كالسرطان الذي أنهك الجسد…هكذا استشري حجم الفساد داخل المجتمع لسنوات طويلة مضت ظننا فيها أن الوطن قد مات وهو مازال حيا بعد بفضل قيام الثورة التي ساهمت في إسقاط النظام وحل كيانات رموز الفساد والتي جاء في صدارتها حل الحزب الوطني كرفض مجتمعي لوجوده باعتباره الكيان الأول الذي أفسد الحياة السياسية بمصر ليأتي يوم تدعو فيه لجنة القوات المسلحة والهيئات الاستشارية والرقابية بمؤتمر الوفاق القومي للمطالبة بحرمان أعضاء الحزب الوطني المنحل من العمل السياسي لمدة خمسة أعوام, وحرمان من شاركوا في تزوير الانتخابات من الاشتغال بالعمل السياسي مدة عشرة أعوام علي أن يحرم رموز وقيادات أمانة السياسات من ممارسة السياسة والمشاركة في العمل العام مدي الحياة ليصبح وكأنه صفحة طواها الزمان.
حول مشروعية الدعوة بالحرمان السياسي من عدمها كان هذا التحقيق…
العقاب الجماعي…ظلم
تقول ابتسام حبيب- عضوة مجلس الشعب سابقا- بالطبع الدعوة بالحرمان من الأساس أمر مجحف للغاية أن يربط الحابل بالنابل فمن الظلم إقصاء شريحة كبيرة من المجتمع من المشاركة في العمل السياسي في ظل المطالبات بالحريات والديموقراطية ليوصم كافة الأعضاء والذي وصل عددهم أكثر من 3ملايين بكونهم جميعهم مفسدين فهذا أمر غير معقول علي الإطلاق ويسئ للغالبية الشرفاء الذين ينتمون للحزب المنحل فأي ديموقراطية نادت بها الثورة لنصطدم بواقع مرير يجرمنا علي ما اقترفه غيرنا ليتم العقاب الجماعي دون وجه حق, ولاخلاف أن الأوضاع كانت تشوبها الشبهات من قبل البعض الأمر الذي يستوجب معه محاسبة المفسدين وهو مايتم حاليا بالمساءلة القانونية معهم.
وفي اعتقادي أنه الطريق الصحيح ليأخذ كل من أخطأ وفي حق المجتمع عقابه المناسب وليس كما تدعو إليه اللجنة بمؤتمر الوفاق القومي بالحرمان حتي تتحقق العدالة الاجتماعية الحقيقية في بلد نتنسم فيه روح الديموقراطية.
القانون المصري قاصر
يذكر سعيد عبد الحافظ- رئيس ملتقي الحوار لحقوق الإنسان بقوله رغم كون الدعوة مطلبا شعبيا باعتبار أن هؤلاء الرموز ساهموا بشكل أو بآخر في إفساد الحياة السياسية وانهيار الحياة الديموقراطية بمصر إلا أنها دعوة منقوصة لأن القانون المصري للأسف الشديد لايعرف جرائم الفساد السياسي سواء من حيث تعريفها أو تحديد أنواعها أو فرض عقوبات علي من يثبت أنه أفسد الحياة السياسية فإذا كانت هذه الدعوة مقبولة فهي تحتاج لصدور وصياغة قرار بقانون من قبل المجلس العسكري لتحديدها علي أن يتضمن قرار القانون عقوبة تمثل العزل السياسي أو الحرمان من ممارسة العمل السياسي طوال فترة معينة يحددها القانون.
هذا الأمر لم يكن حديثا علي مجتمعنا فمصر لها سابقة في حالة مشابهة لذلك عقب قيام ثورة يوليو 1952 حيث صدر مايعرف بالعزل السياسي ومن ثم أنشئت بعدها محكمة القيم والعين والتي ألغيت فيما بعد ويخطئ من يدعو لحرمان قيادات الوطني دون نص قانوني حتي لا يصبح انتهاكا لحقهم في إدارة الشأن العام الذي هو حق من حقوق الإنسان الذي تلتزم به مصر لإتاحة الفرصة أمامه لممارسة حق الانتخاب والترشح بحرية كاملة.
حكم بالإعدام
تتفق مع الرأي السابق فريدة النقاش-رئيسة تحرير جريدة الأهالي بقولها الدعوة مشروعة بعد قيام الثورة تجاه من أفسدوا الحياة السياسية وما يؤخذ عليها مسألة الحرمان مدي الحياة لتصبح بمثابة الحكم بالإعدام لذا أطالب بفكرة العقاب لمدة محددة تتراوح ما بين خمس أو عشر سنوات يمنع فيها من الترشيح لانتخابات أو تعيين في وظائف حساسة وغيرها علي أن يلغي الحظر بانتهاء المدة المقررة لمعاودة ممارسة الحقوق السياسية من جديد بشكل طبيعي خاصة أنه من المتوقع أن تصبح فترة لتهيئة رموز الحزب المنحل لإعادة حساباته من جديد ليدخل للحياة السياسية بشكل آخر بخلاف ما كان ينتهج من قبل لتطهير المجتمع من الفساد, فما نأمله قيام مصر جديدة.
مشروع قانون
اعتبر حافظ أبو سعدة -رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن الأمر غير مشروع علي المستوي القانوني بأن يتم العقاب مدي الحياة ونحن في المجلس القومي لحقوق الإنسان بلجنة التشريعات نعد قانونا للانتخابات نقر فيه ونطالب أن أي نائب صدر في دائرته حكم بالتزوير أو أي مخالفات يحرم من المشاركة السياسية مرة أخري, وحتي لاتطلق الدعوة علي غاربها ويتم الانتقام الأعمي لمن ينتمون للحزب المنحل لابد من وجود حكم قضائي سواء من محكمة النقض أو المحكمة الدستورية العليا يوضح الجرم نفسه حتي لا يعزل أحد عن المشاركة السياسية دون ذنب خاصة أنه يعد أمرا ضد حقوق الإنسان.