرة علي علاج كل المواطنين فلا ينبغي دعم فريق دون آخر, وانفقت مصر 12مليار جنيه تقريبا علي العلاج علي نفقة الدولة منذ عام 2001 ولو رصدت هذه الأموال لتحسين مستوي 100 مستشفي حكومي مثلا فإنه سوف يخص كلا منها 120 مليون جنيه وهي قيمة كافية لتحويل هذه المراكز إلي هيئات مستقلة ماليا وإداريا تقدم خدمات صحية بجودة مرتفعة.
*من خلال متابعتكم لبرامج التليفزيون المصري كيف تري الأوضاع في مصر علي كافة المستويات؟
**مصر بلد غني بتاريخه وتراثه وأهله وثقافاته, ولم يكن سيتحمل لولا ذلك, لكن المواطن المصري رغم كل ذلك لايزال يملك القدرة علي التكيف مع الأزمات والتعايش معها والأمر الذي أتمناه أن نكون واقعيين ونواجه المشاكل وأن يضع المفكرون حلولا عملية مدروسة لحل الأزمات التي تمر بها مصر, وهنا أتساءل: أين دور المفكرين والمثقفين والشباب علي الشبكات الاجتماعية مثل الفيس بوك وغيرها, أو حتي المفكرين في الندوات وهذا أضعف الحلول.
وتواجه مصر قضيتين يجب التعامل معهما وبشكل سريع الأولي الديموقراطية الحقيقية, فمصر بها مساحة واسعة من حرية الرأي والتعبير لكن للأسف الديموقراطية مازالت غير مطبقة طبقا للمعايير المتعارف عليها في العالم, فاتخاذ القرارات يتم مركزيا عن طريق القيادات والمسئولين في المناصب العليا, القضية الثانية المهمة تتعلق بإصلاح التعليم فلن يحدث تغيير جذري علي مستوي التنمية أو تحسين مستويات معيشة المواطنين دون وجود تعليم جيد يرتبط بمنجزات العلم الحديث.
*مارأيك حوال المغالاة في مظاهر التدين الشكلي في مصر حاليا؟
**المفروض أن التدين الهدف منه هو تقريب الناس من الله وهذا بالطبع يحسن السلوك والأمانة في العمل ويزيدالرقي والإنتاج للمجتمع وللأمة بأكملها, لكن إذا كان التدين يصاحبه ضيق في أفق الإنسان أو تعصب أو استغلال للدين في أهداف أخري فهنا يقع الضرر فالذي يحدث في مصر الآن يعكس التطرف في التدين وممارسة الدين, وهذا الأمر غريب علي مصر ولم يظهر في الحقيقة إلا في السنوات الأخيرة, والمشاكل الفرعية والمتكررة التي نراها نعم هي فردية أو قتية ولكن يجب أن يكون هناك حل جذري فإذا كانت الحلول واضحة أمام المسئولين فما هو سبب التراخي.
فعلي سبيل المثال الأحداث الأخيرة في العمرانية تطرح تساؤلا لا يجيب أحد عنه:لماذا يتعطل إصدار قانون دور العبادة الموحد وللأسف لا يوجد رد واضح علي هذا التساؤل…!!!
*أصبحت الهجرة إلي الخارج حلما لمعظم الشباب…بماذا تنصحهم؟
**الهجرة لاشك أنها تعطي المهاجرين فرصا غير متوفرة لهم هنا, وتتيح مستوي معيشة أفضل, وفي نفس الوقت تتيح له الفرصة فيما بعد للرجوع إلي بلده وخدمتها ولكن من الأشياء التي نلحظها مؤخرا أن نماذج من المهاجرين يكونون غير مؤهلين لذلك, أنا بالتأكيد لا أتحدث عن الهجرة العشوائية أو الذين يموتون غرقا في البحر, لكني أتحدث عن الأشخاص المتعلمين الذين يهاجرون بطرق شرعية إلي الخارج ولكنهم أيضا غير مؤهلين للعمل في الخارج فيجب عليهم أولا أن يدرسوا الشهادة المعادلة وتكون اللغة جيدة جدا لديهم ويمكنهم دراسة المرحلة الأولي والثانية من المعادلة في مصر قبل سفرهم للخارج خاصة بالنسبة للأطباء والصيادلة والمهندسين وإدارة الأعمال.
*يتحدث الإعلام المصري من وقت لآخر عن دور أقباط المهجر السلبي وانتقادهم للنظام المصري:
**أنا جلست مع أكثر من شخص مسئول, ووجدت أن من يكتب أو يتحدث عن أقباط المهجر هم في مصر فقط في وسائل الإعلام المصرية لسبب بسيط أن الأقباط في الخارج لا يوجد لديهم تدابير وتنظيمات هم ينفعلون بالأحداث والاعتداءات الطائفية ضد الأقباط ويعبرون عن غضبهم أو استيائهم من بعضها وهذا أمر مشروع جدا في الخارج وطبيعي, لذلك فما يحدث الآن هو ضيق أفق ووصف غير عادل حينما يحدث رد فعل واضح علي أحداث مثل نجح حمادي أو الكشح فهذا أمر طبيعي لأننا نطالب باتخاذ إجراءات سريعة وواضحة.
سمير نجيب بانوب في سطور:
*من مواليد الإسكندرية, وحاصل علي البكالوريوس والماجستير والدكتوراه من جامعة الإسكندرية.
دراسات متقدمة ما بعد الدكتوراه من جامعة جونز هوبكنز1990.
*متزوج من نرجس بانوب(دكتوراة في التمريض) ولديه من الأولاد هاني خريج هندسة وإيهاب خريج كلية إدارة أعمال بفلوريدا. ولديه من الأحفاد:أليكس, وكريستينا, وراشيل وإنجلينا.
*رئيس منتخب بجمعية الصحة العامة الأمريكية, وهي أكبر وأقدم مؤسسة من نوعها في العالم وعضو نشط في المؤسسة العالمية لجمعيات الصحة العامة في العالم وحائز علي جائزة التفوق والأستاذية من جامعة جنوب فلوريدا في التدريس والبحوث والخدمات ورئيس مؤسس لكلية الصحة العامة بجامعة فلوريدا وأستاذ زائر في ألمانيا وروسيا وبولندة واليونان ورومانيا وسفير السلام من مؤسسة السلام الدولي في نيويورك بعد نشر سلسلة أبحاث حول تأثير الحروب علي الصحة العامة.
*أنشأ إدارة التخطيط الصحي في الكويت وعمل مستشارا للتخطيط الصحي بدول الخليج من 1974 إلي 1983 في تدريب الكوادر البشرية علي التخطيط والإدارة الصحية وإدخال نظام الجودة في مستشفيات دول الخليج ويمارس أعمالا استشارية في 75 دولة منها تغيير السياسات الصحية في شرق أوربا بعد سقوط الشيوعية وتطوير المستشفيات في دول الكاريبي.