يسود الهدوء من جديد في وادي سوات في باكستان, فهذا الوادي الذي غالبا ما يقارن بسويسرا نظرا إلي جباله ومروجه الخلابة, تحول إلي ساحة حرب في العامين الماضيين,إذ كان مقاتلو طالبان يشنون انطلاقا منه معارك ضارية ضد عناصر الجيش,لقد توقفت هذه المعارك, إنما السبب هو أن الحكومة الباكستانية وافقت علي بعض المطالب الأساسية للمقاتلين, وأبرزها إنشاء محاكم إسلامية في المنطقة,تكثر المخاوف من أن يؤدي ذلك إلي تدمير مدارس النساء, وحظر الأفلام, وتفشي قطع الرؤوس علي مرأي من الجميع.
المقاتلون أشرار, وهذا خبر سيئ, غير أن السؤال الأصعب هو: ماذا يجدر بنا نحن ــ العالم الخارجي ــ أن نفعل حيال الأمر؟ معارضتنا الشديدة لهؤلاء الأشخاص وأفكارهم وممارساتهم أمر مفروغ منه, لكن كيف يجب أن نعارضهم بالضبط؟
في باكستان وأفغانستان, فعلنا ذلك إلي حد كبير عن طريق مهاجمتهم, مباشرة بواسطة الجنود الغربيين والهجمات بطائرات ##بريدايتور##, وبصورة غير مباشرة من خلال التحالف مع القوات الباكستانية والأفغانية,هل الجواب هو في إرسال مزيد من جنودنا وتدريب مزيد من الجنود الأفغان , وتوسيع برنامج بريدايتور لضرب عدد أكبر من الأشرار؟ ربما وفي بعض الحالات, نعم بالتأكيد لكنني أظن أن الأمر يستحق أيضا عناء العودة إلي الوراء ومحاولة فهم ظاهرة الراديكالية الإسلامية.
ليس وادي سوات المكان الوحيد الذي يصعد فيه الإسلاميون,ففي أفغانستان أحرزت حركة طالبان تقدما في العامين الماضيين أيضا,وفي الصومال استولت مجموعة محلية من المقاتلين الإسلاميين تعرف بـ##الشباب## الأسبوع الماضي علي بلدة إضافية كانت تحت سيطرة القوات الحكومية, تظهر التقارير من نيجيريا إلي البوسنة فإندونيسيا أن الأصوليين الإسلاميين يلقون دعما لأجندتهم داخل مجتمعاتهم, وتشمل هذه الأجندة عادة تطبيق شكل من أشكال الشريعة يعكس تفسيرا متزمتا للإسلام. لا موسيقي, لا كحول, لا تدخين, ولا تحرير للمرأة.
المجموعات التي تنادي بهذه السياسات هي قوي قبيحة ورجعية سوف تعوق تقدم بلدانها وتلحق العار بديانتها, لكن لا ينادي كل هؤلاء الإسلاميين بالجهاد العالمي أو يأوون إرهابيين أو يشنون عمليات ضد العالم الخارجي, في الواقع, معظمهم لا يفعلون ذلك, فلنأخذ علي سبيل المثال الحالة الأصعب أي حركة طالبان, لقد قامت طالبان بمختلف الأشياء المروعة في أفغانستان, لكن حتي الآن لم يكن لأي عنصر من حركة طالبان الأفغانية مشاركة مهمة في هجوم إرهابي عالمي في الأعوام العشرة الماضية, بما في ذلك هجمات 11 سبتمبر, لا شك في أن هناك عناصر من حركة طالبان علي صلة وثيقة بتنظيم القاعدة,غير أن طالبان حركة واسعة, وهناك فصائل كثيرة لا يجمعها رابط قوي بأسامة بن لادن, يريد معظم عناصر طالبان حكما إسلاميا علي الصعيد المحلي لا جهادا عنيفا علي الصعيد العالمي.
كيف يمكن وصف القاضي فيصل أحمد شينواري في أفغانستان؟ لقد منع النساء من الغناء علي شاشات التلفزيون, ودعا إلي وضع حد لكل المحطات الفضائية الكيبلية. وتحدث علنا ضد تعليم الذكور والإناث في المدارس نفسها أيا كان سنهم, وأيد عقوبة الإعدام لصحفيين أدينا بالتجديف. (جريمتهما هي أنهما كتبا أن تحول أفغانستان نحو الإسلام هو خطوة ##رجعية##).
يبدو شينواري مثل مقاتل إسلامي, أليس كذلك؟ في الواقع, لقد جري تعيينه كبير القضاة في المحكمة العليا الأفغانية بعد الاجتياح الأمريكي, وأدي حامد كرزاي اليمين الرئاسية أمامه, ولم يغادر منصبه إلا قبل ثلاث سنوات.
لو نادي شينواري بآراء غربية ليبرالية, لما تمتع بالكثير من المصداقية داخل بلاده. الحقيقة ــ التي توحي بالأسوأ في نظري ــ هي أن الإسلام الراديكالي اقتطع لنفسه حيزا قويا في المخيلة المسلمة,وقد حقق ذلك لمجموعة من الأسباب المعقدة التي كتبت عنها سابقا, غير أن السبب الأساسي هو فشل البلدان الإسلامية في التطور علي الصعيد السياسي أو الاقتصادي, انظروا إلي باكستان, فهي لا تستطيع توفير الأمن أو العدالة أو التعليم لعدد كبير من مواطنيها,وكرس سياسيوها المنتخبون وقتهم كاملا للتآمر بهدف إلقاء خصومهم في السجون وحمل المحاكم علي إسقاط تهم الفساد الموجهة إليهم,نتيجة لذلك, وبعد شهر فقط من تولي الرئيس آصف علي زرداري منصبه بلغت نسبة التأييد له حوالي نصف نسبة التأييد للرئيس برويز مشرف خلال الجزء الأكبر من ولايته, تخسر الدولة شرعيتها وكذلك القدرة علي ممارسة الحكم فعليا.
لنتوقف عند وادي سوات مثلا كان الوادي مكانا سلميا علي مر التاريخ يتمتع باستقلال ذاتي داخل باكستان (بموجب ترتيب فيدرالي غير محكم), وكان يطبق نسخة معتدلة من الشريعة في محاكمه,عام 1969 تم رسميا تطبيق القوانين الباكستانية علي المنطقة,وعلي مر السنين أصبح أداء المحاكم الجديدة سيئا, وباتت تعتمد التأجيل لفترات طويلة واستشري فيها الفساد,وخسرت الحكومة مصداقيتها بسبب الخلل الوظيفي في الحكم,وأصبح لدي بعض الأشخاص حنين إلي العدالة البسيطة ولو الهمجية أحيانا لمحاكم الشريعة القديمة,وانطلقت في مطلع التسعينيات من القرن الماضي حركة تطالب بإعادة العمل بهذه المحاكم, فوقعت حكومة بي نظير بوتو اتفاقا مع صوفي محمد, رجل الدين نفسه الذي أبرمت الحكومة الحالية اتفاقا معه, لإعادة العمل ببعض جوانب نظام محاكم الشريعة, (لم ينجح ترتيب بوتو, وتجددت الاحتجاجات بعد سنوات قليلة), لن يقول سكان الوادي في غالبيتهم الساحقة أن الهدنة الحالية هي النتيجة المفضلة بالنسبة إليهم,لقد صوتوا في الانتخابات الأخيرة لحزب علماني,لكن إذا كان العلمانيون يجلبون الفوضي والفساد, فسوف يختار الناس من يفرضون النظام.
كان علي المقاتلين الذين يحاربون الجيش (بقيادة صهر صوفي محمد) أن يقبلوا بالاتفاق,تأمل الحكومة الباكستانية أن يعزل هذا الاتفاق الجهاديين, ويسمح لها بأن تكسب تأييد الرأي العام من جديد,قد لا ينجح ذلك لكنه يمثل علي الأقل مجهودا لتقسيم معسكرات الإسلاميين بين من هم عنيفون ومن هم متطرفون وحسب.
في الأعوام الثمانية الماضية اعتبر هذا التمييز ساذجا , وبحسب وجهة النظر الأولي لإدارة بوش كانت كل المجموعات الإسلامية هي نفسها وكان أي تمييز أو محاولة لإظهار الفوارق الدقيقة يعتبر بأنه نوع من الاسترضاء,إذا لم يكونوا هم أنفسهم إرهابيين, فعلي الأرجح أنهم يأوون إرهابيين,لكن كيف ننظر إلي أفغانستان وباكستان اللتين ##تأويان## إرهابيين لكنهما ليستا دولتين إرهابيتين؟
لا شك في أن القوة هي الحل الوحيد حيث هناك خلايا ومقاتلون تابعون لتنظيم القاعدة,غير أن معظم التقديرات لأعداد مقاتلي القاعدة في باكستان لا تتخطي بضعة آلاف,هل هؤلاء هم الأشخاص الوحيدون الذين نقصفهم؟ هل القصف ــ من جانب الأمريكيين ــ هو الحل الأفضل؟ لقد ولدت الهجمات بواسطة طائرات بريدايتور اقتناعا لدي الجزء الأكبر من السكان المحليين بأنهم يتعرضون للهجوم من أمريكا وسببت ردة فعل قومية ضدها,يلقي عدد قليل من عملاء القاعدة مصرعهم, غير أن الدعم العام للمعركة ضد التطرف يتراجع في مناطق الباشتون الحيوية في باكستان, فهل هي مقايضة جيدة؟
أقحمنا أنفسنا في معارضة مسلحة للأصوليين الإسلاميين من شمال أفريقيا إلي إندونيسيا, مما جعل المشروع بكامله يبدو وكأنه صدام حضارات, ويا له من صدام عنيف, لا شك في أن الكثير من الطغاة المحليين يفضلون استخدام القوات المسلحة الأمريكية لهزيمة أعدائهم الذين قد يكون بعضهم جهاديا إنما بعضهم الآخر ليس كذلك,في كل أنحاء شمال أفريقيا تدعم الولايات المتحدة وقوي غربية أخري أوتوقراطيين علمانيين يزعمون أنهم يحاربون القوي الإسلامية المعارضة, وفي المقابل لم يفعل أولئك الحكام الكثير لإنجاز الإصلاح الحقيقي أو بناء الدولة أو تحقيق الانفتاح السياسي.
في الجزائر, بعدما فاز الإسلاميون في الانتخابات عام 1992نفذ الجيش انقلابا عسكريا, وجري حظر الإسلاميين, فاندلعت حرب أهلية طويلة أسفرت عن مقتل 200 ألف شخص, ومنذ ذلك الوقت أصبحت المعارضة أكثر قتالية, واصطف بعض العناصر إلي جانب تنظيم القاعدة في هذا البلد حيث لم تكن للمعارضة أية مصالح عالمية من قبل.
اتخذت الأحداث منحي مختلفا في نيجيريا,حيث ارتقي الإسلاميون إلي السلطة علي المستوي المحلي,فبعد انتهاء الحكم العسكري عام 1999, اختارت 12 ولاية من أصل 36 في نيجيريا تطبيق أحكام الشريعة, وصل رجال دين راديكاليون من الشرق الأوسط لنشر تفسيرهم المتزمت للإسلام,وراحت الميليشيات الدينية مثل ##عصبة ولاية كانو## تجري دوريات في الشوارع وتهاجم من يتهرب من أداء الصلاة أو يخالف قواعد اللباس الدينية أو يشرب الكحول,وحكم علي الكثير من النساء المتهمات بالزنا بالرجم بالحجارة حتي الموت,في عام 2002 شجبت مجلة ويكلي ستاندرد ##طلبنة غرب أفريقيا##, وأبدت خشيتها من أن نيجيريا ##هذا العملاق في أفريقيا جنوب الصحراء## قد تصبح ##ملاذا للإسلاموية علي صلة بالمتطرفين الأجانب##.
لكن عندما أرسلت صحيفة نيويورك تايمز مراسلة إلي ولاية كانو في أواخر 2007 وقعت علي مشهد مختلف تماما عن ذاك الذي أمعن محللو السياسات في وزارة الخارجية الأمريكية في تصويره,فقد خلصت المراسلة ليديا بولجرين إلي القول إنه يبدو أن الثورة الإسلامية التي أوحت إلي حد كبير بأنها ستجري تحولا في شمال نيجيريا في الأعوام الأخيرة وصلت ثم اختفت. وأصبحت العصبة ##مجرد حراس عبور معظمين##, وبات عناصرها يلازمون ثكناتهم إلي حد كبير, ويكلفون مهمات حميدة مثل توجيه حركة السير ومساعدة المشجعين للوصول إلي مقاعدهم في مباريات كرة القدم. ونادرا ما كانت عقوبات البتر والرجم التي تحظي بدعاية واسعة, توضع موضع التنفيذ (مع العلم بأن الجلد كان شائعا),وأكدت تقارير إخبارية أخري هذه الصورة الأساسية.
لم يصبح السكان أقل تدينا فالمساجد كانت لاتزال تكتظ بالمتدينين في أوقات الصلاة, وكانت كل النساء المسلمات تقريبا يذهبن إلي الصلاة محجبات, غير أن الحكومة ساعدت علي التلطيف من حدة الشريعة عبر حظر الميليشيات الدينية, ولم تكن لدي الشرطة النظامية مصلحة في تطبيق أحكام الشريعة بحذافيرها, علاوة علي ذلك ومع مرور الوقت فضح رياء بعض أشد المدافعين عن الشريعة,وخضع بعضهم للتحقيق بتهمة اختلاس مبالغ طائلة.
لدينا ردة فعل فورية وعنيفة حيال كل من يبدو بأنه متعصب إسلامي هذا مفهوم,فعدد كبير من الإسلاميين متعصبون ورجعيون ومتطرفون (وهناك آخرون دجالون وانتهازيون),لكن ذلك يمكن أن يعمينا أحيانا عن الأساليب التي قد تثبت أنها مفيدة في المعركة الأوسع ضد الإرهاب الإسلامي,أمضت إدارة بوش ولايتها الأولي في خوض حديث نظري وتجريدي إلي حد كبير عن الإسلام الراديكالي وشروره, ولايزال المفكرون المحافظون ينطقون بهذا الخطاب المتشبث بآرائه,لكن بحلول الولاية الثانية, كانت الإدارة قد بدأت تتخبط مع تعقيدات الإسلام علي الأرض, وتحول بوش نحو اتباع سياسة أكثر تطورا ومراعاة للتفاصيل الدقيقة حيال الإسلام السياسي في البلد الوحيد الذي كان يستحيل فيه تجنب الحقيقة, أي العراق, هو مؤشر معبر.
بعد اجتياح العراق بحث الأمريكيون عن حلفاء محليين ولا سيما مجموعات سياسية يمكن أن تصبح الوجه العراقي للاحتلال,وتبين للإدارة أن 30 عاما من حكم صدام حسين ــ وهو مستبد علماني فاشل ــ لم تترك في المعارضة سوي الإسلاميين المتشددين,فأنشأت شراكة مع هذه المجموعات التي كان معظمها أحزابا شيعية تستند إلي نموذج التنظيمات الدينية المتشددة في إيران, ووافقت علي سيطرتها علي الجزء الأكبر من جنوب العراق الذي يشكل المعقل الأساسي للشيعة,وكانت النسخة الصارمة من الإسلام التي طبقتها تلك المجموعات في هذه المنطقة مشابهة إلي حد كبير لما نجده في إيران اليوم, وأكثر تطرفا منه في بعض الحالات,جري حظر الكحول وفرض علي النساء تغطية أنفسهن من الرأس حتي أخمص القدمين وتعرض المسيحيون للاضطهاد, وأصبحت الانتماءات الدينية السبيل الوحيد للحصول علي وظيفة حكومية, بما في ذلك الأستاذية في الجامعة.
فيما يتلاشي جزء من هذا التزمت, يبقي جنوب العراق مكانا مظلما,لكنه ليس بؤرة للجهاد,وبينما تنضج العملية الديموقراطية, ربما يمكننا أن نأمل بأن تتكرر هناك نسخة ما من الرواية النيجيرية, يقول المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي.آي.أيه), رويل مارك جيريشت: ##من الصعب تسليم السلطة إلي أشخاص غير ليبراليين, يجب أن ندرك أن الهدف هو هزم الـ بن لادنية, ويجب تحقيق تقدم, لا يكمن الحل لدي المسلمين المعتدلين, رجال الدين الشيعة والأصوليون السنة هم الذين سينقذوننا من تكرر أحداث 11 سبتمبر في المستقبل##.
أقامت إدارة بوش شراكة من جديد مع الأصوليين في حرب العراق, هذه المرة في الحزام السني,عندما بلغ القتال أشده, بدأ المسؤلين في الإدارة الأمريكية يتحدثون مع بعض الأشخاص في الطائفة السنية الضالعين في التمرد, كان عدد كبير منهم مقاتلين إسلاميين تقليديين, في حين كان آخرون مجرد بعثيين سابقين أو زعماء قبائل,وساهمت استراتيجية مكافحة التمرد التي وضعها الجنرال ديفيد بترايوس في تسريع وتيرة هذه العملية,يقول فواز جرجس وهو باحث في كلية سارة لورنس أجري مقابلات مع مئات المقاتلين المسلمين: ##السبب الأساسي وراء فوزنا في الحرب في العراق هو فصل المقاتلين المحليين عن الجهاديين العالميين, لكن حول العالم ما زلنا غير مستعدين للتمييز بين هاتين المجموعتين##.
هل يمكن أن تنجح استراتيجية مماثلة في أفغانستان؟ يقول ديفيد كيلكولن, وهو خبير في مكافحة التمرد كان مستشارا لبترايوس: ##قال لي زعماء قبائل ومسئولون حكوميون أفغان في المحافظات والأقاليم, إن 90 % من الأشخاص الذين نصنفهم في خانة طالبان هم في الواقع مقاتلون قبليون أو قوميون من الباشتون أو أشخاص ينفذون أجنداتهم الخاصة,أقل من عشرة بالمائة ينضوون إيديولوجيا تحت لواء مجلس شوري طالبان في كويتا (مجموعة بقيادة الملا عمر) أو تنظيم القاعدة##,ويقول عن هؤلاء الأشخاص إنه ##من شبه الأكيد أنه يمكن استمالتهم في ظل بعض الظروف##, ويضيف كيلكولن: ##هذا ما فعلناه في العراق إلي حد كبير,تفاوضنا مع 90 % من الأشخاص الذين كنا نحاربهم##.
وأبعد من أفغانستان أيضا من الضروري أن نعتمد استراتيجية أكثر تطورا في التعاطي مع الإسلام الراديكالي,يجب أن يكون هذا بديهيا بالنسبة إلي الرئيس أوباما الذي غالبا ما تحدث خلال الحملة عن الحاجة إلي مقاربة متميزة حيال البلدان الإسلامية, حتي معهد واشنطن, وهو مركز أبحاث ودراسات يعبر غالبا عن آراء المحافظين, يبدو مؤيدا للفكرة.
سوف يصدر تقريرا هذا الأسبوع يتضمن جملة توصيات منها أن تستخدم الولايات المتحدة خطابا لا قتاليا وأكثر مراعاة للتفاصيل الدقيقة, يتفادي العبارات الشاملة مثل ##الحرب علي الإرهاب## و##التمرد العالمي## وحتي ##العالم الإسلامي##. فكل ما يسلط الضوء علي تنوع المجموعات والتيارات والدوافع في ذلك العالم يعزز الحجة التي تقول إنها ليست معركة بين الإسلام والغرب, يردد بن لادن باستمرار أن كل هذه المجموعات المختلفة هي جزء من الحركة العالمية نفسها, يجب ألا ننساق إلي لعبته, وأن نشدد بدلا من ذلك علي أن عددا كبيرا من هذه القوي محلي ولديه مظالم خاصة به, وليست هناك الكثير من القواسم المشتركة بينها.
لا يعني ذلك أنه علينا أن نوافق علي إحراق مدارس الفتيات أو رجم المجرمين بالحجارة,فإدراك حقيقة الإسلام الراديكالي مختلف كليا عن تقبل أفكاره, يجب أن ندافع بجرأة وحيوية عن آرائنا وقيمنا, ويجب أن نبذل جهودا حثيثة لتطبيق سياسات تقود إلي نجاح هذه القيم, غالبا ما تكون هذه الجهود, إعادة بناء هيكليات الدولة, وتوفير تعليم علماني, وكبح الفساد, صعبة وتستغرق وقتا, لكن يجب أن نساعد المجتمعات علي بذلها,ومجرد أننا نعمل في هذه البلدان علي تحقيق هذه المسائل, ولا نكتفي بالقصف والقتل والاعتقال, قد يساهم في تغيير الأجواء التي تحيط بالتدخل الأمريكي في هذه المعركة.
ليس الحجاب مثل الحزام الناسف, يمكننا أن نحقق قيمنا بطريقة أفضل إذا أدركنا السياق المحلي والثقافي, وعرفنا أن الناس يريدون إيجاد توازنهم الخاص بين الحرية والنظام, بين الحرية والحصول علي الترخيص.
في نهاية المطاف, الوقت لمصلحتنا, لقد خسرت الـ بن لادنية بعضا من زخمها في كل البلدان الإسلامية تقريبا,وهذا ما سيحل أيضا بالإسلام الراديكالي. فأينما يجرب ــ في أفغانستان والعراق وأجزاء من نيجيريا وباكستان ــ سرعان ما يسأم الناس من سحره, الحقيقة هي أن كل الإسلاميين, سواء كانوا عنيفين أم لا, لا يملكون أجوبة عن مشاكل العالم الحديث,وليست لديهم نظرة عالمية ترضي تطلعات الرجال والنساء العصريين, أما نحن فبلي, وهذا هو أقوي سلاح علي الإطلاق.
نيوزويك