ميرفت أيوب
كنيسة مارمينا -الواقعة بحى إمبابة بالجيزة والمحاطة بمنازل يقطن أغلبها الأقباط- شهدت السبت الماضيى (الرابعة بعد الظهر) أحداث عنف طائفية, حيث فوجئ الأقباط بالمنطقة بمجموعة تتكون من 25 مسلم سلفى يتجمعون فى أرض خالية ملك للكنيسة ويقيمون فيها صلاة العصر.. وبعدها بدأوا يهتفون ##الله أكبر.. الله أكبر##.
وفى نفس الوقت توجه مجموعة من الشيوخ وكبار المسلمين (حواليى 8) إلى كنيسة مارمينا وسألوا كاهن الكنيسة القس أبانوب جاد الرب عن فتاة من أسيوط قد تحولت إلى الإسلام ونما إلى علمهم أنها محتجزة فى الكنيسة.. وطالب السلفيون القس أبانوب بضرورة تسليم هذه الفتاة, ولكن القس أبانوب نفى احتجاز الكنيسة لأى أحد, حتى أنه دعاهم للبحث بأنفسهم داخل الكنيسة وفى مبنى الخدمات المجاور حتى يتأكدوا.. وبالفعل تم البحث, وأعلن الشيوخ أنهم لم يجدوا الفتاة المتحولة للإسلام.
أثناء ذلك, تكاثرت المجموعة السلفية الأولى لتصل إلى الألاف, حاملين حقائب قال شهود العيان إنها تحتوى على أسلحة.. لذلك قرر مجموعات من الشباب القبطى أن يؤمنوا الكنيسة, فأخذوا كل المقاعد الخشبية ووضعوها فى الشوارع المؤدية إلى الكنيسة لعمل حواجز أمنية أمام أى شخص يفكر فى الهجوم على الكنيسة.. حتى عربة الشرطة التى كانت متواجدة فى المنطقة ولكن فيما بعد تركها رجال الشرطة استخدمت مع سيارة أخرى صاحبها مدرس قبطى لسد الطريق, وبذلك أصبحت أقرب نقطة يمكن منها المرور إلى الكنيسة تبعد عنها حوالى 50 متر.
واستعد الأقباط من سكان المنطقة للدفاع عن أنفسهم وعن منازلهم بالزجاج والعصى والحجارة وأى شئ يمكن الاستفادة به للدفاع عن النفس.
وبدأ هجوم السلفيين الفعلى على الكنيسة السابعة مساءًً, ووجد السلفيون أنه من المستحيل الوصول إلى الكنيسة.. وبالرغم من ذلك حاصروها من جميع الجهات, وبدأوا فى إلقاء كرات نارية وزجاجات مولوتوف على الكنيسة والبيوت المجاورة.. ورد الأقباط بإلقاء زجاج وحجارة, وبعض الأقباط ممن يمتلكون أسلحة نارية أطلقوا برصاص فى الهواء, ولكن لم تحدث أى إصابات لوجود الحاجز الممتد بعرض 50 متراًً.
الكرت النارية أشعلت النيران في عدد من منازل الأقباط ومحالهم وسياراتهم.. وكان من المستحيل أن تصل إلي المكان أى عربات إطفاء, وأعتمد الأقباط على أنفسهم فى إطفاء الحرائق.
وعندما لم تنجح محاولات السلفيين فى أقتحام كنيسة مارمينا, توجهوا إلى كنيسة السيدة العذراء بشارع الوحدة مرددين هتافات ##نريدها إسلامية.. إسلامية##, ##النصارى أعداء الله.. الله أكبر.. الله أكبر##, وحرقوا الكنيسة.
واستنجد الأقباط بالشرطة والجيش, ولكن لم يصل أحداً إلى المكان إلا العاشرة مساءًً, ولم يبدأ التصدى لمثيرى الشغب حتى الحادية عشر.. راح ضحية هذه الأحداث حتى الأثنين 9/ 5 حوالى خمسة عشر فرد -منهم 7 أقباط- وأصيب أكثر من 234 -كان ضمن الضحايا صلاح عزيز شقيق إسحق عزيز العامل بوطنى- والذى أحترق داخل كنيسة السيدة العذراء.. ومن ضيق وإزدحام المنطقة لم تتمكن أى عربة إسعاف من الدخول, فحمل أهالى المنطقة المصابين لنقلهم إلى المستشفيات إما بسياراتهم الخاصة وإما بموتوسيكلات.
واستمر القتال حتى الساعة الأولى من يوم الأحد, وتوقف عند الفجر.. ولكن هذه المرة كانت قوى الأقباط قد استنزفت, واستطاع وقتها السلفيون أقتحام عدة منازل ومحال, وبدأت أعمال النهب والحرق.. فى واحدة منهم, ألقوا أثاث شاب وفتاة مقبلين على الزواج من النافذة.. وفى حالة مأساوية أخرى, هاجم السلفيون منزل نشأت رتيب -تاجر فى الخمسينيات من عمره -وأشعلوا فيه النيران أدى ذلك إلى أنه ”نشأت” قفز من شرفته ليلاقي حتفه.. ولأن الحريق كان قد سد باب المنزل, ألقى الثلاثة الذين هاجموا رتيب بأنفسهم من الشرفة أيضاًً ولقوا حتفهم.
وفى صباح اليوم التالى (الأحد) أحاط الجيش بالمناطق الرئيسية فى إمبابة فى محاولة منهم لمنع أى تجمهر.. ولكن القتال استمر فى الشوارع الجانبية, وأضطر العديد من الأقباط من الهروب من المنطقة ومن بيوتهم للنجاة بحياتهم.
وأعلن المجلس العسكرى الحاكم أنه تم القبض على 190شخصاً أثناء أحداث العنف الطائفى فى إمبابة ليقدموا إلى محاكمة عسكرية, وكل الخسائر والتلفيات من جراء هذه الأحداث سوف يتم تعويضها من الجيش.