نظرت المحاكم المصرية مؤخرا في دعاوى قضائية لاسترداد شركات كانت مملوكة للدولة تم بيعها أثناء برنامج خصخصة القطاع العام فى فترة النظام السابق.هذه الشركات التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، قيل إنها بيعت مقابل جزء ضئيل من قيمتها الحقيقية، مما نتج عنه خروج ما يقدر بحوالي نصف مليون عامل للمعاش المبكر.
وبرنامج بيع الشركات المملوكة للحكومة كليا أو جزئيا كان يشمل قرابة 400 شركة قدرت قيمتها في مطلع التسعينيات بخمسمائة مليار جنيه مصري، أي ما يعادل تسعين مليار دولار أمريكي تقريبا.وتم بيع حوالي نصفها بمبلغ خمسين مليار دولار فقط، في صفقات تحيط بها الكثير من الشبهات، تتطلب التحقيق فى صحتها.
وبالرغم من ذلك وسواء ثبت صحة هذا الكلام من عدمه فالقضية لها أوجه أخرى مثل موقف أصحاب هذه الشركات الآن وما تأثير رجوع شركات إلى ملكية الدولة؟، وماذا لو ثبتت صحة بعض هذه العقود؟.
يقول الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية إن العقد شريعة المتعاقدين وطالما هناك التزام بين الطرفين أرى أن هذه الشركات لا ترجع إلى الدولة مرة أخرى، وترجع فقط فى حالة أن المستثمر لم يلتزم بشروط العقد ولو كان هناك حساب فيكون لمن عقد الصفقة وقام بعملية البيع من الأساس سواء كان وزيرا أو أى مسئول.
ويضيف الدكتور عبده أن الأحكام الاقتصادية الآن يغلب عليها البعد السياسى والضغوط من كل جانب وهذا يسىء إلى صورتنا أمام العرب والأجانب فى عدم جديتنا فى جذب الاستثمارات، فتارة نسحب أراضى وتارة نلغى عقود، وهذا وضع خطير جدا لأننا دولة فقيرة ليست لدينا الإمكانيات الذاتية لكى نقف على أرجلنا مرة أخرى فى وقت نحن فى أشد الحاجة للاستثمار كما أن المستثمرين المتعاقدين فى مصر يمكن أن يتقدموا للتحكيم الدولى، وفى حالة كسبهم للقضية سيطلبون تعويض من مصر مما يزيد الحالة الاقتصادية سوءا، أو تسوء صورة الاقتصاد المصرى أكثر، ويزيد من خوف دول أخرى من الاستثمار فى مصر، ونحن أولى من غيرنا فى هذه الفترة الحرجة فى الاستثمار، والنظر إلى الأمام بجذب مستثمرين جدد وعمل خطوط إنتاج جديدة ومصانع وتشغيل أكبر عدد من الناس وتشجيع الاقتصاد الحر, فالأمر لا يحتمل الآن التشدد وعمل قضايا احتمالية نجاحها ضعيف، فالتخطى للأمام هو الأهم
وللدكتور إيهاب الدسوقى أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات رأيه أيضا فيقول: لو نظرنا للأمر من الناحية الاقتصادية فلو كان هناك توافق بين المشترى والبائع بنى على غش أو رشوة فيعتبر العقد باطلا، أما إذا كان العقد سليما فالمستثمر من حقه ملكيته للدولة فى بلادنا وعلينا إذن الالتزام بشروط العقد.
ويضيف الدكتور الدسوقى: أننا لا نستطيع تعميم كل الشركات فالقطاع العام ناجح جدا فى بعض المجالات مثل الأسمنت فملكيته للدولة تحميه من احتكار واستغلال قوة معينة وتأثيره على قطاعات أخرى، والقطاع الخاص ناجح فى بعض المجالات الأخرى مثل الغذاء والمنافسة بين الشركات وتقديم الأجود، إذن فالقطاع الخاص مطلوب والقطاع العام أيضا مطلوب فلا نتعجل برفع قضايا الآن, الأمر يحتاج دراسة وعدم تعجل فنستفيد مما هو قائم وننشئ شركات جديدة للاستفادة أكثر.
==
س.س
2 يوليو 2011