شن متحدثون في ورشة العمل التي نظمتها مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع حول مستقبل التيارات الإسلامية في برلمانيات الوطن العربي هجوما عنيفا علي التيارات الإسلامية خاصة في مصر.وأكدوا أنه لايوجد حلول إسلامية لأننا نعيش في عصر عولمة المشكلات الإنسانية.وأن نواب جماعة الإخوان المسلمين كان أداؤهم ضعيفا وغير مؤثر ولم يقوموا بإثراء الحياة البرلمانية بل كانت مواقفهم ملتبسة وغير واضحة.
أكد السيد ياسين مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام علي وجود عدة عوامل تؤثر في تطور تيارات الإسلام السياسي وأضاف:
يوجد تأثير دولي يتجسد في اهتمام الدول الكبري بهذه الحركات واستغلالها ,وهو ما كشف عنه بعض الباحثين الغربيين خاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي تهتم بدراسة التيارات الإسلامية وتعمل علي بناء مايسمي بشبكة إسلامية معتدلة من خلال التعاون مع هذه الحركات لخدمة الأهداف الأمريكية .وهناك التأثير الإقليمي حيث يحكم المنطقة نظم سياسة عربية تتسم بأنها مستبدة وتستخدم الدين لإضفاء الشرعية علي شرعيتها المفقودة وعلي سبيل المثال في مصر توجد تعددية سياسية مقيدة في ظل نظام شمولي لصالح حكم الحزب الوطني وذلك علي مستوي القانون والممارسة علي أرض الواقع .ولذلك يجب أن نبدأ في رسم خريطة معرفية للتيارات السياسية الإسلامية لكي يتم التمييز بينها,بين جماعة الإ خوان المسلمين وبين حماس والجهاد وهي حركات بينها قواسم مشتركة لكن في نفس الوقت تملك خصوصيات.وفي هذا الإطار يمكن استخدام منهج محدد ثلاثي الأبعاد يبدأ بدراسة الأصل التاريخي أي نشأة التيارات الإسلامية ثم البعد الثاني البنية الحركية وأخيرا البعد الوظيفي.
وشن ياسين هجوما عنيفا علي التيارات الإسلامية خاصة التي تدعي الوسطية وقال:كشفت الأيام الأخيرة أن هذه التيارات تريد دولة دينية وكانت جماعة الإخوان المسلمين تدعي أنهم يمثلون الوسطية وهم أقدم جماعة إسلامية تأسست في 1928 ومن رحمها خرجت الجماعات الأخري ,هذه الجماعة ليس لديها فكر مسجل ومكتوب,وكل ما لدينا كان رسائل الإمام حسن البنا وكتب سيد قطب,لكن تحليل خطاب الإخوان المسلمين خاصة بعد إعلانهم البرنامج السياسي كشف المسكوت عنه بأنهم يريدون تأسيس دولة دينية ضد الدولة المدنية,وبنص البرنامج يريدون إنشاء مجلس الفقهاء الذي تعرض عليه قرارات رئيس الدولة ومجلس الشعب وهو تقليد لنظام ولاية الفقيه في إيران ,فهم يريدون ولاية الفقيه علي النمط السني.وهنا نتساءل من هم الفقهاء؟! وما رأيهم في الفتاوي العشوائية التي طرحها الفقهاء؟!وهل نعمل العقل أم آلية النقل؟!
وأضاف ياسين:المرجعية المطلوبة هي للدستور وما ينص عليه والمواثيق الدولية أما المادة الثانية والتي تعول عليها هذه التيارات فهي موجهة إلي المشرع وليس للشارع.فليس هناك حلول إسلامية,نحن نعيش في عصر عولمة المشكلات الإنسانية ولايوجد حل إسلامي للبطالة والتضخم والنمو والفساد نحن نحتاج منهجا متكاملا يستخدم العلوم الطبيعية والاجتماعية.
تيار أصيل
قال الدكتور أسامة الغزالي حرب نائب رئيس حزب الجبهة الديموقراطية :توجد أربعة تيارات سياسية في الحياة المصرية أولها تيار الإسلام السياسي وكان سائدا إبان حكم العثمانيين وأسرة محمد علي ثم نتيجة الانفتاح علي عصر النهضة الأوربية وإرسال البعثات إلي الخارج ولد التيار الليبرالي,ثم نشأ التيار اليساري نتيجة المد الاشتراكي وقيام الثورة البلشفية في الاتحاد السوفيتي,وأخيرا التيار القومي والذي جاء عقب إنشاء جامعة الدول العربية وسيطرة حركة يوليو علي الحكم.وأود الإشارة إلي أن التيار الإسلامي لم يثبت علي حالته فقد مثلت حركة الإخوان المسلمين نقطة فاصلة حيث كانت الصبغة السائدة لتيار الإسلام السياسي قبل ظهور الإخوان إصلاحية تنويرية منفتحة علي الفكر والحضارة الغربية وذلك عبر محمد عبده وجمال الدين الأفغاني لكن هذا التيار بعد ظهور الإخوان المسلمين حدث قطيعة مع العالم وأصبح متصادما ولايسعي للتوافق.
وأضاف حرب:يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الظروف التي ساهمت في تطور هذا التيار لايمكن قراءتها بمعزل عن الاستعمار الأوربي ومن بعده الأمريكي,وقاموا بتدعيم كثير من التيارات الإسلامية في مواجهة الحكومات الثورية التي رفعها جمال عبد الناصر كما شجعت أمريكا القوي السلفية الإرهابية في مواجهة الاتحاد السوفيتي .وكذلك هناك الظروف الداخلية حيث ساهمت طريقة تعامل النظام معها في إكسابها تعاطفا علي المستوي الشعبي بل أن النظام اللاديموقراطي والاستبدادي ساهم في وجود الطابع العنيف والمتشدد لهذه التيارات وأن تصبح أقوي من الأحزاب فالنظام فشل في القضاء عليها لكنه نجح في القضاء علي الأحزاب والقوي السياسية المدنية المعارضة ,وهو ما حدث في إيران التي كانت غنية بمرحلة ليبرالية خصبة لكن نظام الشاه الاستبدادي قضي علي هذه القوي فيما عدا الإسلاميين الذين قاموا بالثورة ولهذه الأسباب يبقي التساؤل عن مستقبل هذه الجماعات مرتبطا بالتطور السياسي,فعندما حدثت انفراجة محدودة في بعض الدول ومنها مصر تأثر وضع هذه التيارات أولا علي آليات العمل داخلها حيث تختلف طبيعة العمل تحت الأرض عن العمل العلني في مؤسسات رسمية شرعية.
برجماتية الإخوان
وأكد الدكتور أحمد ثابت الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية علي ضعف تمثيل الإخوان البرلماني قائلا:الأداء البرلماني ينقسم إلي شقين الأول الرقابي من خلال الاستجوابات وطلبات الإحاطة والأسئلة وقدم نواب الإخوان المسلمين عددا كبيرا منها لكن الموضوع لايقاس بالكم حيث فشلوا في تكوين التحالفات التي تمكنهم من التأثير.أما الشق الثاني وهو القضايا الجماهيرية ومناقشتها وفي هذا الإطار كان موقف الإخوان من بعض القضايا غير واضح مثل النص علي المواطنة في التعديلات الدستورية الأخيرة حيث قالوا إن أحكام الشريعة هي الضامن الوحيد لمبدأ المواطنة بالرغم أن المصطلح حديث ولاعلاقة للدولة الإسلامية به,كما أن موقفهم كان سلبيا في قضية أكياس الدم الملوثة حيث ساندوا هاني سرور وحاولوا تبرئته من تهمة توريد أكياس دم فاسدة بالرغم من تحويله إلي النيابة والتحقيق معه وبالمثل كان موقفهم في قضايا فساد الخصخصة والإضرابات العمالية برجماتيا بحتا,وبالتالي الحديث عن أن دخول الإخوان إلي البرلمان يثري الحياة البرلمانية مبالغ فيه وغير صحيح.
أفق سياسي
أوضح الدكتور عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن علاقة الإخوان المسلمين بالسلطة السياسية هي علاقة شائكة منذ تأسيس الجماعة يد الراحل حسن البنا عام 1928 وحتي الآن,وعرفت مراحل هدوء ومواجهة وسلم وعنف وبقي كلاهما مستمرين لا الإخوان اختفوا ولا السلطة سقطت وصار من المهم البحث عن أفقحل سياسيلمعضلة الإخوان والنظام القائم .وأضاف الشوبكي:لايمكن لمصر أن تبني نظاما ديموقراطيا إلا إذا تعاملت بشكل سياسي مع ملف حركات الإسلام السياسي السلمي,بل أن ما يعتبره البعضفزاعة لتعطيل عملية الإصلاح السياسي والدستوري ,يعتبر الشرط الوحيد لنجاحها أي دمج الإخوان المسلمين في المعادلة السياسية كحزب مدني شرعي لا كجماعة شرعية ولا كجماعة محظورة تواجه بالقمع والاعتقالات.
تأثير ضعيف
وأشار نجاد البرعي رئيس مجلس إدارة جماعة تنمية الديموقراطية إلي أن الإسلاميين اختلفوا فيما بينهم بشأن الانتخابات وشرعيتها وحكمها الديني ,وبدا هذا التباين واضحا في الفكر السلفي,بعد إقرار فريق بحرمة الانتخابات وآخر بقبولها علي أنهاأمر واقع من أجل تخفيف الضرروأكد البرعي أنه حتي الآن يعد نجاحهم محدودا فلم يؤثر الإخوان المسلمين في الأجندة التشريعية للبرلمان ,ولم يستطيعوا أن يحسنوا من شروط انتخاب رئيس الجمهورية,ولم يمنعوا إقرار عدد من القوانين المقيدة للحريات ,بل أن نسبة تأثيراتهم في التشريعات بشكل عام كانت متناهية الضعف علي الرغم من جودة المناقشات التي قدمها عدد من نوابهم.ويرجع ذلك لعدة أسباب منها قوة السلطة التنفيذية في مواجهة البرلمان بالإضافة إلي أن التيارات الإسلامية نفسها لاتملك الخبرة السياسية الكافية للتعامل مع أوضاع برلمانية مختلة ولا تجيد بناء التحالفات مع القوي السياسية الأخري ,ولا التحاور حتي مع الأغلبية,باعتبار أنهم يتبنون خطا متطرفا,لا يأخذ في الاعتبار الحلول الوسط,وهو أمر يساعد عليه أيضا أن التيارات المختلفة الأخري تأخذ المنهج نفسه في مجتمعات لاتعرف معني الحلول الوسط.
من جهته أشار الباحث بمعهد كارنيجي بالولايات المتحدة الأمريكية الدكتور عمر حمزاوي إلي أن ثمة إشكاليتين تحولان دون الأداء الكفء للتيارات الإسلامية في البرلمانات العربية,تتمثل الأولي بالسياق السلطويالذي يفرض عليها أن تكون مشاركتها ديكوريةفي الحياة العامة عامة والحياة البرلمانية خاصة .أما الإشكالية الثانية كما يراها حمزاوي فهي عدم حسم التيارات الإسلامية لشكل العلاقة بالآخر,سواء كان الآخر هو النظام أم القوي السياسية الأخري,مدللا علي ذلك بعدم استطاعة هذه التيارات بناء تحالفات مع القوي المعارضة الأخري.