يبدو أن احتجاز القانون الموحد لدور العبادة داخل أدراج مجلس الشعب منذ خمس سنوات دون وضع نهاية له بات يمثل إشكالية خطيرة تهدد أمن وسلامة المجتمع في إطار التهديدات والحوادث الطائفية بحيث أصبح لا يمر أسبوع دون أن تنشب خلافات وأعمال عنف بسبب حق الأقباط في ممارسة شعائرهم الدينية ودور المتعصبين في إشعال الفتنة ووضع العراقيل الأمنية التي تحول دون ممارسة الأقباط لشعائرهم بصورة طبيعية كما نص عليه الدستور المصري,وهذا ما دفع لانقلاب الأوضاع موخرا في عزبتي بشري الشرقية وجرجس التابعين لمركز الفشن ببني سويف بسبب اعتراض المسلمين علي صلاة الأقباط في مبني مخصص كدور عبادة لهم.. وها هي نفس الأحداث تلقي بظلالها بمنطقة بني مزار بالمنيا عقب اشتعال النيران في كنيسة صغيرة بعزبة باسيليوس التابعة لقرية أشروبة وانهيارها تماما وتبادل الاتهامات بين المسلمين والأقباط بحرقها علما بأن الكنيسة الكائنة داخل جمعية قبطية قام بتدشينها نيافة الأنبا أثناسيوس أسقف بني مزار والبهنسا في عام 2009 وتم إغلاقها من قبل الجهات الأمنية لدواعي أمنية واتهم الأمن شخصا مسيحيا بحرق الكنيسة للضغط علي الأمن لإعادة فتحها وتوسيعها واعتبر الأقباط هذا الاتهام الباطل إعادة لمسلسل لعبة التوازنات الأمنية.
وطني انتقلت إلي مركز الأحداث لاستطلاع الحقيقة بدون رتوش..
كنيسة من السبعينيات!
تتبع عزبة باسيليوس قرية أشروبة إداريا ودير السنقورية كنسيا ويبلغ عدد سكانها أربعة آلاف نسمة يمثل الأقباط منها 30% وكانت القرية من أملاك إحدي العائلات القبطية فتبرع عميد العائلة وجدي حبيب دوس بجزء من أرضه لبعض مسلمي العزبة وبأرض لمسجد القرية الرئيسي وأيضا سعي الأقباط لبناء مبني في سبعينيات القرن الماضي لممارسة الشعائر الدينية,ولكن الأجهزة الأمنية قامت بوقفه وظل المبني المهجور قائما حتي الآن دون استغلاله حتي شرع الأقباط في بناء مبني آخر مجاور له بعد أن تبرع به أحد الأقباط وتم تشييده بعلم الأجهزة الزمنية حتي وصل خطاب رسمي من اللواء حسن حميدة محافظ المنيا الأسبق إلي رئيس الوحدة المحلية لمركز بني مزار في عام 2001 بالإشراف علي طلب أقباط العزبة وحقهم في تشييد وترميم دور العبادة بعد تقدم الكنيسة بطلب للسماح بإقامة الصلوات بشكل رسمي بمبني تم تشييده من طابق واحد لا تزيد مساحته علي 150 مترا وتملك الكنيسة عقد بيع رسميا لقطعة الأرض المقامة عليها الكنيسة التي سميت باسم الشهيد أبسخيرون القليني.
حرق الكنيسة
في يوم السبت قبل الماضي تعرضت الكنيسة للحرق والانهيار واتهم الأقباط ثلاثة مسلمين بحرقها بعد اقتحام منزل سيدة قبطية تدعي فلة رمزي أسعد ملاصق للكنيسة ويطل علي باب خلفي لمبني الكنيسة وهروبهم في حين اتهمت تحريات الشرطة قبطيا بحرقها كنوع من الضغط لفتح الكنيسة من جديد بعد توسعها!
وطني التقت السيدة فلة رمزي أسعد صاحبة المنزل الملاصق للكنيسة قالت: يوم السبت الساعة 11صباحا كنت بالمنزل ومعي حماتي زوزو (80عاما) حيث إن زوجي خارج المنيا مسافر للعمل وفجأة اقتحم ثلاثة رجال باب المنزل ودخل اثنان منهم وهما ربيع طه قطاوي (27سنة), وأحمد فولي حلمي (25سنة) وكانا يحملان جركنا في إيديهما وجهازا من الأسلاك وقاما بفتح باب الكنيسة الخلفي وصرخت في وجهيهما عندما قاما برش جاز علي أرضية الكنيسة وقمت بإغلاق الباب عليهما من الداخل ولكنهما قاما بفتح الباب الأمامي للكنيسة الذي يطل علي الشارع الرئيسي وهربا منه بعد أن اشتعلت النيران في المبني كله في ظل غياب الحراس عن المبني وبعد لحظات انهار سقف الكنيسة بعد حدوث صوت انفجار وفوجئنا أن الشرطة اتهتمت رضا جمال بحرق الكنيسة وهو لم يكن متواجدا وهو شخص طيب وتم اتهامه ظلما.
شيخ البلدة!!
أمام هاني رمزي أسعد 45 عاما يعمل فلاحا وشقيق السيدة فلة قال: كنت أجلس علي مصطبة العزبة في انتظار سيارة للذهاب لمدينة بني مزار وحدث أن الكهرباء والمياه انقطعتا عن القرية قبل الحادث بربع ساعة وسمعت صوت صراخ النساء فاسرعت وكان هناك زحام شديد من المسلمين حول الكنيسة التي كانت تحترق,وعندما حضر محمود محمد حسين شيخ البلده ومعه الغفر وأفراد الشرطة المكلفين بحراسة المبني وكانوا غير متواجدين,قال شيخ البلدة للأهالي إن رضا هو الفاعل فصرخت في وجهه وقلت له: حرام عليك معقول في حد يولع في بيته يا راجل وكان رضا غير متواجد بالمكان حيث كان بمنزل قبطي يدعي مجدي حلبي يصلح رسيفر الدش ولكن شيخ البلدة أحضر شخصا يدعي فتحي عبد الحميد للشهادة ضد رضا فضلا عن أفراد الحراسة الذين كانوا متغيبين عن خدمتهم ولم تصل سيارة الإطفاء سوي بعد ساعتين من الحادث في الوقت الذي تدخل فيه أفراد الأمن بمنع الأهالي من إطفاء الحريق وأشهروا سلاحهم في وجههم حتي انهار المبني تماما!.
تلفيق تهم!
أكد مجدي حلبي أحد أقباط العزبة شهود الأقباط قال: رضا جمال كان بمنزله -الذي يقع علي بعد 200متر من الكنيسة- أثناء وقوع الحادث, حيث كان يقوم بإصلاح رسيفير جهاز الدش وسمع صوت صراخ النساء فأسرع مع آخرين ووجدوا النيران تشتعل بالكنيسة فحاولوا إطفاءها علما بأن أفراد الحراسة لم يكونوا متواجدين في خدمتهم وحاول شيخ البلدة إلصاق التهمة برضا فكان رده عليه: حرام عليك عايزين تحرقوا الكنيسة وتتهموا الرجل إنه حرق كنيسته. وكان هناك جركن الجاز مشتعل خارج مبني الكنيسة. أضاف حلبي: الشرطة تسعي لتلفيق الاتهام بأبناء الكنيسة في حرقها فلماذا يحرقها أبناؤها وهم في أشد الفرحة ببنائها وكيف يشهد غفر وحراسة المكان أن رضا جمال هو الفاعل رغم عدم تواجدهم في خدمتهم وإلا لماذا لم يمنعوه من حرقها إن كان رضا الفاعل رغم إنه كان بمنزله؟!.
الكنيسة كانت ستفتتح بعد أيام
شنودة جيد ذكي أحد سكان العزبة قال: كيف يتم الاستناد لشهادة الحراس غير المتواجدين وقت الحادث, وكيف يحرق شخص مسيحي كنيسته وهي من المقدسات التي تمثل قيمة مسيحية عظيمة,أما رضا جمال فقد تم الدفع به ككبش فداء لتغطية الحادث الذي ارتكبه جناة معروفون وتم مشاهدتهم من العديد من سكان العزبة ولا يوجد أي عقل يستطيع تصديق رؤية الشرطة لأن الكنيسة كانت ستفتتح خلال أيام فلماذا يتم حرقها بعد أن تم بناؤها بصعوبة من خلال جهود أبناء العزبة البسطاء.
وأضاف شنودة: شيخ البلدة لم يجد أمامه أقرب من رضا لاتهامه نظرا لطيبته الشديدة حيث إنه مزارع ولديه ثلاثة أطفال وتعيش معه والدته وليس له أقارب فكان الدفع به الأسهل للضغط علي الكنيسة ومساومتها حتي لا يتم فتح المبني وعادة تكون الكنيسة ضعيفة أمام أبنائها في حالة دفعهم تحت سيف الأمن وليس معقولا حسب رؤية الشهود المسلمين أن يقوم رضا بحرق الكنيسة في وقت الظهيرة ويخرج أمام العامة حاملا جركن الاشتعال في يده ويقف ليراه الجميع أنه الفاعل ولمصلحة من التستر علي الجناة المعروفين لدي الأمن أم أنه تكرار لمسرحية المقاول في أحداث أبو فانا؟!.
استخفاف بالعقول!
أكد القمص بسادة السرياني وكيل مطرانية بني مزار والبهنسا: ما قدمته تحريات الشرطة من اتهامات لرضا جمال هو استخفاف بالعقول ولا يعقل تصديقه, حيث إن الكنيسة مصرح بها, وتم تدشينها بيد نيافة الأنبا أثناسيوس في 7 مارس 2009 وبعلم الجهات الأمنية التي قامت بغلق الكنيسة عقب الصلاة فيها مباشرة بحجة دواعي أمنية. وأضاف كيف يقوم ابن الكنيسة بحرق بيته علما بأن إعادة فتحها كان مقررا له خلال أيام عقب عودة الأنبا أثناسيوس من زيارة لأمريكا, وهل هذا يعني أن المطرانية شريكة في الحرق علي اعتبار أن رضا المزارع البسيط لا يمكنه القيام بهذا العمل من تلقاء نفسه أضاف: لن نرضخ للرؤيات الأمنية وسنطالب بإعادة فتح الكنيسة ولن نسمح أن يكون هذا الحادث ذريعة أمنية لإغلاق الكنيسة التي تخدم أكثر من أربع قري ونحن في انتظار عودة نيافة الأنبا أثناسيوس لاتخاذ القرار اللازم في هذا الأمر ومساندة ابن الكنيسة رضا جمال للإفراج عنه ومعاقبة الجناة الحقيقيين.
مساومات..
القمص فيلبس إبراهيم كاهن الكنيسة والذي تقدم باسمه بالأوراق الرسمية للحصول علي تراخيص الصلاة وجاءه الرد من قبل المحافظ الأسبق صرح لـوطني: الكنيسة تم الحصول علي تصريح رسمي بالصلاة فيها في عهد اللواء حسن حميدة وقبل هذه الفترة كانت جمعية مسيحية باسم جمعية شمامسة الكنيسة القبطية التابعة لدير السنقورية والمعالجات الأمنية أصبحت واحدة ممثلة في القيام بالقبض علي الجاني والمجني عليه ووضعهما علي أرضية واحدة لطمس العدالة والاستناد إلي الجلسات العرفية من خلال أشخاص مأجورين يكون الضحية فيها دائما هو القبطي الطرف الضعيف في الوقت الذي لا تحل فيها جذور المشكلة وتدخل لعبة المساومات والضغط علي الكنيسة رغم علم الجهات الأمنية بالجناة الحقيقيين لأنه لا شئ يخفي عليهم خاصة بالقري والعزب.
أضاف القمص فيلبس: نتيجة هذه المعالجات أصبح باب المشكلات والاحتقانات مفتوحا علي مصراعيه ومن هذه المعالجات إطلاق تصريحات أن الكنيسة مهجورة رغم أنها مدشنة منذ أربعة شهور وهناك حراسة أمنية رسمية عليها وإن كان الحراس شاهدوا رضا يقوم بحرق الكنيسة فلماذا لم يتم منعه وهو عملهم المكلف لهم!.
أشار القمص فيلبس: لدينا تصريح بالصلاة من عام 1976 جدد مرتين آخرهما منذ 4 شهور.
مسرحية وإخراج!!
أكد عادل شحاتة وأسامة زاهر عضوا هيئة الدفاع عن المطرانية: الأمن قام بدور المخرج في هذا الحادث بتغيير الأدوار مع الاحتفاظ بحقيقة الحادث, حيث قام كل من أحمد علي حسن ومحمد عشماوي المعينان لحراسة الكنيسة بإدلاء شهادات زائفة بأنهما شاهدا رضا جمال زكي خارجا من الكنيسة يحمل جركنا تشتعل به النيران وأن المسلمين حاولوا إطفاء النيران إلا أن المسيحيين قاموا بمنعهم من علميات الإطفاء وتم إحضار شخص يدعي فتحي عبدالحميد لتأكيد رؤية الغفر وجاءت الصاعقة من خلال تحريات الشرطة التي أكدت نفس السيناريو في المحضر الذي حمل رقم 5840 لسنة 2009 علي اعتبار أن الأقباط قاموا بذلك للضغط علي الأمن لفتح الكنيسة حسب المحاضر الرسمية وأنه اتفق مع فلة رمزي للدخول من منزلها لتنفيذ هذا وتحولت فلة رمزي من ضحية شاهدة إلي متهمة!
هل يعقل؟!
تساءل شحاتة: هل يعقل أن يقف رضا أمام الجميع حتي يشاهده الجميع وهو يحرق ويمسك بدليل الإدانة في يده؟ وهل يعقل أن يقوم الأقباط بمنع المسلمين من المشاركة في إطفاء الكنيسة.
وأشار شحاتة: النيابة أخلت سبيل المتهمين إلا أن الشرطة مازالت متحفظة عليهم داخل قسم شرطة بني مزار واستمعت النيابة لشهادة شهود أقباط العزبة بعد التقدم بمذكرة رسمية للنائب العام لطلب استماع شهادتهم حيث استمعت النيابة لمسلمي القرية وأفراد الأمن فقط.
وقال الدكتور إيهاب رمزي عضو هيئة الدفاع عن مطرانية بني مزار: في هذا الوقت يمارس الأمن مسرحيته بتصوير هذا العمل الإجرامي علي أنه من أبناء الكنيسة رغم أن والد رضا المتهم هو من بذل مجهودا كبيرا في المشاركة ببناء هذه الكنيسة التي طال انتظارها حتي تم تدشينها من قبل الأنبا أثناسيوس.. ونحن نحتاج إلي عقول خاصة لقبول هذا المنطق الغريب لتصديق الطرائف الأمنية.
وتباشر النيابة التحقيق تحت إشراف محمد زغلول رئيس النيابة العامة بمركز بني مزار حيث التقت وطني أحمد شريف وكيل النائب العام حيث صرح أن القضية تقع تحت رقم 5840 لسنة 2009 إداري بني مزار وحسب تحريات الشرطة التي جاءت تتهم رضا جمال ذكي بحرق المبني للضغط علي الأمن بفتحه ولم ترد أي معلومات بشأن المتهمين المسلمين وحتي الآن مازالت النيابة تباشر التحقيق واستماع رؤية الشهود ولم يرد حتي مثول الجريدة للطبع تقرير المعمل الجنائي.