يبقي حي القصبة العتيق بأعالي العاصمة الجزائرية من أكبر الأحياء القديمة التي تعود مبانيها من دور وقصور وحمامات ودكاكين إلي الفترة العثمانية .وأول ما يلفت انتباه الداخل إلي العاصمة الجزائرية من الواجهة البحرية هو تكدس عدد هائل من المباني في شكلغابة من الأحجاريرجع تاريخ بنائها إلي قرون سابقة,ويبقي حي القصبة شاهدا علي كل حكايات التاريخ,ورغم قدم أزقته فإنه مازال محافظا علي تراث الجزائر وخصوصيته التي تميزه عن كل الدول العربية.
يحتوي الحي العتيق علي قصور تركية من بينها قصر سيدي عبد الرحمن,وقصر دار الصوف وقصر مصطفي باشا وقصر دار القادس ودار عزيزة بنت السلطان وقصر دار الحمرة الذي تحول إلي دار للثقافة إلي جانب قصر أحمد باي الذي تم تحويله إلي مقر للمسرح الوطني.كما حولت بعض هذه القصور إلي مكتبات ودور ثقافة أو مراكز للتأهيل المهني,وبالنظر إلي أهمية القصبة العتيقة صنفت من المواقع التي ينبغي أن تحافظ عليها اللجنة الوطنية لحماية أملاك الدولة الجزائرية.
وتعد القصبة معلما تاريخيا يحتفظ بأهم مراحل الثورة التحريرية الجزائرية منذ إندلاع الثورة في 1 نوفمبر 1954 ومعقل الثوار في دارالسبيطارالتي كانت مخبأ للمجاهدين أمثالأحمد زبانةوعلي لابوانتوجميلة بلباشاوجميلة بوحيردوعدد من المجاهدين الذين ضحوا في سبيل تحرير الجزائر .كما استخدم المجاهدون الحي كمخبأ باعتباره يحتوي علي أزقة ضيقة مكنت الثوار من القيام بعمليات عسكرية بعيدا عن أعين قوات المحتل لذا شنت قوات الجيش الفرنسي عمليات دهم للقبض علي المجاهدين في هذا الحي الذي عرف وقتذاك.
والجميل في هذا الحي أنه يدب يوميا بالحركة ذلك لانتشار المحلات التجارية فيه ومنها ما هو قديم تمارس فيه بعض المهن التي تفتقدها أحياء العاصمة الجزائرية الجديدة مثل الخياطة والطرز علي الحرير والألبسة التقليدية وصناعة النحاس والحلي الفضية والنجارة والحلويات الشرقية وصناعة السروج الخاصة بالأحصنة وغيرها من المهن اليدوية التي اندثرت أو في طريقها إلي الاندثار في الجزائر.
يزور حي القصبة العتيق حاليا كل سنة أكثر من مليون سائح من مختلف الدول العربية والغربية كما يستقبل الحي العتيق يوميا مايقارب 200 ألف زائر لانتشار المحلات والأسواق الشعبية التي تجلب الزبائن حيث يزورها يوميا المواطنون من مختلف الولايات القريبة من العاصمة.
وتناول العديد من الكتاب والأدباء من بينهم ياسف سعدي هذا الحي كتبمعركة الجزائروالتي استلهم وقائعها من أحداث وقعت فيالقصبة العتيقةإبان الثورة الجزائرية وتم تحويلها إلي فيلم ناجح نال شهرة عالمية وازداد عالمية بعد أن أعيد عرضه في عدة دول غربية بعد اهتمام وزارة الدفاع والبيت الأبيض الأمريكيين بمحتواه.كما أعطت القصبة الإسلهام للكاتب الجزائري الراحل محمد ديب ليترك وراءه روايات عدة أهمهاالحريقودار السبيطاروالدار الكبيرةوكلها روايات تقع أحداثها في القصبة وتروي المعاناة الكبري التي عاشها الجزائريون في سنوات الاحتلال خاصة بالنسبة للتعذيب الذي تعرضوا له من طرف الجيش الفرنسي.