أكد الدكتور محمد نور فرحات أستاذ القانون الدستورى أن المجموعة القانونية التى يستعين بها المجلس العسكري غير محترفة ولا تجيد صياغة القوانين، وأن تعديل قانونى الانتخابات ومجلسي الشعب والشورى أكثر من مرة أبرز دليل على ذلك، كما تم اقتراح قانون لتجريم التمييز بعض مناقشات واسعة ثم اختصر القانون إلى مادة فى قانون العقوبات، كذلك وضع مشروع قانون لدور العبادة الموحد ثم اعتراض عدة مؤسسات عليه وانتهى المطاف إلى قانون سيتم النظر فيه لتنظيم بناء الكنائس، ومن ثم لا بد من حسن اختيار هذه العناصر التى تتشابه مع ترزية القوانين فى عصر النظام السابق حتى تتمكن من وضع صياغات سليمة لا تحتاج للتعديل كثيرا. أوضح الدكتور فرحات خلال مشاركته فى ندوة بساقية الصاوى مساء أمس تحت عنوان”8 أشهر من الثورة.. ماذا تحقق؟” أن المجلس العسكري وعد من خلال الاستفتاء والإعلان الدستورى أن يتم تسليم البلاد إلى سلطة مدنية منتخبة خلال ستة أشهر، ومع ذلك انتهت هذه المدة دون تسليم السلطة ودون انتخاب رئيس جمهورية، وغالبا لن يتم انتخاب رئيسا للبلاد قبل مرور عام وهذا يعنى أن المجلس لم يلتزم بما وعد به . أبدى د.فرحات دهشته من خروج بدعة الطواريء والحديث عن تفعيل قانون الطواريء لمواجهة التحديات التى تحيط بالمجتمع، خاصة وأن خبراء القانون يعرفون أن القانون إما أن يتم العمل به ويصبح مفعلا وإما أن يلغى، ومنذ بداية عصر الرئيس السابق حسنى مبارك وحالة الطواريء مستمرة، وحين أعلن المجلس العسكري أنه سيتم انتهاء العمل بالطواريء فور انتهاء الستة أشهر فوجيء المجتمع باستمرار حالة الطواريء، دون الالتزام بما قال الإعلان الدستورى، كذلك لم يتم استفتاء الشعب على استمرارها ومدها.ونوه د. فرحات إلى أن الدين يلعب دورا مهما فى المجتمع المصري، مشيرا إلى خطورة استخدام الدين فى السياسة، خاصة وأن العثمانيين استخدموا الدين لتحقيق مصالح خاصة بهم، كذلك استخدام الرئيس الراحل أنور السادات الدين للانحياز إلى فئة دون آخري فى المجتمع من أجل مكاسب سياسية، وهناك بعض التيارات التى تتبنى خطابات دينية من أجل تحقيق مصالح سياسية خاصة بها، محذرا من خطورة ذلك، وخاصة القوى السلفية التى اعتبرها تعيد البلاد إلى الخلف لعشرات السنين. من جانبه قال الدكتور سامح فوزى نائب مدير منتدى الحوار بمكتبة الاسكندرية أن المجتمع المصري يمر بحالة فقر فكري، وتركيز وسائل الاعلام على محاكمات رموز النظام السابق والخلافات بين القوى السياسية دون الحديث عن النهوض بمؤسسات الدولة، وخاصة مؤسستى التعليم والإعلام، وأنه بدلا من وضع معايير جديدة يتم بها اختيار العناصر الأنسب فى مواقعها، تم الحديث عن إعادة اختيار رؤساء الجامعات وعمداء الكليات بالانتخاب دون وضع ضوابط محددة، وهو ما ترتب عليه انتخاب أكثر من 70 % من نفس القيادات السابقة، وأصبح لهم شرعية بموجب الانتخاب، وهو ما شجع عدد من النواب المحسوبين على الحزب الوطنى المنحل فى العودة للمشهد السياسي من جديد، منتقدا التراجع الخطير فى السياسات العامة التى يعانى منه المجتمع، والتفريط فى بعض الانجازات التى تحققت فى السنوات الأخيرة. وأبدى د. فوزى دهشته من تكرار السجال حول مادة الشريعة الاسلامية، وبالرغم من ظهور وثيقة الأزهر التى كان يأمل عدد كبير من المثقفين أن تنهى الجدل حول مادة الشريعة إلا أنها لا تزال تلقي بظلالها على الأوضاع السياسية رغم أنها ليست مطروحة للنقاش فى الفترة الحالية، ولكن هناك من يريد أن تظل مثل هذه الموضوعات الشائكة مفتوحة حتى يتم تمرير أمور آخري.دعا د. فوزى إلى ضرورة تنفيذ القانون وعدم اللجوء لجلسات الصلح العرفية التى تعيد بالبلاد إلى الوراء، منتقدا استمرار محافظ أسوان بعد مشكلته الأخيرة رغم اعترافه فى بعض القنوات الفضائية أن هناك “شباب غيور ومتحمس” قام بهدم أجزاء من مبنى كنيسة المريناب، ودون تدخل منه فى وضع حل لهذه المشكلة، وهو ما يعنى أن الدولة تنازلت عن دورها لمجموعة من المواطنين تعمل على تنفيذ القانون بأنفسهم وهذا أمر خطير ومؤشر لابد من الالتفات اليه. عبر د. سامح فوزى عن آسفه جراء ما يتعرض له المسيحيين فى مصر خاصة والشرق عامة، خاصة وأن ما تعرض له المسيحيين فى الشرق الأوسط أرجعه البعض إلى غياب الاستبداد، وكأن الاستبداد هو من يعمل على احترام المواطنة والتعددية، رافضا الدعوات التى تطالب بالتدخل الأجنبي ، ومؤكدا على أن المسيحيين فى العراق لم تقف معهم الولايات المتحدة، ونفس الأمر هناك مخوف فى سوريا تجاه المسيحيين فى حال سقوط النظام السورى ، وهو ما يتطلب ضرورة ترسيخ قيم المواطنة والتعددية نحو الوصول إلى دولة ديمقراطية حديثة. وقلل الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية من مخاوف البعض بشأن هيمنة التيار الاسلامى على الانتخابات، خاصة وأن تأسيس الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية لأحزاب سياسية من شأنه أن ينقل الصراع الديني إلى صراع سياسي وخروج أحزاب آخري من قلب الاخوان والسلفيين سيجعل المنافسة سياسيا تأخذ الحجم الأكبر وتنحية الخلافات الدينية.
إ س 21 – 10 – 2011