أطلقوا عليها جمعة الرحيل بحثنا في المسمي ومن أطقله فوجدنا أنه أطلق من المؤيدين والمعارضين حيث أطلق المعارضون عليها جمعة رحيل النظام في حين أطلق عليها المؤيدون للرئيس مبارك جمعة رحيل الغضب والدم إشارة إلي فك الاعتصام وعودة الاستقرار.. ولكن الطرفين لم ينجحا في تحقيق أمنيتهما وبقي الوضع كما هو.. عليه فالمعتصمون بميدان التحرير وبعض المحافظات مازالوا يتمسكون بمطالبهم برحيل النظام الحاكم.
وطني تابعت لحظة بلحظة جمعة الرحيل بعدما شهده ميدان التحرير علي مدار يومي الأربعاء والخميس من أعمال عنف واشتباكات بين المؤيدين والمعارضين للرئيس مبارك التي أسفرت عن إصابة ما يزيد علي 1000 شخص نتيجة القذف المتبادل بالحجارة ومقتل 10 أشخاص.
شهد ميدان التحرير مظاهرة كبيرة بالقاهرة ومعها مناطق متفرقة بالإسكندرية للمطالبة برحيل النظام وفي الوقت نفسه انطلقت مظاهرات بشارع جامعة الدول العربية بالمهندسين تأييدا للرئيس مبارك حيث هتفت الجموع بتحية مبارك علي خطواته الإيجابية في الإصلاح التي بدأت بتغيير الحكومة وتشكيل حكومة جديدة والتأكيد علي عدم نيته في الترشيح لفترة رئاسية أخري والمطالبة بإجراء تعديلات دستورية للمادتين 76 و77 والتأكيد علي وضع أولويات المواطنين موضع الاهتمام, وحملت المظاهرات المؤيدة شعارات تطالب بوقف التخريب بالوطن ومنها اللي يحب مصر ميخربش مصر وشعارات أخري تؤكد علي أهمية وجود الدور الأمني في حماية المواطنين.
وفي ذات التوقيت انطلقت مظاهرات تأييد للرئيس مبارك بمنطقة وسط البلد وبالتحديد بشارع طلعت حرب حيث اقترب المؤيدون الي منطقة المعتصمين وتبادل الطرفان التراشق بالألفاظ ما بين لافتات وشعارات تؤيد الرئيس مبارك نعم لمبارك وأخري بالجانب المعارض تحمل لافتات لا لمبارك وتطورت الأوضاع بعد مشادات كلامية وهتافات ساخنة بين الطرفين إلي أعمال عنف متبادل بالتراشق والقذف بالحجارة داخل ميدان طلعت حرب واستمرت لما يزيد علي الثلاث ساعات يقذف كلا الجانبين بعضهم بالحجارة ويسعيان إلي كسب مساحة من الأرض. وقام المعارضون بقذف المؤيدين حتي وصلوا إلي تقاطع طلعت حرب مع شارع عبدالخالق ثروت.. ثم يعود المؤيدون بالرد حتي يتراجع المعارضون إلي ميدان طلعت حرب وما بين الاثنين يقف أصحاب المحال والعقارات علي الشوارع الجانبية لشارع طلعت حرب يغلقونها ويمنعون أيا من الطرفين الدخول فيها وهم يمسكون بالأسلحة البيضاء والسيوف للتصدي للجانبين.. وقام حراسة أمن مول طلعت حرب باستخدام خراطيم مياه الإطفاء وفتحها علي الجانبين أثناء اشتباكهما حتي يتم تفريقهما, وأسفرت الاشتباكات عن وقوع أكثر من 100 مصاب بين الطرفين.
تزامن مع هذه الأعمال هتافات داخل ميدان التحرير من الآلاف تطالب برحيل النظام ومنها الشعب يريد إسقاط النظام وحمل البعض الآخر لافتات طريفة ضد النظام وتم تعليق لافتات ضخمة وكبيرة علي مباني ميدان التحرير تحمل مطالب المعتصمين وهي كما تم رصدها التنحي الفوري للرئيس مبارك, ومحاكمة حبيب العادلي, وتشكيل حكومة انتقالية وطنية مؤقتة, وحل مجلسي الشعب والشوري, وإنشاء جمعية وطنية لتغير الدستور, إجراء انتخابات نزيهة لاختيار رئيس جديد بناء علي رغبة الشعب, قام المعتصمون بوضع مكبرات الصوت وسماعات ضخمة بالميدان لتلقي المعلومات وإذاعة الأغاني الوطنية والنشيد الوطني لإثارة حماسة الشباب وإذاعة مواقيت الصلاة.
في الوقت نفسه قام فريق التنظيم بتوزيع المهام وواصلت اللجنة الطبية من الشباب عملها في إسعاف المصابين من خلال مقرات علاجية علي أرصفة الميدان ووحدة طبية بأحد المساجد المجاورة لميدان التحرير وقام آخرون بتوزيع الأطعمة والمياه.
وحول الجدل الثائر في الإعلام بشأن المعتصمين وإصرارهم رغم تلبية الرئيس مبارك لأغلبية المطالب, وما نشر عن انسحاب شباب 25 يناير, رصدنا ما يلي:
قال محمد بدير 40 عاما أحد المعتصمين: أنا حزين لمرور يوم الجمعة دون تحقيق المطالب برحيل النظام الذي وصفه بالعنيد ونحن كنا نطالب بحقوقنا كمواطنين مسالمين ونعتصم خلال الأيام الماضية دون القيام بأي أعمال عنف حتي جاء المؤيدون للنظام ومنهم مجموعات من البلطجية وقاموا بقذفنا بالطوب وحاولوا اقتحام مقر المعتصمين بالميدان فقمنا بالرد عليهم وهذه خطة من النظام لفض الاعتصام.
أشار بدير بقوله: نحن لا نثق في وعود الحكومة أو النظام لأننا كثيرا ما سمعنا هذه الوعود دون تنفيذ, وتساءل أين الحكومة خلال سنوات طويلة, فلم تستجب لمطالب الجمهور أو نداءات الشعب الذي عاني من الفقر والبطالة والقمع الأمني.
ورفض محمد فؤاد احد المعتصمين ما يبثه الإعلام الحكومي من أخبار مغلوطة حول أن المعتصمين بالتحرير يتساءلون عن الفوضي التي حدثت بميدان التحرير مشيرا إلي أن التليفزيون الحكومي يقدم الأكاذيب منذ سنوات طويلة ولا يبث الحقائق حتي أن المواطن المصري يلجأ إلي القنوات الفضائية للوصول للحقائق وأن ما حدث بالتحرير هو مخطط أمني وبعض نواب الوطني ويدل علي ذلك القبض علي بعض العناصر الأمنية وتسليمهم للجيش.
أضاف: المعتصمون سوف يظلون في اعتصام مفتوح حتي تتحقق مطالبهم برحيل النظام وتغيير الدستور, وانتقد الوعود الحكومية وتساءل: أين كانت هذه الوعود خلال 30 عاما وهل ذات مرة تم الاستجابة لمطالب الشعب؟ وماذا عن القمع الأمني والتعذيب طوال السنوات الماضية والحكومة لم تتخذ موقفا واضحا لحماية كرامة المواطنين, فالشعب المصري يريد التغيير كاملا وأنه إذا لم يحدث التغيير الآن لن يتغير شيء بعد ذلك وسوف يذهب النظام لتصفية الحسابات مع المعتصمين.
نفي حازم عبدالحميد – أحد شباب 25 يناير ما نشره التليفزيون المصري عن انسحاب شباب 25 يناير عقب خطاب الرئيس مؤكدا أن الشباب الذي شارك في 25 يناير مازال معتصما بميدان التحرير مؤكدا أنهم شباب مسالم لم يتجهوا للعنف إلا بعد مهاجمتهم من قبل بلطجية الحزب الوطني الذين كانوا يستخدمون الخيول والجمال والسيوف والأسلحة البيضاء لقمع المعتصمين وإلقاء كرات من النيران عليهم.
وأضاف عبدالحميد: محاولة نسب الثورة أو الاعتصام بالميدان إلي الإخوان المسلمين غير صحيح حيث إن شباب 25 يناير تشاركه قوي سياسية وحقوقية هم من يواصلون الاعتصام وأن الإخوان مجرد مشاركين مثل الآخرين ولا يستطيع أي حزب سياسي أو تيار ديني أن ينسب له هذه الثورة الشعبية النابعة من شباب ومواطنين لا ينتمون للأحزاب السياسية.
ورفض عبدالحميد محاولة زج الأجندة الخارجية بهذا الاعتصام أو القبض علي أجانب بالتحرير مشيرا إلي أن الصحفيين الأجانب يمارسون عملهم مثل الآخرين وأنهم لا يطبقون أي أجندة سوي مطالبهم الشعبية وأن ما يروج عن تمويل للمعتصمين أكذوبة لأن التمويل أو الأطعمة هو نوع من التطوع المتبادل بين المعتصمين حيث يشارك كل شخص بتقديم شيء, كما أن هناك لجنة إعاشة تجمع تبرعات من المعتصمين لشراء الاحتياجات الخاصة بالاعتصام وأن المؤيدين حاولوا قطع الأطعمة والأدوية عنهم من خلال محاصرتهم لإجبارهم علي فض الاعتصام ولكنهم مستمرون حتي تتحقق مطالبهم.
هناك حالة من فقدان الثقة بالنظام, هذا ما أكده حسين الأحمدي أحد المشاركين مع شباب 25 يناير الذي ربط استمرار اعتصامهم رغم استجابة الرئيس لمعظم المطالب بأنه لا توجد ثقة في النظام في تحقيق هذه المطالب وأن ما يتم مجرد مسكنات لفض الاعتصام حتي يتم السيطرة علي المعتصمين ويتم القبض عليهم بعد ذلك, مشيرا إلي أن التجارب والخبرات السابقة مع النظام لا تدفع إلي وجود أي ثقة, وهو ما أدي لاستمرار المطالبة برحيله وهي الفرصة الوحيدة لتحقيق مطالب الشعب الذي ترك أعماله ومنازله للدفاع عن حقه في وجود ديموقراطية وحرية وعدالة اجتماعية وحياة كريمة بعيدا عن الفقر والفساد والبطالة والمرض.
أما مينا ثروت أحد المشاركين فقال: مطالب الشعب واضحة في إنهاء فترة من القمع والفقر والبدء في فترة جديده تكون فيها السيادة للشعب ورفض فكرة ما قاله النظام خوفا من الإخوان أو الفوضي مؤكدا أن الإخوان وسط هذه الثورة الشعبية لا يمثلون شيئا وأن الجميع يتفهم أغراضهم وأهدافهم ولن يسمح لهم بالوصول إلي أي منصب.
لن نتحرك قبل تحقيق مطالبنا, هذا ما أكده يحيي إبراهيم في إصرار المعتصمين علي تحقيق مطالبهم برحيل النظام ورفض فكرة الترويج أنه بإخلاء منصب الرئيس سوف تحدث فوضي مشيرا إلي أن النظام واللجان الشعبية التي تقوم بحماية الممتلكات والمنشآت في غياب الأمن والمعتصمين يتفقون علي تسليم السلطة سلميا ووجود فترة انتقالية وتكوين لجنة من الحكماء لإنشاء دستور جديد وإجراء انتخابات نزيهة لرئيس الجمهورية.
أكد محمد عبدالله أنه ضمن مجموعه 25 يناير التي تواصل اعتصامها بالتحرير والتي انطلقت من خلال الفيس بوك من صفحة كلنا خالد سعيد للبحث عن عدالة اجتماعية ومطالبهم تزايدت إلي سقف أعلي بمشاركة جميع فئات الشعب حيث ارتفعت مطالبهم من مجرد مطالب اجتماعية إلي مطالب سياسية مؤكدا أنه لابد من حل مجلسي الشعب والشوري وإنشاء لجنة من الحكماء للاتفاق علي ميثاق دستور جديد وانتخاب رئيس الجمهورية.
أما خالد سليم وهو أحد المصابين في أحداث التحرير قال: هذه الثورة هي ثورة شبابية ليس لها علاقة بالأحزاب أو التيارات الدينية وكل ما نريد تحقيقه مطالب الشعب, مشيرا إلي أنه قادم من طنطا ولأول مرة يأتي لميدان التحرير لتحقيق مطالبهم لإنهاء الفساد والقضاء علي الفقر.
أما عمر عبده يختلف مع الآخرين وقال: الرئيس مبارك قدم مطالب الشعب ويتبقي له 6 أشهر قبل الرحيل ويجب إنهاء هذا الاعتصام لإنقاذ الوطن من الفوضي, مؤكدا أن كثيرا من شباب 25 يناير مقتنع بالمطالب التي تم تحقيقها حتي الآن.