جاءت الساعات الأولي من العام الجديد بمأساة جديدة تعرض لها المسيحيون بكنيسة القديسين بالإسكندرية.. وحقيقة الأمر هذه ليست الحادثة الأولي فلقد حملت إلينا السنوات الأخيرة العديد من الاعتداءات ولكن تكرار مثل هذه الأحداث جعل أبناءنا يشعرون في كثير من الأحيان بعدم الأمان في وطنهم سواء علي المستوي النفسي أو علي مستوي العلاقات الاجتماعية, فأبناؤنا أصبح لدي نسبة ليست بقليلة منهم تخوفات من التعامل مع الآخر.. خاصة أن أبناؤنا لم يعيشوا فترات التآخي والتعايش المشترك بين المسيحيين والمسلمين بمصر.. فكيف نتعامل مع مشاعر عدم الأمان هذه لدي ابنائنا؟
تحدثنا إلي الدكتور كمال مغيث الأستاذ بمركز البحوث التربوية يقول: أظن أن الخطر قائم بالفعل ليس علي الأجيال المقبلة فقط بل الأجيال الحالية أيضا.. وللأسف لا توجد إلا أربعة تجمعات أو بؤر التي من الممكن أن يتلقي فيها المسيحيون والمسلمون معا, وهي: مجموعة العلمانيين والتي أصبحت مجموعات تتآكل في الوقت الحالي, وزملاء العمل الذين يضطرون للتعامل معا ولأن يجاملوا بعضهم البعض في المناسبات المختلفة وفقط, والعلاقات النفعية الاقتصادية المباشرة كأن يكون هناك كهربائي مثلا أذهب إليه بسيارتي لكفاءته في العمل وبذلك فعلاقتي به هي للنفع المباشر, وأخيرا العلاقات التاريخية بين كبار السن الذين لا يزالون في علاقات جيدة ويحملون ذكريات من زمن جميل وعذب.. وبالتالي فنحن الآن نعيش بالفعل في أزمة وحالة من الاحتقان, وهذه الأزمة ستظل المعين الذي يجدد كل إرهاب وكل تطرف.. لأنه جزء أساسي من مشكلتنا مع دولتنا أنها تعتقد أنه طالما المواطنين لا يملكون السلاح فالأمور مستتبة, دون أن يدركوا أن الأخطر هو من يملك عقلا لا يستطيع أن يقبل التعامل مع الآخر.
ويضيف مغيث: مع الأجيال الجديدة الدولة في حاجة ماسة إلي التفكير في مناهج التعليم حتي يعود الأطفال مسيحيين ومسلمين يشتركون معا في جميع الأنشطة والدروس المدرسية.. دون أن يشعر المسيحيون بأن المناهج التعليمية تتجاهل تواجدهم مع زملائهم وبالمدارس.
ويؤكد مغيث علي أن: المجتمعات تعمل بعنصرين لا ثالث لهم الأول الثقافة والثاني القانون لذلك فسيادة القانون أساسية, فما لا تحققه الثقافة يحققه القانون.. لذلك فإن جزءا أساسيا من المشكلة هو عدم وجود قوانين وأحكام واضحة ورادعة في الأحداث الطائفية منذ أربعين عاما تقريبا من أحداث الخانكة في عام 1972.. لذلك فنحن بحاجة إلي وضع قوانين واضحة في هذا الصدد.
ويتفق معه في الرأي الدكتور زكريا فاخوري دكتوراه المشورة الأسرية, ويقول: إن جزء كبير من شعور أبنائنا بعدم الأمان خاصة علي المستوي المجتمعي في تعاملاتهم مع الآخر يرجع جزء كبير منه إلي شعور أبنائنا بالاغتراب, واللحظة التي يشعر فيها الشخص أنه غريب في بلده ولا يأخذ حقوقه بها فإن النتيجة الحتمية هي الشعور بعدم الانتماء.. لذلك فعلاج الأمر يجب أن يكون في وجود وسيلة لنطالب بحقوقنا, فلقد حان الوقت لأن يكون دورنا بارزا في الدفاع عن حقوقنا, ولكن ليس بطريقة همجية لأن هذا غير صحيح وليس من تعاليم المسيحية, ولكن المطالبات تكون من خلال القنوات الشرعية دون تخريب أو تحرك بشكل عشوائي.. بالإضافة لذلك فنحن نحتاج في الوقت الراهن إلي اننا نرفع أيادينا بالصلاة طالبين تدخل الله.
ويستطرد فاخوري: علينا أيضا كآباء أن نعلم أبناءنا أن يكونوا محبين ومتسامحين مع الآخرين, وهذا الأمر حتي يحدث يجب ان يتغير الطرفان.. ولكن هذا الأمر علي المستوي العملي أمر صعب جدا ويحتاج لسنوات طويلة فما تم هدمه في عشرات السنوات من الصعوبة أن يعود في عام أو عامين.. فنحن محتاجون إلي ان نربي في أفنائنا الفضيلة بأسلوب سوي حتي يستطيعوا أن يقاوموا أي حرب أو هجوم يتعرضون له داخل المجتمع.
ويؤكد فاخوري علي أننا يمكننا أن نحد من شعور أبنائنا بعدم الأمان والخوف من المستقبل في ظل الأزمات المتتالية والمتلاحقة علي الكنيسة والأقباط حينما نوضح لهم أن ما يحدث ما هو إلا أن كلمة الله الموجودة بالكتاب المقدس تتحقق لأن الاضطهاد ومعاناة الكنيسة موجودة في كل لحظة إلي كمنتهي الأعوام, ولقد ذكر لنا الكتاب المقدس ذلك, لذلك فكل شئ نمر به يؤكد لنا صحة وثبات وصدق الكتاب المقدس فمن المفترض أن يكون ذلك أمر يثبت لإيماننا ولا يهزنا أبدا بل علي العكس.. فحياتنا في أيدي الله وحده ولا يوجد إنسان أو موقف يستطيع أن يغير إرادة الله لنا.