جمعة لم الشمل فرقت الشمل، وغابت مصر عنها وتغير منظر التحرير ولم يتسع ميدان التحرير، لقوى سياسية ترفع فيه مطالب توافقية، بعدما اتسعت الهوة بين هذه القوى لدرجة أن جمعة «لم الشمل» أو «وحدة الصف» أنتهت بمزيد من الاستقطاب بين القوى الإسلامية والليبرالية. وفشلت كل المساعى التى بذلت فى الأيام الماضية للخروج بالتظاهرات على نحو توافقى
وسيطر الإسلاميون على ميدان التحرير، كما سيطروا فى مدن أخرى خصوصاً الإسكندرية، وحشدوا مئات الألاف من المتظاهرين فى مختلف ميادين مصر للتعبير عن رفضهم «المبادئ فوق الدستورية»، مرددين شعارات إسلامية، ما دفع الليبراليون إلى الإنسحاب من التظاهرات والإكتفاء بالإعتصام فى الميدان بعد مغادرة الإسلاميين له.
وكانت جمعة وحدة الصف «يوم الإسلاميين بإمتياز»، إذ أحكموا سيطرتهم على الميدان، وفرضوا إرادتهم على المعتصمين فيه وإمتلأ الميدان بمئات الألاف من المتظاهرين، غالبية كاسحة منهم من أصحاب اللحى الذين رفعوا شعارات تطالب بتطبيق الشريعة والدولة الإسلامية. وتبدل حال الميدان فاستبدلت الشعارات والهتافات التى كانت تحمل إنتقادات للمجلس العسكرى الذى يدير شؤون البلاد منذ تنحى الرئيس حسنى مبارك فى 11 فبراير الماضى بهتافات وشعارات تؤكد إحترام المجلس واختياراته وكانت الشعارت ” دقن .. جلابية .. العسكر مية مية.. يا مشير يا مشير.. من النهارده أنت الأمير ” وهذا ما أثار الاستغراب..!
ورفعت شعارات «الدولة الإسلامية» في مواجهة دعاة «الدولة المدنية»، ونال العلمانيون قدراً كبيراً من الهجوم من على منصات ميدان التحرير. ورفعت المصاحف واللافتات والأعلام الغريبة عن مصر مثل علم السعودية وعلم إيران وجاءت الشعارات التى تؤكد رفض المبادئ فوق الدستورية «فلا شىء فوق الدستور إلا كتاب الله». وظلت منصات الميدان على مدار اليوم الغريب الذى تشعر فيه وكأنك فى أفغانستان أو الحرم المكى تردد شعارات:
«إسلامية إسلامية… مصر حتفضل إسلامية» و ” الشعب يريد تطبيق الشريعة “
” إسلامية إسلامية.. رغم أنف العلمانية “و ” لا إله إلا الله .. العلمانى عدو الله!”
و ” إسلامية إسلامية.. لا علمانية ولا ليبرالية.. الله أكبر ولله الحمد.. اللهم أهدى العلمانيين وأرزقنا حاكم عادل.”
وكانت قوة الحشد فرصة للمطالبة بالإفراج عن بعض معتقلى التيار الإسلامى، مثل عادل الجزار ومحمد الظواهرى وعودة الداعية الإسلامى وجدى غنيم ومطالبة الولايات المتحدة بتسليم «أمير الجماعة الإسلامية» الشيخ عمر عبد الرحمن، فضلًاً عن الدعاية للمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية حازم أبو إسماعيل المدعوم من التيار السلفى
وأثارت هتافات الإسلاميين حفيظة بعض الإئتلافات الشبابية والقوى الليبرالية التى لم تجد بداً من الإنسحاب من الميدان
فقرر نحو 23 حزباً وإئتلافاً شبابياً الإنسحاب من مليونية «وحدة الصف والإرداة الشعبية» مع الاستمرار فى الإعتصام فى ميدان التحرير. واستنكرت هذه الحركات في بيان «نقض بعض القوى الإسلامية ما تم الإتفاق عليه من عدم استخدام شعارات دينية في التظاهرات». وقال البيان إنه «فى الوقت الذى ألتزمت فيه كل القوى السياسية المدنية والمجموعات الثورية والإئتلافات الشبابية المختلفة بالإتفاق الذى تم عقده مع القوى والتيارات الإسلامية فوجئ المعتصمون فى الميدان بإنتهاك صارخ لكل الإتفاقات من جانب بعض القوى الإسلامية وذلك من خلال ترديد هتافات وتعليق لافتات وتوزيع بيانات تستهدف النقاط الخلافية». وأضاف البيان: «قررت القوى والمجموعات الموقعة على البيان عدم استكمال المشاركة في فعاليات المليونية مع تأكيدها على استمرار الإعتصام السلمى فى الميدان»
وجاءت هذه الجمعة لتغير شكل ميدان التحرير وتكون أقل مليونية رفع فيها علم مصر والأقل من حيث مشاركة المرأة.
==
س.س
1 – أغسطس 2011