بالرغم من حجم الفساد الذي تم اكتشافه والجهود الحثيثة التي لما تزال تبذل لكشف المزيد من الفاسدين الذين أفسدوا الحياة السياسية والاقتصادية واستغلوا علاقاتهم ومناصبهم لتحقيق مصالح خاصة علي حساب اقتصادنا الوطني إلا أن مصر لما تزال عامرة بالعديد من رجال الأعمال الشرفاء الذين يعملون في صمت ويساهمون بقوة في دعم مسيرة التنمية, إلا أنهم يعانون من معوقات عديدة ويخشون من إنهيار مؤسساتهم في ظل مناخ ملئ بالاتهامات للدرجة التي بات فيها أي رجل أعمال يخشي أن يقول إنه رجل أعمال حتي لو كان صالحا يعمل لصالح الوطن.
وطني طرحت السؤال الملح علي الكثيرين من الشرفاء من رجال الأعمال… طرحته علي أصحاب الشأن في وزارة المالية والبنك المركزي, والسؤال ببساطة شديدة جدا هو: هل انهارت ورقة المصالحة مع رجال الأعمال الشرفاء؟, وقبل أن ندخل في تفاصيل الإجابات عرفنا أن الحكومة أكدت علي لسان د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء بأنها ستدعم بقوة رجال الأعمال المصريين الشرفاء وستقدم لهم كل الدعم والعون والتيسيرات المالية والفنية وتذليل أي عقبات تعوق انطلاقة أعمالهم وهو ما لمسناه بالفعل في لقاءاتنا مع المسئولين في المالية والبنك المركزي.
أكد د. محمد زكريا رئيس وحدة المشروعات الصغيرة بالمعهد المصرفي, أن البنك المركزي قد أعطي حوافز للبنوك لتمويل رجال الأعمال أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة وذلك بإعفائها من نسبة الإحتياطي القانوني مما ساعد علي تشجيع البنوك في تحمل أعباء الديون عن رجال الأعمال, حيث أتت تلك الحوافز ثمارها بالفعل مشيرا إلي أن عدم شعور البعض بوجود رد فعل قوي لهذه الحوافز يعود إلي عدم وجود وعي كاف لرجال الأعمال أصحاب المشروعات أنفسهم بمتطلبات البنوك وبضرورة وجود قوائم مالية لأعمالهم, وذلك كان إيمانا من البنك المركزي برفع عملية النمو مما دفع المعهد المصرفي لإنشاء تلك الوحدة ##وحدة المشروعات االصغيرة## حيث يملكها رجال أعمال… تلك الفئة من رجال الأعمال الشرفاء غير الفاسدين, وهدف تلك الوحدة استكمال المبادرة والحوافز التي قدمها البنك المركزي والذي كان له أثر أكبر حيث باتت البنوك تركز علي تمويل تلك الفئة من المشروعات حيث أصبح هناك ما يقرب من 13 بنكا لديه وحدات خاصة بتلك المشروعات بهدف رفع الوعي لأصحاب تلك المشروعات وشرح جدولة ديونهم وخاصة المتعثرين من رجال الأعمال الشرفاء.
وأكد د. ##محمد زكريا## أن الوحدة تقوم حاليا بحصر شامل علي مستوي الجمهورية وذلك بالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لإعداد حصر شامل لأصحاب لمشروعات (رجال الأعمال) من المتغثرين أو المتضررين.
أما عن تصريح البنك المركزي حول قضية رجال الأعمال الشرفاء غير الفاسدين وورقة المصالحة الخاصة بهم فقد أكد د. فاروق العقدة محافظ البنك المركزي أن البنك سوف يتعامل مع الفاسدين غير الشرفاء بمنتهي الحزم والقوة من خلال التحفظ علي أموالهم داخل البنوك المصرية لحين تصفية ديونهم أمام الحق الفعلي لما استولوا عليه وسوف يتم مراعاة التعامل مع الشرفاء منهم علي أساس سجلهم التجاري والضريبي وخلفيتهم في مجال الأعمال وهل توجد سابقة لهم , كما سوف يتم جدولة أي فروق أسعار بين السعر الحقيقي لما يمتلكون, والسعر الذي قاموا بشراء تلك الأصول به وستتم الجدولة علي أساس الأصول والممتلكات الخاصة بهم وأرصدتهم في البنوك دون المساس بالسمعة الاقتصادية لرجال الأعمال الشرفاء.
أكدت وزارة المالية علي لسان الوزير د. سمير راضوان أن التوجيهات للحكومة خلال المرحلتين الراهنة والمقبلة هي الاعتماد علي القطاع الخاص في قيادة عملية التنمية, والشراكة بين القطاعين العام والخاص من خلال وضع ضوابط لتقوم الحكومة بدور المنظم ووضع سياسات تحضيرية وتشجيع القطاع الخاص من خلال الإعفاءات الضريبية والتسهيلات الجممركية والتأمينية.
د. سمير راضوان أكد كذلك أنه لا توجد تغييرات في توجهات السياسة الاقتصادية , وذلك لأن القطاع الخاص لا يزال قاطرة النمو الاقتصادي, موضحا أن القضية تم حسمها وفقا للإعلان الدستوري في مادته الرابعة حيث إن الاقتصاد يقوم علي القطاع الخاص بالمشاركة مع القطاع العام والحكومة دورها يقتصر علي الرقابة وتحسين مناخ الأعمال, مشيرا إلي أن هناك تنسيقا تاما في السياسة المالية للسيطرة علي معدلات التضخم ولتيسير علي القطاع الخاص من خلال قنوات التمويل.
من جانبه أكد أحمد رفعت رئيس مصلحة الضرائب, أنه لا توجد خصومة أو علاوة من قبل الدولة تجاه رجال الأعمال الشرفاء ذلك أن المرحلة المقبلة ستشهد تغييرات في السلوك الضريبي وإنهاء المنازعات الضريبية بين المصلحة والممولين الشرفاء في تعاملاتهم الضريبية.
وقال رفعت إن المصلحة أبدت استعدادها للمصالحة في قضايا التهرب الضريبي والمنازعات الضريبية من خلال قنوات جديدة تتم من خلالها حسم تلك القضايا, موضحا أن المالية تدرس حاليا من خلال لجنة فض المنازعات والطعون المقدمة لها من قبل الممولين حول الضريبة وكيفية سداداها بدو, غرامات من قبل المصلحة.
وأضاف رفعت, أن هناك قطاعات استثمارية كبيرة تأثرت بالأحداث مؤخرا ومنها القطاع السياحي والقطاع الصناعي والاستثمار العقاري حيث أيدت المصلحة تقسيط الضريبة وذلك لتشجيع العديد من رجال الأعمال الشرفاء للاستمرار في أنشطتهم.
وقال د. محمد سرور مستشار وزير المالية لشئون الضرائب, إن المالية تدرس حاليا إعادة هيكلة الضرائب من خلال التسهيلات المقدمة للقطاع الخاص أو لتيسير في وقع الضرائب دون غرامات من قبل الممولين, موضحا أن المالية تعد حاليا مذكرة حول إعفاء العلاوات الخاصة من الضريبة.
وأكد سرور, أن المالية تدرس تطوير وتنظيم القوانين التي من شأنها تنشيط الاقتصاد المحلي والتيسير علي القطاع الخاص دون أعباء إضافية, موضحا أن يجري تعديلات علي قانون ضريبة الدخل والضرائب مما يتلاءم مع المرحلة المقبلة.