في ظل الأحداث الطائفية التي شهدتها مصر مؤخرا, التي تتنافي مع روح المصريين المتسامحة المحبة, نحن بحاجة إلي مزيد من الجهود والأنشطة التي تحارب التعصب حتي يتم استئصاله من جذوره.. حملة قطار التسامح, حملة يقودها مجموعة من الشباب المصري أقباط – ومسلمون قاموا بجولات بدأت من الإسكندرية تواصلت إلي النوبة.. رحلة شاقة ولكنها ممتعة فهدفها الأساسي الوصول إلي المواطن العادي في الشارع والحديث عن مدي العلاقة بين المسلم والمسيحي في كل مكان, فلا يمكن أن يكون المجتمع متحضرا أو ديموقراطيا يعمه السلام إلا إذا كان مجتمعا متسامحا.
ومن هنا بدأ قطار التسامح بقيادة شباب مصري يرفض التعصب ويدعو للتسامح, ساهمت مؤسسة فريدريش نومان في هذه الحملة.
بداية المحطة.. الإسكندرية..
كانت بداية القطار علي محطة إسكندرية وتحديدا المنشية وهناك وجد الشباب أهالي الحي مشجعين للفكرة وداعمين لها مع دعواتهم للفكرة وأصحابها بالتوفيق.
- وقصد الشباب تحديدا كنيسة القديسين, الكنيسة التي شهدت أحداث مرعبة ومفزعة ليلة رأس العام الجديد 2011, قابلهم الشعب الكنسي بالترحيب كما تحدثوا مع القس متاؤس راعي الكنيسة, الذي قال لهم كل الناس هنا متفائلة بإللي جاي رغم حزنهم إللي لسه ظاهر علي ملامحهم, وانطلق الشباب من كنيسة القديسين إلي مسجد المرسي أبوالعباس.
وبمجرد وصولهم إلي دمنهور ومحاولة طرح أهداف حملتهم وجدوا البعض يقلل من مخاطر الغزو الطائفي, رافعين شعار كلنا بنحب بعض ومفيش مشاكل رغم أن واقع الحال ومشاهدتهم تؤكد أن تحت السطح الكثير من الاحتقان والمشاعر السلبية.
وأكمل الشباب رحلتهم رغم ما واجهوه في دمنهور:
- وكانت الحملة الثانية من بني سويف إلي النوبة, وذهب الوفد إلي كاتدرائية المنيا الخاصة بالأقباط الكاثوليك قابلهم الأب ملاك وقال لابد أن نعترف أن هناك بالفعل مشكلة طائفية في مصر فالاعتراف بالمشكلة هو بداية للسعي نحو علاجها, ومن الكاتدرائية إلي مسجد الفولي, حيث أكد أهل المنيا من المسيحيين والمسلمين علي عمق روابط المحبة بينهم, مع عدم إنكار أن بعض الأفكار التي تستهدف التفرقة قد تسللت إلي نفوس البعض.
أما في أسوان.. فقد لمس شباب الحملة حرارة مشاعر المحبة المتأصلة في نفوس المواطنين في أسوان وكانت بدايتهم من كنيسة الأقباط الكاثوليك ومنها إلي مسجد الطابية الشهير بأسوان وعند الحديث مع راعي الكنيسة أكد لهم ضرورة تحرك الشباب بفاعلية في المجتمع ليكون قوة فعالة تؤثر فيه وتتأثر به, مؤكدا خلو أسوان من أي مظاهر للتعصب أو التوتر الديني الذي قد يخلف عنفا طائفيا.
وعندما ذهبوا إلي مسجد الطابية قال قهم إمام المسجد الإسلام لم يحث يوما علي العنف والتشد في مواجهة مختلفي الديانة.
وكانت النوبة آخر محطة للقطار وقابلهم الحاج برس أحد مشايخ الطرق الصوفية العديدة المنتشرة في النوبة, أكد لهم الحاج برس أن الدين لم نأخذ منه إلا مظهره وفرغناه من مضمونه فالدين لا يدعو بأي حال من الأحوال إلي ممارسة العنف تجاه أحد مهما كان أمره.
سأل الشباب عن الكنائس أو الأديرة في النوبة ومن المؤسف عدم وجود كليهما رغم أن المنطقة كانت تضم أكثر من 7 نجوع.
وهكذا كان قطار التسامح يجول مصر لبث التسامح في نفوس المصريين ويحثهم علي ذلك من خلال الحوار, تحدثوا مع المواطنين علي المقهي وفي الشواع والطرقات, ليصلوا إلي قلوب الناس, كم نحتاج إلي مزيد من هذه الرحلات التي تستهدف علاج لأكبر مشكلة وتحد يواجهه الشعب المصري بعد الثورة إنه التصدي الجاد للفتنة الطائفية والتعصب بث المحبة والتسامح لتحقيق مجتمع المتواطنة الحقيقية.