في مجال ثقافة التنمية دخلت أطراف جديدة لازالت ثقافة التنمية في المجتمع تتخذ منها مواقف متناقضة أو متشككة فالقطاع الأهلي أو الجمعيات الأهلية والهيئات الدولية أصبحت أطرافا فاعلة في توجيه وتنفيذ برامج التنمية وكذلك قوي القواعد الشعبية المحلية من عموم المواطنين أصبح لهم دور في تحديد احتياجاتهم واتخاذ قرارات تنمية مجتمعاتهم,ومع ذلك فإن الحكومة كطرف رئيسي قديم مازالت قلقة ومعوقة وأحيانا منافسة لأداء الدور التنموي لتلك الأطراف.ومن ناحية ثالثة فإن مفهوم التنمية البشرية الذي يهدف إلي تحسين الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية لعموم أبناء المجتمع أصبح يستخدم بكثرة في توجيه عمليات التنمية ومع ذلك فإن تحقيق التنمية البشرية بهذا المعني يركز علي تحسين نوعية الحياة في جانبها الخدمي وليس الإنتاجي فزيادة أعداد من يجيدون القراءة والكتابة محو الأمية لايتعادل مع زيادة القدرات الإنتاجية والإبداعية للمواطنين ,وبذلك فإن هذه التنمية البشرية تزيد الأعباء دون إسهام حقيقي في إنجاز الهدف.
وفي مجال هدف التنمية أيضا نرفع شعار التنمية المستقلة المعتمدة علي مواردنا المحلية والمستندة إلي الدعم والمشاركة المجتمعية ,لكننا نلاحظ توجيه التنمية نحو الدعم الخارجي من أموال المنح والقروض ليس فقط من قبل استقبال الجمعيات الأهلية.ولكن أيضا من قبل استقبال البرامج الحكومية لهذه المنح والقروض.
إن ثقافة التنمية في مجتمعنا تحتاج إلي إعادة ترتيب لنصل إلي إجماع عام حول الطريقة التي نرتضيها لتنمية مجتمعنا.ونحن لا ندعو هنا إلي رؤية أحادية لكل قوي المجتمع فنحن في عوالم التعددية ونؤمن باستمرارها لأن ثقافة أي مجتمع وثقافة تنميته يجب أن تتشكل من مساهمات كل القوي الإيجابية فيه ولكن الثقافة لن تستحق هذا الوصف.إذا ما كانت رؤي مبعثرة يأكل بعضها البعض.إن ثقافة التنمية في مجتمعنا أي الطريقة العامة التي ارتضاها عموم المجتمع يجب أن توجد لها حدود دنيا للإجماع ,وإلا أصبحت ثقافات فرعية مضادة لبعضها الآخر.
من المنطلق السابق نحن نحتاج إلي جهود لتنمية الثقافة أي لتطوير رؤيتنا المشتركة لتحقيق التنمية إن هناك جهود يتم بذلها في إطار تنمية ثقافة التنمية لعل أهمها ما يقدمه علماؤنا من سيناريوهات مستقبلية وخطط طويلة الأمد في جوانب عديدة من حياة مجتمعنا.إن معهد التخطيط القومي مؤسسة واعية في إدارة الحوار فيما يعرف بسيمنار الثلاثاء الذي يضم خيرة علمائنا ويشغلهم ببناء تصورات للمستقبل.
وهناك أسماء كثيرة لامعة ذات جهود خلاقة في هذا الاتجاه سواء قدموا جهودا إبداعية مستقلة أو جهودا قائمة علي طلب من الحكومة أو جهات معنية أخري.إن كتابات إسماعيل صبري عبد الله وإبراهيم العيسوي وعبد الباسط عبد المعطي وعلي ليلة وغيرهم تعد نماذج لسيناريوهات مستقبلية يجب أن نستخدمها بوعي وعناية كمادة دسمة للحوار والمناقشة والنقد خلال التجمعات التدريبية والتنويرية التي تملأ أجواء الأنشطة التنموية ليس فقط علي المستويات القومية كتجمع حوار الحضارات الذي تنظمه الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية والمستويا الإقليمية,بل وعلي المستويات المحلية في مدن وأحياء وقري مجتمعنا المصري.
إن الجمعيات الأهلية وإدارات التدريب بمؤسساتنا الحكومية تنفذ العديد من الحلقات التدريبية وحلقات النقاش وورش العمل والندوات والمؤتمرات وأظن أن هذه الأنشطة أصبحت الآن جزءا من ثقافة التنمية في مجتمعنا.وثقافة التدريب والتنوير وهذه يغيب عنها الحضور المؤسسي لجامعاتنا التي مازالت تتقاعس عن المشاركة الفاعلة في عمليات التدريب والتنوير من خلال قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة بالجامعات.إن آليات التدريب والتنوير للقطاعات المجتمعية بواسطة أساتذة الجامعات المؤهلين والمنطلقين من الوحدات ذات الطابع الخاص من داخل الجامعات نفسها,هذه الآليات هي القادرة أكثر من غيرها علي استخدام المادة العلمية الدسمة التي ينتجها علماؤنا ومفكرونا في صورة سيناريوهات مستقبلية.إن ذلك يمكن أن يساعد بفاعلية في تنمية الثقافة بما يحقق فاعلية وانتشار ثقافة التنمية.