جاءت دورة الألعاب الأوليمبية التي أقيمت في العاصمة الصينية بيجنج خلال شهر أغسطس الماضي مختلفة من جميع النواحي, وشهدت العديد من الإنجازات التاريخية, حيث سطر عدد من النجوم والنجمات أسماءهم في موسوعة التاريخ الأوليمبي, ويأتي في مقدمة هؤلاء نجم السباحة الأمريكي مايكل فيلبس الذي حقق إنجازا أسطوريا كونه أصبح أول رياضي يفوز بثماني ميداليات ذهبية في دورة أوليمبية واحدة بعدما حقق الفوز في سباقات 100م و200 م فراشة و200م حرة و200م و400م متنوع في الفردي, بالإضافة إلي سباقات تتابع 4*100 م حرة و4*100 متنوع و4*200 م حرة. ليحطم رقم مواطنه السباح مارك سبيتز الذي فاز بسبع ذهبيات في أوليمبياد ميونيخ .1972 كما رفع فيلبس رصيده إلي 14 ميدالية ذهبية في الأوليمبياد ليصبح الرياضي الأول في حصاد الميداليات الذهبية خلال التاريخ الأوليمبي بأكمله.
من النجوم الذين تألقوا أيضا في الدورة الأوليمبية الماضية العداء الجامايكي يوساين بولت الذي حقق ثلاث ميداليات ذهبية وثلاثة أرقام قياسية جديدة في سباقات السرعة بألعاب القوي 100م و200م وتتابع 4*100 عدو, وسجل بولت رقما قدره 9.69 ث في سباق 100م ليصبح أسرع رجل في العالم وأول من يكسر حاجز الـ9.70 في هذا السباق الرهيب, كما حقق بولت رقما بلغ 19.30 ث في سباق 200م ليكسر رقم الأمريكي الشهير مايكل جونسون البالغ 19.32 ث والذي سجله في أوليمبياد أتلانتا عام .1996 وفي سباق التتابع سجل بولت مع زملائه في الفريق الجامايكي رقما قدره 37.10 ث.
أوليمبياد بيجنج شهدت أيضا تغيرا كبيرا في موازين القوي الرياضية التي عهدناها خلال العقود الماضية, وبقراءة سريعة لجدول الميداليات يتضح تراجع العديد من الدول التي كانت تعتلي المراكز الأولي في الدورات الأوليمبية الماضية, وتقدم دول أخري حلت مكانها في الترتيب العام… فالصين -الدولة المنظمة- استطاعت الفوز بالدورة الأوليمبية لأول مرة في التاريخ محققة 51 ميدالية ذهبية و21 فضية و28 برونزية, لتتفوق بفارق ضخم من الميداليات الذهبية (15 ميدالية) عن الولايات المتحدة التي احتلت المركز الثاني برصيد 36 ميدالية ذهبية و38 فضية و36 برونزية, لتتراجع بذلك عن القمة للمرة الأولي منذ دورة برشلونة عام .1992 بينما جاءت روسيا في المركز الثالث بـ23 ذهبية و21 فضية و28 برونزية.
واعتمدت الصين في تفوقها هذه المرة علي عدد من اللعبات أبرزها الجمباز الفني الذي حصد فيه المارد الصيني 9 ذهبيات من بين 12 ميدالية ذهبية حفلت بهما منافسات اللعبة, بالإضافة إلي ذهبيتين إضافيتين في الترامبولين, ليحصد بذلك نجوم ونجمات الصين 11 ميدالية ذهبية في كافة مسابقات الجمباز ##الفني, الإيقاعي, الترامبولين##, وفي رفع الأثقال واصل الصينيون والصينيات السيطرة ليفوزوا بـ 8 ذهبيات من إجمالي 15 ميدالية ذهبية, كما هيمنت الصين كعادتها علي لعبة الغطس وفازت بـ7 ميداليات ذهبية من بين 8 ذهبيات, لتحقق الصين في اللعبات الثلاثة السابقة 26 ميدالية ذهبية -أكثر من نصف إجمالي الميداليات الذهبية الذي حققته في الدورة- فيما تراجعت الولايات المتحدة إلي المركز الثاني رغم أنها حققت نفس عدد الميداليات الذهبية الذي فازت بها في دورة أثينا 2004, لكن التفوق الصيني الواضح حال دون تصدرهم للمنافسات, وبصفة عامة تفوقت أمريكا في منافسات السباحة وحصدت 12 ميدالية ذهبية, منها 8 ذهبيات للنجم الأسطوري مايكل فيلبس, وكذلك في ألعاب القوي حيث حصدت 7 ذهبيات.
وكانت بريطانيا أبرز الدول الصاعدة حيث حققت أفضل رصيد لها من الميداليات منذ 100 عام, وقت أن استضافت لندن أوليمبياد عام 1908, وذلك بعدما حصدت 19 ميدالية ذهبية و13 فضية و15 برونزية وضعتها في المركز الرابع لترتيب جدول الميداليات وتألق نجوم ونجمات بريطانيا في منافسات الدراجات حيث فازوا بـ 7 ذهبيات, منها 3 ذهبيات للنجم كريس هوي, كما استطاعت السباحة ريبيكا أدلينجتون -19 عاما- أن تحرز أول ميدالية ذهبية لبريطانيا في منافسات السباحة منذ 48 عاما بفوزها بذهبية 400م حرة ثم تبعتها ذهبية أخري في 800م حرة.
أما الدول التي تراجعت فأبرزها أستراليا التي احتلت المركز السادس, كما تراجعت فرنسا للمركز العاشر بعد أن كانت في المركز السابع بالدورة الماضية, وكان الإنهيار المدوي من نصيب كوبا التي احتلت المركز الـ28 برصيد ذهبيتين فقط فيما كانت تحتل المركز الـ11 في أثينا بـ9 ذهبيات, ويرجع ذلك إلي تراجع الكوبيين في الملاكمة وفشلهم في الفوز بأية ميدالية ذهبية بها رغم كونهم الأبطال الدائمين لهذه اللعبة.