تعد ظاهرة انتشار الأفراح والمآتم بالشوارع إحدي المظاهر التي تشكل ثقافة خاصة للمناسبات الشعبية, فلم يعد الأمر مقتصرا علي فئة مجتمعية بعينها بل أصبح منتشرا بين كافة الفئات من الأحياء, وفي تقرير للجهاز المركزي للتعبئة والأحصاء إنه في عام2007 تم عقد 66ألفا و426 عقد زواج مع اختلاف الأماكن التي تقام بها, سواء الأفراح أو المآتم حسب نوع الطبقة,حول هذا الموضوع أجرتوطني هذا التحقيق.
في البداية قال إبراهيم أحمد شعلان أستاذ الأدب الشعبي والجامعات العربية سابقا:يعود الاحتفال بالمناسبات لدي المصريين منذ القدم,فالمناسبات لدي المصريين لها دور اجتماعي,وترفيهي,وكذلك الحال فالفرح والمآتم هدفهما هو مشاركة الناس في هذه المناسبات,والوقوف بجوار بعضهم البعض,فالمجتمع الريفي البسيط يعبر عن أفراحه بإقامتها في شوارع القرية,أو داخل منزل أحد الأقارب الذي يتسع لكل الأحباب والأقارب,وممارسة طقوس خاصة بمعتقداتهم وموروثاتهم,كالحناء للعروسين وغيرها.
أضاف شعلان:في المجتمع الريفي يتسم المآتم بالحزن الشديد واستئجار الندابات,خاصة في الصعيد,ويمتد المآتم لأكثر من يوم,تعبيرا عن الحزن الشديد,أما في المدنية يختلف الأمر بتباهي أصحاب المآتم بعمل تذكار الأربعين بالمغالاة في التذكار,كنوع من الدلالة عن قيمة المتوفي.
المغالاة في الاحتفالات!
من جانبها قالت مني الصواف مدرسة علم النفس التربوي بكلية البنات بجامعة عين شمس إن الاحتفال بالمناسبات يعد قديما,ولكن اختلف الأسلوب بالاحتفال, ففي الوقت الحاضر ظهرت مناسبات لم يكن يهتم بها المجتمع المصري, فأصبح التفكير سطحيا والاهتمام بالشكل علي حساب المضمون,حتي في العزاء أصبح مبالغا فيه للغاية,ومن الممكن الاستغناء عن تلك التكاليف الباهظة في عمل الخير كالصدقات والتبرعات للأيتام والمرضي للاستفادة منها.
أشارت الصواف أن المواطن المصري أصبح لا يشعر بالآخر, فغياب ثقافة الإحساس بالآخر تكاد تكون منعدمة,فنحن في حاجة إلي غرز ثقافة القيمة وليس المظهر, ولابد من زيادة الوعي للجيل القادم بالضرورة علي تحديد الأولويات,والتأكيد علي الاحترام للنفس.
القانون واستغلال الشارع!
وعن الشق القانوني قال محمد منيب رئيس المركز الأفريقي للديموقراطية ودراسات حقوق الإنسان إن استغلال الطريق في عمل سرادقات سواء للأفراح أو المآتم يتم تحرير العديد من المحاضر وعمل غرامات مالية من قبل الحي التابع له صاحب الفرح أو المآتم,كما يتم تحرير مخالفة استهلاك كهرباء بدون ترخيص,ولابد أن يتم سداد قيمة الاستهلاك, فإذا لم يتم السداد من صاحب السرادق ويتم تحويل الغرامة والمحضر إلي قضية تنظر فيها محكمة الجنح,بتهمة سرقة تيار كهربائي,لحين السداد توقف تنفيذ العقوبة,وفي حالة عدم السداد تتم المعاقبة بحكم مثل حكم السارق, والعقوبة تتراوح بين ثلاثة أشهر حتي7سنوات طبقا لتقدير القاضي,وفي أغلب الأحيان لا يصل الأمر إلي العقوبة ويتم الاكتفاء بسداد الغرامة.
مرض حب الظهور!
أشار الدكتور مايكل النميسي طبيب نفسي وباحث بمعهد المشورة إلي أن الغالبية من الشعب المصري أصبح لديه ميلا عاما لحب الظهور بدرجة مرضية, وهذا ما يجعل الكثيرين يسعون لعمل الأفراح والمناسبات بالشارع والطريق,وتتم المنافسة الدائمة علي إظهار الجديد والملفت للأنظار,ويرجع السبب في ذلك إلي الضغط النفسي والشعور الداخلي للفرد بعدم جدوي وأهمية الحياة, وعدم الرضا هم الدوافع وراء المحاولات المستمرة للتباهي والظهور بأشياء سطحية خارجة علي شخصيتهم.