تميزت جزيرة كابري وهي واحدة من جزر شبه جزيرة سورينتاين في الجهة الجنوبية من خليج نابولي في البحر التيراني وبالتحديد في إقليم كامبانيا المعروف بمنتجاته الغذائية في جنوب إيطاليا, وهي معروفة جدا في عالم السياحة الأوربي والإيطالي بشكل خاص, ,أحد أكثر المواقع جذبا لسياح منطقة نابولي والجنوب بشكل عام.
ويعود الفضل في شهرتها السياحية القديمة إلي الإغريق والرومان وخصوصا القادة والأباطرة, أما شهرتها الحديثة بدأت في القرن السابع عشر مع الفرنسي جان جاكو بوشارد الذي يعتبر أول سائح يأتي إلي الجزيرة تاريخيا, إذ أن معظم المعلومات التي أخذت عن الجزيرة لاحقا كانت تعود إلي يومياته وتعليقاته خلال وجوده هناك, وبعبارة أخري كان أول دليل سياحي للجزيرة الصغيرة والرائعة, والجزيرة أيضا من المنتجعات التي صمدت تاريخيا منذ أيام الجمهورية, أي الرومان قبل الميلاد, ومن أهم مدن أو بلدات الجزيرة التي لا يتعدي سكانها 13 ألف نسمة, بلدة كابري التي تحمي الجزيرة الأم, أما أهم معالمها فهي مارينا بيكولا الشهيرة والميناء الكبير مارينا جاردن, ولذا تعرف كثيرا بمنطقة أنا كابري العالية جدا, التي تطل منها علي كل من خليج نابولي وجبل تيبيريو والمناطق المحيطة, بالإضافة إلي الصخور والجبال البحرية كصخرة الروشة المعروفة بفراجليون, ومغارة جروتا وحدائق أغسطس الشاهقة.
أكد الجغرافي اليوناني من أماسيا في تركيا سترابو أيام الإمبراطور الروماني أغسطس في 27 قبل الميلاد, أن الجزيرة كانت جزءا لا يتجزأ من الأراضي الإيطالية وامتدادا لها, لكن كما أكد العلماء مؤخرا انفصلت المنطقة عن الوطن الأم وأصبحت جزيرة مستقلة في ذاتها, ولذا كانت مسكونة منذ قديم الزمان,وخاصة العصرين الحجري والبرونزي, وعثر علي الكثير من البقايا والآثار كالأسلحة والأواني والعظام في عدد من مواقع الجزيرة المهمة مثلا فيلا أغسطس.
تقول المعلومات التاريخية إن الإمبراطور نفسه أمر بعرض ما عثر عليه من آثار في حديقة قصر البحر الخاص به آنذاك, ويؤكد هذه المعلومات التاريخية المؤرخ الروماني سويطونيوس, الذي كان مستشارا للإمبراطور أدريان الشهير, وله أهم المؤلفات عن الإمبراطورية الرومانية الذي يشمل حياة وتجارب معظم قياصرة الإمبراطورية, وخص الإمبراطور أغسطس الجزيرة بمكانة خاصة فاختارها كأفضل الأماكن التي كان يقضي فيها أوقاته خارج روما, وبني فيها تحفة الفيلات الإيطال القديمة المطلة علي البحر, وتبعه في هذا التقليد الإمبراطور تيبيريوس الذي بني عدة فيلات مهمة في الجزيرة أيضا ومنها فيلا جوفيس التي تعتبر أهم الفيلات الإيطالية القديمة التي تم الحفاظ عليها, وانتقل تيبيريوس من روما إلي كابري تماما وأدار الإمبراطورية من الجزيرة حتي مماته عام 37 قبل الميلاد, ويبدو أن الجزيرة كانت مأهولة قديما بالمستوطنين اليونانيين الذين جاءوا من الجزر الأيونية في اليونان, وجمال موقع الجزيرة وروعة جبالها الشاهقة ومياهها البحرية النقية في الشمال, جذب خيرة الأباطرة الرومان إلي الجزيرة منذ زمن طويل, ولا تزال هناك الكثير من الشواهد الطبيعية والعمرانية علي هذا الوجود الروماني الذي أضاف إلي الجزيرة الكثير.
وبعد انسلاخ الجزيرة عن روما ووقوعها في الإطار السياسي لنابولي, تعرضت الجزيرة للكثير من الغزوات وهجمات القراصنة, ودخل الفرنسيون علي الخط والملك لويس الثاني نهاية القرن العاشر, وفي القرن الخامس عشر تمت معاملة المنطقة الإدارية لكابري والمنطقة الإدارية لأنا كابري بالمثل ووصلت هجمات القراصنة إلي أوجها كما يبدو أيام تشارلز الخامس, وتمكن الأدميرال التركي براباروسا حيدر الدين باشا من السيطرة علي الجزيرة لصالح إسطنبول مرتين في منتصف القرن السادس عشر وبعد السيطرة الفرنسية في بداية القرن التاسع عشر سيطر عليها البريطانيون, وكانت أهم قواعدهم البحرية العسكرية بعد جبل طارق آنذاك, وبسبب هذا الوجود أيضا عاش في الجزيرة الكثير من الفنانين والكتاب والفلاسفة الطليان والأوربيين, وعلي رأسهم الأديب الروسي مكسيم جوركي, وبني معظم هؤلاء فيلات خاصة بهم كما جرت العادة تاريخيا.
يمكن الوصول إلي كابري عبر العبارات المائية أو السفن التجارية والمروحية من نابولي وسورينتو وبوسيتانو وأمالفي, ومن نابولي يمكن استقلال القوارب من مولو بيفيريلو ومارجيلينا, وأحيانا تستغرق الرحلة من نابولي ثمانين دقيقة, أما في القوارب السريعة فنصف هذا الوقت, لكن أسرع رحلة هي من سورينتو التي لا تبعد أكثر من عشرين دقيقة في القارب السريع, وعادة ما ينقل القطار أو السكة القديمة الواصلين عبر القوارب إلي المارينا الكبيرة, إلي بلدة كابري أو ما يعرف بـكابري تاون.
ويمكن للزائر التبضع والتمتع بالحانات والمقاهي المنتشرة في كل مكان, كما أن منطقة لا بيازيتا من أهم المناطق في الجزيرة, إذ تطل رأسا علي جبل سولارو, ويمكن للسياح استقلال القارب أو استئجاره والقيام بجولة حول الجزيرة والجزر المجاورة وبعض الصخور الشاهقة والرائعة في المنطقة, ومشاهدة الحدائق والمحميات الطبيعية التي تضم أنواعا نادرة من الزهور والنباتات.