توفي الأسبوع الماضي خالد أكبر أبناء الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عن عمر يناهز 62 عاما بعد أن تدهورت صحته إثر إجرائه عملية جراحية في الجهاز الهضمي.. كان خالد مقربا من والده الذي كان يلقب أبوخالد وفي يوم جنازة والده هتف المشيعون يا خالد قول لأبوك الملايين بيودعوك. قضي خالد عبدالناصر كثيرا من سنوات عمره بعيدا عن أرض الوطن في رحلة طويلة متنقلا بين لندن وبلجراد, بسبب والده كان لخالد شعبية طاغية خارج مصر, قفي سوريا تم استقباله استقبال الفاتحين وحملته الجماهير بالسيارة التي كان يركبها, وفي لندن حيث كان يعد رسالة الدكتوراه عومل معاملة كريمة.
خالد جمال عبدالناصر متزوج من داليا فهمي شقيقة سامح فهمي وزير البترول الأسبق, ولديه ثلاثة من الأبناء هم جمال علي اسم والده وتحية علي اسم والدته وماجدة, وكان يعمل أستاذا بكلية الهندسة جامعة القاهرة. وكان خالد بمثابة الأب الروحي لإخوته منذ نحو 41 عاما.
من الحكايات التي تروي عنه تبرعه بـ600 جنيه لصالح جماعة الإخوان المسلمين.. وقد أثار التبرع الذي تسلمه الصحفي محمد عبدالقدوس دهشة قيادات الجماعة. كان عبدالقدوس قد التقي خالد عبدالناصر. وتساءل الدكتور خالد عن الإخوان.. هل هم بتوع دين وبس.. ولا دين ودنيا كمان؟ أجاب محمد عبدالقدوس: نحن جماعة شاملة.. ولا يمكن للمسلمين تقديم صورة جميلة للإسلام إلا بتفوقهم في الدنيا! كان رد خالد عبدالناصر: أنا عايز أقرب منكم وأفهمكم مع العلم أنكم إذا حاولتم تجنيدي فلن تفلحوا! وأخرج خالد من جيبه مبلغ 600 جنيه وقدمها كتبرع لسجناء الإخوان المسلمين.
لم تكن سهام النقد الموجهة ضد أسرة عبدالناصر الخلاف الوحيد بين خالد ونظام السادات ولكن جاءت معاهدة السلام مع إسرائيل لتدشن فصلا جديدا من التوتر بين الطرفين وشهدت تلك الفترة أقسي فصول حياة خالد التي أجبر فيها علي ترك وطنه بعيدا عن ملاحقة السلطات بعد انتقاده اللاذع لنظام السادات ومن بعده نظام مبارك بسبب انحرافهما – من وجهة نظرة – عن نهج والده. وانغمس خالد عبدالناصر في السياسة في عهد الرئيس السابق أنور السادات, الذي شهده علي عقد قرانه, لتتوتر علاقة نجل عبدالناصر بالنظام, وكان السبب الرئيسي هو غضب خالد عبدالناصر من النقد اللاذع الذي طال والده في عهد السادات بقصد تشويه سيرة الرجل العظيم كما قال خالد حينها بدعوي الحرية والديمقراطية.
لم ينته خلاف خالد عبدالناصر مع النظام باغتيال السادات عام 1981, بل حافظ نظام حسني مبارك علي هذا الخلاف بسبب موقفه من السلام مع إسرائيل, ليؤسس خالد مع محمود نور الدين ضابط المخابرات وآخرين تنظيم مصر الثورة الذي حاول استهداف المسئولين والدبلوماسيين الإسرائيليين والأمريكيين, وأحيل خالد عبدالناصر إلي القضاء عام 1988 متهما بمحاولة إسقاط الحكومة والإضرار بالأمن القومي, وظل متهما لعدة سنوات قضاها في يوغوسلافيا التي ارتبط والده بعلاقة صداقة وطيدة مع زعيمها تيتو, إلا أن براءته ظهرت عام 1993 ينتقل خالد للإقامة في لندن, ولم يعد للقاهرة إلا مؤخرا, وشارك أبناؤه الثلاثة في ثورة 25 يناير.
لم نسمع يوما أن خالد اشتري منزلا في باريس أو لندن أو جمع رصيدا في بنوكهما, أو أسس شركات, أو ساهم بصفقات, مع أنه لو أراد لركض كل الحكام العرب لتقديم الملايين له, لا حبا بل تسقيطا لمنهج عبدالناصر الذي مات دون أن يترك لعائلته حتي سكنا يورثونه منه, ولا ينسي التاريخ وصية الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لابنه خالد حينما قال: إن استخدمت اسمي للإساءة لأحد أو تجاوزت في سلوكك لن أتردد في وضعك في السجن الحربي.